زيادة التعاون بين مصر وإسرائيل بمجال الطاقة مرتبط بـ”صفقة القرن”
كشفت مصادر مطلعة في وزارة الطاقة الإسرائيلية، أن تعاظم وتيرة التعاون بين مصر وإسرائيل في مجال الطاقة، ولا سيما في مجال الغاز، مرتبط بخطة الإملاءات الأميركية لتصفية القضية الفلسطينية المعروفة بـ “صفقة القرن”، ويعدّ أحد أبرز نتائج “مؤتمر البحرين”.
ونقل الصحافي الإسرائيلي داني زاكين عن المصادر، قولها إن إدارة ترامب أدّت دوراً حاسماً في الضغط على نظام السيسي لتكثيف التعاون مع إسرائيل في مجال الطاقة والغاز، على اعتبار أن هذا التطور سيمثل حجر الزاوية في مشروع التطبيع الكامل للعلاقات بين إسرائيل والدول العربية “المعتدلة”، وضمن ذلك تعزيز التعاون في اقتصاديات الطاقة، التي يعتمد عليها اقتصاد الدول الخليجية.
وفي تقرير نشرته النسخة العبرية لموقع “المونيتور” أمس، قال زاكين إنه بناءً على الرغبة الأميركية، وافق وزير الطاقة المصري طارق الملا خلال لقائه مع وزير الطاقة الإسرائيلي الليكودي يوفال شطاينتس، على هامش اجتماعات منتدى غاز الشرق الأوسط، على تسريع وتيرة تطبيق الاتفاق الإسرائيلي المصري بنقل الغاز من حقل “تمار” الإسرائيلي إلى منشأتين لإسالته داخل مصر.
وأوضح أن مشاركة وزير الطاقة الأميركي ريك بيري في منتدى غاز حوض البحر المتوسط، يدلّ على عمق رغبة الإدارة الأميركية في دفع التعاون المصري الإسرائيلي قدماً، باعتباره مقدمة لنقلة نوعية في مجال التطبيع بين إسرائيل والعالم العربي.
ولفت إلى أنّ كلاً من شطاينتس والملا قررا توسيع مجال التعاون بين القاهرة وتل أبيب، بحيث بات من الممكن أن يتم التوصل مستقبلاً لاتفاق جديد بشأن تصدير الغاز الإسرائيلي إلى مصر.
وأشار إلى أن الوزيرين ناقشا إمكانية تدشين منشأة إسالة غاز جديدة في الأطراف الجنوبية لسيناء وعلى شاطئ البحر الأحمر، بهدف إسالة الغاز الإسرائيلي فيها ومن ثم تصديره إلى أسواق آسيا.
ونقل عن موظفين كبار في وزارة الطاقة الإسرائيلية، قولهم إن تدشين منشأة الإسالة على شاطئ البحر الأحمر ستفضي إلى إحداث تحوّل جذري على قدرة إسرائيل على الاستفادة من احتياطات الغاز، حيث أشار الموظفون إلى أن هذه الخطوة ستفتح أسواقاً مهمة للغاز الإسرائيلي في كل من الصين، الهند، كوريا الجنوبية ودول أخرى.
ولفت الموظفون الأنظار إلى أن الطاقة الكامنة في فتح أسواق جديدة للغاز الإسرائيلي في جنوب شرق آسيا كبيرة جداً، مشيرين إلى أن هذه المنطقة تستهلك سنوياً 70% من الغاز المسال الذي يتم إنتاجه عالمياً.
وحسب الموظفين الإسرائيليين أنفسهم، فإنه على الرغم من أن كلفة تدشين منشأة إسالة الغاز على حوض البحر الأحمر تبلغ 10-15 مليار دولار، إلا أنها في الوقت ذاته تسهم في تقصير خطوط النقل وتسمح بتجاوز المرور في قناة السويس، مع كل ما يتطلبه الأمر من كلفة عالية.
وأشار إلى أن كلاً من إسرائيل ومصر وقبرص واليونان، قد طورت التعاون في ما بينها في مجال الغاز، مشيراً إلى أن قادة الدول الأربع وافقوا من حيث المبدأ على تدشين أنبوب غاز، هو الأطول في العالم، لنقل الغاز الإسرائيلي والمصري والقبرصي، إلى جنوب إيطاليا ومنها لبقية أوروبا، حيث سيمر الأنبوب في المياه الإقليمية لليونان.
ولفت إلى أن الإدارة الأميركية تدفع بكل قوة نحو تعزيز التعاون بين الدول الأربع، مشيراً إلى أن وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو حضر قبل 4 أشهر اجتماعاً في تل أبيب، شارك فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ورئيس الوزراء اليوناني السابق ألكسيس تسيباريس، والرئيس القبرصي نيكوس اناستاسيادس.
ونقل زاكين عن جينا كوهين، الخبيرة الإسرائيلية في مجال الطاقة، التي دعيت مؤخراً لإلقاء محاضرات أمام كبار الموظفين المصريين المسؤولين عن قطاع الطاقة في القاهرة، قولها إن ما يدلّ على أن الطفرة في التعاون في مجال الطاقة بين إسرائيل ومصر مرتبط بـ “صفقة القرن” ومخرجات “مؤتمر البحرين”، حقيقة أن الشق الاقتصادي لـ”الصفقة” يتحدث عن تخصيص مبلغ 1.5 مليار دولار للمساعدة في إرساء هذا التعاون.
ولفتت إلى أن الأميركيين يهدفون أيضاً، من خلال الدفع نحو تعزيز التعاون الإسرائيلي المصري في مجال الطاقة وتمكين إسرائيل من تصدير غازها إلى أوروبا، إلى تقليص اعتماد القارّة العجوز على الغاز الروسي.
وأوضحت أن ما يعزز من دافعية كل من مصر وإسرائيل وقبرص واليونان للتعاون في مجال الطاقة هو المسّ بالمكانة الجيوسياسية لتركيا، التي تعدّ خصماً لهذه الدول، والمسّ بدورها كدولة يمرّ عبرها الغاز الذي تحتاج إليه أوروبا.
من ناحيته، قال عوديد عيران، السفير الإسرائيلي الأسبق في الأردن وأحد كبار الباحثين في “مركز أبحاث الأمن القومي” الإسرائيلي، إنها المرة الأولى التي تحرص الإدارة الأميركية على المشاركة بشكل حثيث في اجتماعات تهدف إلى تعزيز التعاون في المجال الاقتصادي بين إسرائيل ومصر، لافتاً إلى أن هذا يدلّ على أن واشنطن معنية بتضمين هذا التعاون أبعاداً سياسية واضحة.
وأضاف زاكين أن ما يدلّ على تعاظم وتيرة التعاون المصري الإسرائيلي في مجال الغاز، حقيقة أن نظام السيسي حرص على دعوة يوفال شطاينتس مرتين لزيارة القاهرة في غضون نصف عام، للمشاركة في اجتماعات منتدى غاز حوض البحر المتوسط؛ مشيراً إلى أن تعزيز هذا التعاون يمثل مصلحة واضحة لكل من إسرائيل ونظام السيسي والولايات المتحدة.
ولفت إلى أن الزيارة التي قام بها وزير الطاقة الليكودي يوفال شطاينتس لمصر مؤخراً للمشاركة في اجتماعات منتدى غاز حوض البحر المتوسط، يعكس تواصل “الحميمية” في العلاقات الثنائية بين القاهرة وتل أبيب في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي.
وأوضح أن السيسي حرص شخصياً على الاحتفاء بشطاينتس، من خلال استقباله في قصره وإجراء مؤتمر صحافي بمشاركته، إلى جانب تنظيم زيارة معلنة له للأهرام.