الفقه والواقع المعاصر: هل يلزم الطلاق في حالة العقد البراني؟ المجلس الإسلامي للافتاء يجيب
فتاة تسأل وتقول: أنا فتاة معقود عليّ بعقد شرعي – غير رسمي -أو ما يسمّى بعرفنا املاك براني، والآن نحن على مفترق طرق بمعنى أنّنا قررنا الانفصال وعدم الاستمرار، فهل يلزم أن يطلقني العاقد في هذه الحالة وهل يلزم أن يوقع الطلاق أمامي أم يكفي أمام شاهدين، نرجو الافادة؟
الجواب: الحمد لله والصّلاة والسّلام على سيّدنا محمّد رسول؛ وبعد:
أولا نشكر لك هذا التحري والوقوف عند حدود الشرع بالرجوع إلى أهل العلم قبل الشروع بالفعل، وهذا وللأسف ما يهفو ويغفل عنه كثير من النّاس بحيث لا يتذكروا الرّجوع إلى الشرع إلاّ بعد الشروع بالفعل وتفاقم الأمر.
ونعود إلى المسألة المعروضة علينا: هذا العقد الشّرعي – الاملاك البراني – المنتشر بين النّاس هو عقد شرعي تترتب عليه كامل الآثار الشّرعية إن كان تام الأركان والشروط، وليس كما يتصوره عامة النّاس ويتعاملون معه على أساس أنّه خطبة، لذا من الخطأ شرعاً أن يقال للعاقد ” خاطب ” وللمعقود عليها ” مخطوبة ” كما جرى فيه العرف، وإنّما يقال لهما شرعاً ” عاقدان ” سواءً أكان العقد رسمياً أم غير رسميّ (براني).
لذا وبناءً عليه في حالة الانفصال لا بدّ من التلفظ بالطّلاق بإجماع العلماء، وهذا ما يغفل عنه كثير من النّاس للأسف حيث تمّ الافتراق في حالات عديدة بين الشاب العاقد والفتاة المعقود عليها بموجب هذا العقد الذّي يسمّى بالعقد البراني في عرف النّاس ولم يتلفظ الشاب بلفظ الطلاق، ثمّ تزوجت الفتاة من شاب آخر وتمّ الدّخول بينهما وهي ما زالت على ذمة الأول من النّاحية الشرعية بل في بعض الحالات قد تمّ الانجاب وهي على ذمة الأول شرعاً!!ّ
لذا لا بدّ في حالات الافتراق بين الشّاب العاقد والمعقود عليها من التلفظ بالطّلاق وهذا الحكم سواءً كان العقد مسجلاً في الدوائر الرسمية أم كان العقد شفوياً فلا فرق بينهما من حيث ترتب الآثار الشّرعية كما سبق.
هذا ولا يشترط بالتلفظ بالطلاق أن يوقعه العاقد أمام المعقود عليها وإنّما يستطيع أن يوقعه بينه وبين نفسه دون سماع أحد ولكن يستحب أن يوقعه أمام شاهدين من أجل الطمأنينة والاستيثاق من ايقاعه الطّلاق خصوصاً في ظلّ هذا الزّمن الذّي فسدت فيه الذّمم بحيث قد يدّعي العاقد تلفظه بالطلاق وبعد فترة يُكتشف كذبه وقد عرضت علينا بعض هذه المسائل، فليتنبّه لذلك !!
وأوصي أخواني وأحبّائي المأذونين لتفادي هذه المحاذير والمخاطر الشرعية المتكررة بأن يسألوا الفتاة قبل اجراء عقد رسميّ لها إن كانت مخطوبة من قبل لشاب آخر فإن كانت مخطوبة فليسألها المأذون إن كان قد عقد عليها ذلك الشّاب عقداً شرعياً – الاملاك -أم لا؟ فإن كان قد عقد عليها فليسألها المأذون إن كان قد تلفظ العاقد الأول بالطلاق أم لا؟ فإن أجابت بنعم وهي متيقنة بذلك أجرى لها عقداً رسمياً فإن شكت أو كان تجهل ، فليتوقف وليراجع ذلك العاقد الأول فوراً ، وليطلب منه التّلفظ بالطلاق إن لم يكن قد تلفظ به ثمّ يعقد عليها للخاطب الجديد وفي هذه الحالة لا عدة عليها بعد طلاق الأول إن لم يتمّ دخول ولا خلوة صحيحة بينهما بمعنى أنّ يجوز أن يعقد عليها للثاني بمجرد تطليق الأول طالما أنّه لم يحصل دخول ولا خلوة صحيحة ، وبهذه الطريقة ننجو وننجي النّاس المحاذير الشّرعية التّي سبق ذكرها فيا ليت أخواني المأذونين أن يأخذوا بنصحي ويبلّغوا عنّي وحبذا لو أنّ المحكمة الشّرعية تعقد اجتماعاً أو ندوة للمأذونين وتقدّم لهم هذه التّوصيات لإنقاذ النّاس من دياجير وظلمات الجهل ، فالأمر ليس بالهيّن كما يتصوره البعض !! .
والله تعالى أعلم
المجلس الاسلامي للافتاء