جماهير غفيرة في إحياء الذكرى الـ 60 لمجزرة صندلة
طه اغبارية
في مهرجان دعت إليه لجنة المتابعة العليا ولجنة الحريات واللجنة الشعبية لإحياء ذكرى شهداء صندلة، أحيا المئات من أهالي صندلة والداخل الفلسطيني، الذكرى الـ 60 لمجزرة صندلة، والتي وقعت في العام 1957 (17 أيلول) واسفرت عن استشهاد 15 طفلا من طلاب مدرسة صندلة كانوا في طريق عودتهم إلى منازلهم عندما انفجرت بهم قذيفة وضعها مسؤول في الوكالة اليهودية في المكان.
وتقدم الحضور في المهرجان، قادة التيارات السياسية المختلفة في الداخل الفلسطيني، وتولى عرافة المهرجان، السيد وائل عمري، واستهل المهرجان بتلاوة عطرة من القرآن الكريم ثم النشيد الوطني الفلسطيني رفعته فرقة “سرب الحمام” للأطفال من صندلة.
ورحّب وائل عمري بالحضور، وتوجه بالشكر للجنة المتابعة ولجنة الحريات واللجنة الشعبية في صندلة، على تبني المهرجان واخراجه إلى النور بعد 60 عاما على المجزرة، كما شكر عمري الجهات الداعمة للمهرجان ومنها مخرج المهرجان الفنان سليم عواودة الذي تفرغ متطوعا لإخراجه بفقراته الفنية المتميزة، ومنها “فيديو كليب” “سرب الحمام” الذي أدته فرقة الاطفال من صندلة وفيه محاكاة للمجزرة على وقع اغنية مؤثرة من وحي الحدث المروع.
ثم ذكّر عمري الحضور بأسماء شهداء المجزرة من الأطفال وهم: آمنة عبد الحليم عمري، طالب عبد الحليم عمري، غالب عبد الحليم عمري، محمد عبد الله عمري، اعتدال عبد القادر عمري، رهيجة عبد اللطيف عمري، سهام زكريا عمري، صفية محمود عمري، عبد الرؤوف عمري، فاطمة أحمد يوسف عمري، فهمية مصطفى عمري، محيي الدين أسعد عمري، يوسف أحمد محمد عمري، يحيى أحمد حسن عمري.
وكانت الكلمة الأولى، لأهالي صندلة وذوي الشهداء، ألقاها الشيخ محمود عمري، وجاء فيها: “60سنة من الآلام من النسيان أو التناسي، 60 سنة من الكتمان ومن التجاهل وتشويش الأدلة، لكن أهالي صندلة لم ينسوا هذا اليوم 17 ايلول 1957، وهذا العرس الوطني الكبير، الذي نعتز به، يؤكد أن دماء الشهداء لم تذهب هدرا حيث وحدتنا على كلمة حق ووفاء وخير”.
وأضاف الشيخ محمود: “كان جيلنا، وقد ولدت بعد المجزرة بعام، يسأل لماذا يقال “أبو فلان” ولكن فلان غير موجود، كانوا يسكتوننا لأن الألم شديد، اخفاء أدلة ضياع قضية كقضايا اخرى لشعبنا الاخرى، ولكن الدماء لا تذهب هدرا ومباركة وجعلتنا نتذكر ونتوحد ولو متأخرين بعد 60 سنة، ولكن ان نستيقظ افضل من ان نبقى نياما”.
السيد محمد بركة، رئيس لجنة المتابعة، تطرق في كلمته إلى آلام شهر أيلول بمسيرة شعبنا، حيث وقعت مجزرة صندلة وصبرا وشاتيلا ومجزرة قبية وغيرها وقال: “في مجزرة صندلة قتلوا الأطفال ولم يكبروا وبقوا أطفالا، وأجيالهم اليوم أجداد، ندين سفاح الطفولة الذي اودع الأرض نارا وحرقا ومتفجرات”.
وحيا بركة أهالي صندلة وكل من شارك في المهرجان من أهل الداخل الفلسطيني، لانتصارهم لشهدائهم في الذكرى الـ 60 مشدّدا على أن “لجنة المتابعة تقف بكل شموخ إلى جانب صندلة وأهالي صندلة انتصارا للشهداء واهالي الشهداء”.
وقال إن “من يرى بنا عبئا نعرف سبب حقده علينا، لأن وجودنا متكامل مع تضاريس الوطن ولأن لغتنا لغة الوطن في وجه الدخلاء الذين يحاولون اغتيالنا معنويا وفعليا”.
وأرسل بركة تحية المهرجان إلى الشيخ رائد صلاح في سجنه، وقال: “نحيي هذا الرجل الموجود دائما في مقدمة العمل الوطني والاجتماعي والديني في مجتمعنا، يقلقهم بمواقفه وتمسكه بها يقلقهم شموخه، ويعتقدون بحمق أن وضعه خلف القضبان في الظروف التي هو فيها، سيفت من عضده، لكن شموخ الشيخ وشعبه أقوى من زنازين السجانين وهرطقات الصهاينة الدخلاء”.
ثم كانت كلمة للدكتور سامي دبيني، وكان مربيا في مدرسة صندلة حين وقعت المجزرة المروعة وتحدث عن ذكرياته مع ذلك اليوم الذي سمع فيه الانفجار أثناء تواجده في المدرسة بعد نهاية الدوام، والغيمة السوداء التي ظللت مكان الانفجار واشلاء الأطفال المتطايرة بفعل القنبلة، مؤكدا أن تلك المشاهد لا يمكن ان تنسى وتمحى من ذاكرته مهما طال الزمن.
الشيخ كمال خطيب، رئيس لجنة الحريات، أشار في كلمته إلى تزامن شهر أيلول بوقوع عدد من المجازر ضد شعبنا ومنها مجازر: صندلة، وصبرا وشاتيلا وقبية كذلك هبة القدس والأقصى التي ارتقى فيها 13 شهيدا بعد اقتحام شارون للأقصى في 28/9/2000.
وجاء في كلمة الخطيب: “قتل الاطفال واستحياء النساء صفة بغيضة مورست ضد بني اسرائيل في يوم من الايام وربنا نجاهم منها، كما جاء في القرآن الكريم، وذبح الاطفال واستحياء النساء كان نوعا من العقاب مارسه الفراعنة ضد بني اسرائيل، ربنا قال لهم تذكروا ولا تنسوا، لكنهم نسوا ومارسوا قتل الاطفال على طريقة مجزرة صندلة ومجزرة بحر البقر وطريقة مجزرة قانا، كيف لمن عانى ان يقتل أطفال لولا ان فيه عقدة ومرض غير قادر على ان يتخلص منها”.
وأضاف: “اطفالنا يدفعون ثمنا لقوم يحملون احقاد الماضي، شعبنا ليس مسؤولا عن قتلهم في الحرب العالمية الثانية، لقد أغلق ملف صندلة بجملة ان “القضية هي قضاء وقدر”، فإن كان هذا الملف قد اغلق بقضاء وقدر بعد اغلاق ملف مجزرة كفر قاسم قبل ذلك بسنة، وبقرش، نقول إن كنس الاحتلال قضاء وقدر ومواجهة الاحتلال قضاء وقدر والعمل على ازالة هذا الظلم قضاء وقدر ويجب ان نعمل على تحقيقه.
وسخر الشيخ كمال من الجنود الإسرائيليين الذين يعتقلون ويقتلون الأطفال بمزاعم فارغة وقال “يفتخرون بداهود الاسرائيلي الذي انتصر على جوليات الفلسطيني، وتدور الايام ونرى الجندي الاسرائيلي يمسك بيده طفلا بعمر 7 سنوات، لأنه كما يزعم كان يرمي حجارة على جيب مدرع، فمن هو داهود ومن هو جوليات، طفلنا ابن الـ 7 سنوات هو داهود الفلسطيني، وجوليات هو الجندي الاسرائيلي الظالم الطاغية”.
واكد الشيخ كمال خطيب في ختام كلمته أن “أطفالنا يكبرون ويتزوجون وينجبون، والأرقام تقول أننا اليوم مليون ونصف ويزيد، ولهذا الذي يحلم أن يستيقظ يوما ولا يرانا، نقول له: إن أحلامكم كوابيس لن تتحقق، لأن شعبنا عازم أن يظل على هذه الارض يكبر ابناؤه ويتعلمون ويعملون يحتفظون بالهوية الفلسطينية في مواجهة الاحتلال الغاشم، 70 عاما من عمر المؤسسة الإسرائيلية لن تغير من مجريات التاريخ، كم من إمبراطوريات عمرت مئات السنين وزالت واندثرت، والاحتلال الاسرائيلي هو عابر ولا شيء يذكر بين الاحتلالات التي تعرضت لها بلادنا”.
ثم كانت كلمة للسيد علي قدح، وكان طالبا في مدرسة الناصرة البلدية، وجاء برفقة وفد إلى ذكرى الأربعين لمجزرة صندلة، وتحدث عن وقوف الشاعر الفلسطيني الراحل في ذلك اليوم والقائه قصيدته التي اشتهرت بعد ذلك وهي بعنوان “الغلة الحمراء” والتي تحكي قصة المجزرة وظلم الظالمين والقتلة.
وكانت الكلمة الختامية للسيد مصطفى عمري (ابو ناظم)، أحد المبادرين لإقامة اللجنة الشعبية الخاصة بإحياء الذكرى والمتابعين لملف المجزرة، وتحدث عمري عن سعيه من سنوات إلى توثيق احداث المجزرة ومتابعتها قضائيا من أجل اجبار المؤسسة الإسرائيلية على الاعتراف بمسؤوليتها، لافتا إلى أن مركز “عدالة” الحقوقي تولى الملف، كذلك تحدث عن لقاءاته مع عدد من اليهود المتورطين في المجزرة ومنهم مسؤول الوكالة اليهودية. وقال عمري في ختام كلمته إن دم الشهداء في رقبة الوكالة اليهودية.
في نهاية المهرجان قام الشيخ سليم عمري، برفع دعاء ختم المجلس، كما تم توزيع مطوية تحمل قصيدة “الغلة الحمراء” مقدمة من الأجسام الراعية للمهرجان.