مولد النور
مارية ماجد محاجنة- المشهد
تقول السيدة آمنه بنت وهب أم رسول الله صلى الله عليه وسلم:(لما ولدته خرج مني نورا أضاءت له قصور الشام).
فكان مولده صلى الله عليه وسلم: النور وسط ظلمات الجاهلية، وظلمات البؤس وظلمات الكفر والجحود، فهو نور يهتدى به في ظلمة هذه الأرض، وهو نور يهتدى به في جاهلية هذه الأرض، تعاليمه نور، أقواله نور، أفعاله نور، أوامره نور، سنته نور، هديه نور، سمته نور، طاعته نور، التزام أمره نور الإلتحاق بركبه نور، إتباع سنته نور، العمل بوصاياه نور، محبته وتعظيمه نور.
نور على نور، يهدي الله لنوره من يشاء، فإذا كان مولده نور أضاءت له قصور الشام، وكما عبر عنه أمير الشعراء رحمه الله
بقوله: وُلِدَ الهُدى فَالكائِناتُ ضِياء… وَفَمُ الزَمانِ تَبَسُّمٌ وَثَناءُ
وإذا كان مولده: أدخل الفرحة والسرور والبهجة في نفس أمه وجده وأعمامه بعد لوعة فقد الأب الحاني، وإذا كان ببركة مولده ثويبة مولاة ابي لهب تنال حريتها بعد عبودية أرهقت روحها وكيانها،
ولم العجب!!! فهو أول من ناصر المرأة ومنحها الحقوق الكاملة العادلة بعدما كانت مؤودة لا يعلم بأي ذنب قتلت!!
وإذا كان إرضاعه في بيت حليمة السعدية قد تبدل حالها بعدما داهمتها سنة شهباء عجفاء فكانت سنة ري وشبع حتى قال لها زوجها: والله يا حليمة! لقد أخذت نسمة مباركة، ثم تنعم بركاته في بيت عمه ابي طالب حتى اذا ما قحطت البوادي وأجدبت العيال خرج معه عمه ابو طالب يستسقي به، وهو القائل في ابن اخيه محمدا: وأبيض يستسقى الغمام بوجهه ثمال اليتامى عصمة للأرامل
ثم تسمع بأمره خديجة رضي الله عنها فتستدعيه للتجارة بمالها، فيقبل النبي صلى الله عليه وسلم، وتسر خديجة لما رأت في مالها من الخير والبركة الكثير لصدقه وأمانته.
وعندما يكاد النزاع والشقاق يقع بين قبائل العرب إذ بالنور يظهر ويحمل الحل الحكيم مرضيا جميع الاطراف فاضا للنزاع المقيت!! كما كان من امره في شأن بناء الكعبة المشرفة.
فيكون النور مشتملا حكاية صدقه وأمانته واخلاصه وكرم أخلاقه وشمائل أفضاله ومناقب أعماله صلى الله عليه وسلم، والصلاة والسلام عليه وآله وسلم.
ثم بتحنث الليالي ذوات العدد فيتنزل عليه الوحي في غار حراء، فيتنزل عليه كتاب النور الخالد!!!، نور الهداية والاستقامة والطاعة، نور الذكر والقرآن والوحي!!، نور القراءة والعلم والفكر!! قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ ﴿١٥ المائدة﴾
نور عَلَىٰ نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ ﴿٣٥ النور﴾
من ربه النور: اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴿٣٥ النور﴾.
هديه نور: وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ ﴿٤٠ النور﴾.
معلنا خاتمة الديانات والنبوات، دينه نور: أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَىٰ نُورٍ مِنْ رَبِّهِ ﴿٢٢ الزمر﴾
متوعدا عبدة الطواغيت بتيههم في الظلمات مخرجا إياهم من نور النبوات!!! وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ ﴿٢٥٧ البقرة﴾
وليهم الله: اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ﴿٢٥٧ البقرة﴾.
ثم يتحمل الأمانة ليبلغها ويصدع بها مأمورا منذرا عشيرته الأقربين فيدعو إلى نور ربه عز وجل.
ولما يشتد به الايذاء والاضطهاد والتعذيب، فيكون الأمر بالهجرة إلى طيبة حتى إذا ما دخلها تصبح: المدينة المنورة، فقد نورت بأنوار محمد صلى الله عليه وسلم، فيعكف على بناء الانسان وفق قواعد الأنوار المحمدية من المآخاة والسماحة والمحبة والكرم والجود والعفة والعزة، ثم يفتح العالم من حوله، لينشر النور في الأرجاء. وإن كره الكارهون او كفر المغرضون.
يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ ﴿٨ الصف. ْ
فيغدو نور صاحب رسالة النور وتعاليم النور الكون والأرجاء، الفاتح الأكبر، المحرر الأجل أستاذا ومعلما وداعيا وهاديا ممتثلا أمر مولاه: ” يا أيها النبي إِنَّا أرسلناك شَاهِداً وَمُبَشّراً وَنَذِيراً وَدَاعِياً إِلَى الله بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُّنِيراً ” (الأحزاب: 45، 46).
فهلا كنا نحن أتباعه من أمته أولى، بأنواره وضيائه وسراجه، باتباعه والتزام هديه، والسير على نهجه والتأسي به في سيرته العطرة ومنهجه الأجل المعظم، منهج الأنوار المحمدية. وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم.