الجزائر.. الحراك “يغزو” المعرض الدولي للكتاب
انتعش معرض الجزائر الدولي للكتاب بمؤلفات تتناول الحراك الشعبي، أصدرتها دور نشر محلية أثرت التظاهرة الثقافية بعناوين عكست التفاعل الإيجابي لاحتجاجات الشعب مع الإنتاج الأدبي.
وافتتح وزير الاتصال والثقافة الجزائري حسن رابحي، الأربعاء الماضي، رسميا معرض الكتاب في طبعته الـ24 المستمرة حتى السبت.
وتشهد الجزائر منذ 22 فبراير/ شباط الماضي حراكا شعبيا عبر مختلف محافظاته، أدّى إلى استقالة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة من منصبه ومحاكمة العديد من المسؤولين ورجال الأعمال من حقبته.
** الحراك “يغزو” المعرض
الحراك الشعبي المتواصل أثرى القطاع الثقافي وبالأخص قطاع الكتاب، حيث أولت دور النشر المحلية أهمية لنشر مؤلفات تتناول الحراك الذي يوشك على دخول شهره التاسع.
الأناضول تجولت داخل أروقة معرض الكتاب، واستطلعت آراء بعض الناشرين والكتاب، كما رصدت مجموعة مؤلفات عن الحراك وسط الكمّ الكبير للإصدارات الأدبية والتاريخية والعلمية وكتب الأطفال التي تقدمها دور النشر المحلية المشاركة.
وصدرت هذه المؤلفات حول الحراك الشعبي تحت عناوين مختلفة، وبمضامين تتنوع بين التحليل وتقديم الشهادات الحيّة والتوثيق لتجارب إنسانية وتأملات في سلوكيات المتظاهرين، وقراءات في خلفيات الحراك وغيرها.
وتعرض منشورات “الشهاب”، بينها “في مصادر الحراك” للمؤلف رشيد سيدي بومدين، و”ثورة 22 فيفري: من الاحتجاج إلى سقوط بوتفليقة” للكاتب مهدي بوخالفة، و”سر، إعمل” تحت إشراف أمين خان، وهو كتاب جماعي أصحابه شهود على ما يجري بالجزائر منذ 22 فبراير/شباط الماضي.
وتقدم منشورات “خيال” كتاب للشاعر الجزائري عمر أزراج تحت عنوان “يوميات الحراك الشعبي: نحو تحرير الجزائر من النظام الديكتاتوري”، كما تتزين رفوف دار “جيغا بوكس” بكتاب عنوانه “من قلب الحراك” للتهامي ماجوري وكتب تقديمه المفكر الجزائري الطيب برغوث.
وتقدم دار “الكتاب العربي” عملان للكاتب والسياسي محمد بوعزارة هما “من الصعلكة السياسية إلى الحراك الشعبي” و”حكايات: عنهم ومعهم”، كما تعرض منشورات “ضمة” كتاب “رماد يذروه السكون: تأملات في الحراك” للكاتب عبد الرزاق بوكبة.
وتعرض دار “الأمة” ضمن إصداراتها أعمالا تتناول الراهن الجزائري مثل كتاب “بوتفليقة والزنزانة رقم 5” للإعلامي محمد علال.
والعمل وفق صاحبه، عبارة عن قراءة شاملة من منظور صحفي للأحداث التي شهدتها الجزائر خلال الأشهر الستة الأولى للحراك الشعبي.
وتشارك دار “النشر الجامعي الجديد” في المعرض بمؤلفات مختلفة منها كتاب “الحراك الشعبي الجزائري: النسخة المنقّحة لثورات الربيع العربي”، للدكتور في علم الاجتماع السياسي نور الدين بكيس.
ووسط هذه المشاركة اللافتة لدور النشر بكتب تتحدث عن المظاهرات السلمية، يبقى عددها غير معروف.
** الإبداع وأحداث الجزائر.. أي تأثير؟
رفيق طيبي، مدير “خيال” للنشر والترجمة (خاصة)، قال إنّ “الكتابة والنشر يتأثران بشكل عام بالمناخ السياسي والاجتماعي، وتواكب وترافق تحولاته بالرصد والتحليل والنقد”.
وأضاف طيبي، في حديث للأناضول: “نجد الكتابات التفاعلية على مختلف المنصات، كنا نجد التوثيق للأحداث من زوايا مختلفة ونجد الكتابة الاستشرافية التي تنظر في القادم”.
وتابع قوله: “الحراك الشعبي في الجزائر دفع بالكتابة السياسية إلى الواجهة، وأبرز جهود ثقافية رافقت الحراك المتمظهر على شكل تجمهر كبير وشعارات بصناعة الرؤى وتقديم البدائل الحضارية والثقافية وغيرها”.
ومن شأن هذه المؤلفات جعل مطالب الحراك ممكنة التحقق برسم خارطة طريق لها تسهل مهام السياسي لتطبيق المطالب، بحسب الكاتب.
وأشار المتحدث إلى أنّ “الحراك أثر بشكل إيجابي على الحركة الثقافية، بحيث ساهم في تحريك الركود وتفعيل النقاش، ما من شأنه تعزيز الكتابة وكل ما يرتبط بها من تحليل للأفكار والرؤى.”.
من جانبه، يرى عبد الرزاق بوكبة، مدير دار “الجزائر تقرأ”، أنّ “الكتابة الأدبية في الجزائر لا تتفاعل بسرعة مع الطوارئ”.
وقال بوكبة في حديث للأناضول، إنّ الحراك الشعبي فاجأ الكاتب الجزائري مثلما فاجأ غيره، فلم يتفاعل معه خارج منشوراته في فيسبوك إلا قليلا”.
وأردف: “أن تتناول الحراك بعين الصحفي في ما تكتب لا يعني أنك واكبت، بل سايرت والكتابة حفر وليست مسايرة”.
واعتبر أنه “ليس من حق أي كاتب الحق القول إنّ الحراك أثّر فيه، ما لم يقم الآخر بثورة على مستوى نصه”.
كما أكد أنه “عندما تجد الشباب الذي قام بالحراك بطلا في الروايات والمسرحيات والسيناريوهات، بديلا للشخصية النمطية، يمكن القول إنّ الحراك حُفر في النص الجزائري”.
من جهته، أكدّ الروائي الطيب صياد أنّ تأثير الحراك على الإنتاج الأدبي في الساحة يبقى حكما مؤكدا ولكنّه مجمل”.
وقال صيّاد للأناضول، إنّ “المتابعة المستمرة للإنتاج الأدبي المحلي ليست بالمستوى المطلوب، ما يجعلها أقل إدراكا لجديد الساحة الأدبية”.
وخلص إلى أن “الحكم على التأثير الذي أحدثه الحراك الشعبي في الأدب والثقافة المحليين هو حكم مؤكد ولكنه مجمل، كما أن هناك كتابات مثلت إرهاصا للحراك قبل انطلاقته الأولى”.
وذكر صيّاد أنّ روايته “متاهة قرطبة” (2018) لم تكن العمل الوحيد الذي ركز على تعرية مصطلح العصابة (وصف يطلق على بقايا نظام بوتفليقة) الذي أصبح بعد الحراك شعارا.
وبالنسبة له، فإن “هناك بعض النصوص السردية ستتوفر في معرض الكتاب استعملت الحراك إما كمادة خام للسرد أو مرجعية فكرية في الطرح أو بمستويات أخرى”.
وأشار إلى أنّ الحراك الشعبي حدث عالمي باهر، والأدب ظاهرة إنسانية متناسقة مع الأحداث الاجتماعية الكبرى.
** 183 ألف عنوان و1030 عارضا
نحو 183 ألف عنوان يشارك في الطبعة الـ24، فيما بلغ عدد العارضين 1030 يمثلون 40 دولة من مختلف قارات العالم، منهم 298 جزائري، و323 عربي و409 أجنبي، فيما اختيرت السنغال ضيف شرف هذه الطبعة بحسب إدارة المعرض.
ومعرض الجزائر الدولي للكتاب؛ تظاهرة ثقافية سنوية، مخصصة للكتب والكتابة، تنظم تحت رعاية وزارة الثقافة، وتقام بقصر المعارض الصنوبر البحري بالجزائر العاصمة.
(الأناضول)