التربية الأسرية وإنتاج جيل قيادي ( 1-2 )
بقلم : دانية خالد إستشارية وباحثة إجتماعية
تتنوع وسائل التربية التي يمارسها الأهل في تربية أبنائهم ، فمنها ما نجحت في صقل أجيال تتمتع باتزان الشخصية والفطنة وسداد الرأي وبعد النظر، ومنها ما عكست سلباً ولم تؤد الهدف المراد.
من محضن الأسرة يكتسب الأبناء القيم والعادات ومعايير السلوك، وتنظيم وضبط السلوك الإنساني، ومن خلالها يحافظ المرء على ثقافته المجتمعية ويحميها من أية اختراقات أو غزو فكري إجتماعي. والأسرة بطبيعة الحال هي الإطار الأكثر قدرة على تشجيع أفرادها على تحمل المسؤولية بكل جوانبها، على أن يفي بعد ذلك بالتزاماته الإجتماعية بواسطة جهوده الخاصة وبإرادته الحرة.
يتوجب على الوالدين أن يعينوا أبناءهم على اختيار نمط حياة يمتاز بالاستقلالية وقوة الشخصية وحسن التدبير. وللأسف الشديد معظم الأسر تهتم بأساليب التربية والتنشئة السلوكية الاجتماعية عند الأبناء وتغفل جانبا ًمهماً في التربية لإعداد جيل قيادي.
وقد يظن البعض مخطئاً أنَّ القيادة هي تدريب ومهارة يكتسبها الأبناء ما بعد جيل الطفولة، إذ تشير الدراسات، أن 90 % من شخصية الطفل تتشكل في السنوات السبع الأولى؛ حيث يتشكل عند الطفل المفهوم الذاتي الذي فيه التقبل والإدراك والقيم والفضول والاكتشافات وهذه الرغبات تعبر على أنه يريد أن يتعلم أشياء كثيرة ليستقل بنفسه ويكون لديه مسؤولية وقرارات وتوقعات.
تبدأ عملية الاعتماد على الذات في السنتين الأوليين من جيل الطفل، فهو يصر على الاستقلالية و يريد أن يأكل ويلبس ملابسه ويربط حذاءه بمفرده دون مساعدة الكبار وهذه مهارة الاعتماد على النفس، لذلك على الأهل أن ينموا ذكاء الطفل ولا يقتلوا روح الإبداع فيه حيث تأكد بعض الإحصائيات أن من 0 إلى5 سنوات تكون نسبة الإبداع لدى الأطفال 98% وتقل هذه النسبة إلى 30% في جيل 10 سنوات بينما يتبقى منها 12% في جيل ال 15 سنه. ومن هنا نفهم أن إنتاج جيل قيادي يتطلب جهداً كبيراً من العائلة في تشجيع الطفل وإعطائه الثقة والثناء على الأفعال الجيدة والحزم ورسم مقاييس الحدود وتشجيعهم على مهارة حل المشكلات التي تواجههم بدون الاعتماد على الآخرين.
في ظل العولمة والتطورات التكنولوجية السريعة التي تجتاح عالمنا الحالي، من المهم جداً إبعاد الأطفال قدر المستطاع عن الأجهزة الإلكترونية وعلى الأخص الهاتف النقال، من أضرارها تعويد الطفل على الكسل والاتكالية وقتل خلايا التفكير والإبداع، وكذلك تجذّر العنف والإحباط، وبدلاً منها علينا أن ننمي الهوايات كالرسم والرياضة وتعلم اللغات، والمنافسات كالسباق وغيرها التي تنمي في الطفل حب القيادة.
يخطئ بعض الآباء عندما يبذلون جهدهم في تعليم أبنائهم أشياء ممكن أن يتعلموها بعد سن السبع سنوات مثل حفظ الأرقام والأحرف.
على الأهل التركيز وتسليط الضوء على المهارات التي ترسم شخصية الطفل وتصنع الجيل القيادي كتقدير الذات والثقة العالية بالنفس، تقبل الذات والقدرة على اتخاذ القرار، ومن المهم جداً تذويت مفهوم معنى القيادة الحقيقية بالمعنى التطبيقي وليس باللفظ والشكل، حتى يستشعروا أهميتهم في الأسرة والمجتمع.