“لوحات شمسية” تكافح الاغتصاب والسطو في مخيمات مقديشو
أطلق شباب صوماليون مبادرة لدعم مخيمات النازحين، في ضواحي العاصمة مقديشو، بــ”لوحات (ألواح) الطاقة الشمسية” رخيصة الثمن، لتأمين أبسط حقوق النازحين.
المبادرة تستهدف توفير الطاقة الكهربائية، بما يساهم في التصدي لاعتداءات جنسية وجسدية يتعرض لها نازحون؛ بسبب الظلام الدامس في مخيمات تنقصها الكثير من الأساسيات.
تستعيد أسرة مريمة محمود، مشهدًا فريدًا بالنسبة لها، لحظة إضاءة “اللوحة الشمسية” في كوخهم بمخيم شبيلي، بضواحي مقديشو.
مريمة، قالت للأناضول، إن أسرتها أنهت مسيرة طويلة مع الظلام الدامس، بعد أن تمكنت من شراء لوحة شمسية تضيء كوخهم المصنوع من أغصان وبلاستيك.
وأضافت مريمة، وهي تبتسم، “كنا محرومين من الإضاءة ليلًا”.
واستطردت: كنا نهرع إلى ترتيب كل حاجياتنا قبل حلول الظلام، لكن الآن نؤجل بعض أعمالنا لنقوم بها ليلًا ونحن نتجاذب أطرف الحديث.
** البديل الأمثل
في مخيمات النازحين بضواحي مقديشو تقتصر الكهرباء على المحال التجارية وأعمدة الإنارة في الشوارع الرئيسية.
هذا الوضع سببه عشوائية أكواخ المخيمات، إذ لا تصلح لاستقبال أعمدة التيار الكهربائي، حرصًا على حياة النازحين.
وقال خالد أحمد، مدير شركة “بلشو بلي” للطاقة الشمسية، للأناضول، إن فكرة استثمار الطاقة الشمسية في مخيمات النازحين ومنازل الأسر الفقيرة بأسعار زهيدة نابعة من مجموعة شباب صوماليين، لتوفير وتسليط الضوء على أبسط احتياجات النازحين.
وأضاف أحمد، أن “اللوحات الشمسية”، هي البديل الأمثل للكهرباء بالنسبة لهولاء النازحين؛ نظرًا لدخلهم المحدود وإقامتهم في مناطق مؤقتة، إذ قد ينتقلون من منطقة إلى أخرى، حسب الظروف الراهنة في البلد.
ويعاني الصومال أوضاعًا أمنية واقتصادية صعبة للغاية، ويشهد منذ سنوات قتاًلا بين القوات الحكومية وقوات حفظ سلام من جهة ومسلحي حركة “الشباب” من جهة أخرى.
** تعليم الأطفال
توجد قرابة 100 ألف أسرة في مخيمات النازحين محرومة من التيار الكهربائي ليل نهار، بحسب إحصاءات رسمية، وهو ما يؤثر سلبًا على حياتهم العامة، فضلًا عن تعليم أطفالهم.
بينما ترتب دفاتر أبنائها المدرسية، قالت سعادة محمد إبراهيم، وهي أم لأربعة أولاد، للأناضول، إن أبناء المخيمات يستنفيدون من النهار فقط، ولا يحتسبون ساعات الليل لظلمتها؛ بسبب انعدام الكهرباء.
لكن بعد اقتنائها “لوحة شمسية”، بسعر مناسب تغير جدول منزلها، حيث يجد أبناؤها وقتًا كافيًا لمراجعة دروسهم ليلًا، حيت يساعدون والدهم نهارًا في أعمال منزلية واحتياجات الأخرى، بحسب سعادة.
** أحجام وأسعار
تختلف اللوحات الشمسية، بما يتناسب مع القدرة الشرائية للنازحين في المخيمات.
وهو ما يناسب أيضًا الأسر الفقيرة في مقديشو، إذ لا تتحمل تكاليف فاتورة الكهرباء المرتفعة، بما لا يقل عن 5 دولارات (100 ألف شلن صومالي) للمصباح الواحد شهريًا.
يبلغ سعر أصغر لوحة شمسية، تزن 0.5 كيلوغرام، ومزودة بمصباح واحد، 5 دولارات.
بينما يبلغ سعر المتوسطة، بوزن 1 كيلوغرام ومزودة بثلاثة مصابيح، 16 دولارًا، أي 352 ألف شلن.
أما الحجم الأكبر، وهو 2.8 كيلوغرام ومزودة بخمسة مصابيح، فيبلغ سعرها 35 دولارًا، أي قرابة 770 ألف شلن.
وتوفر شركة “بولشو بلي” للنازحين وغيرهم فرصًا لشراء لوحات شمسية ودفع الثمن عن طريقة التقسيط، سواء كل يوم أو يومين أو أسبوع أو شهر، بما يناسب ذوي الدخل المحدود.
** إقبال على اللوحات
تلقى “اللوحات الشمسية” إقبالًا كبيرًا في مقديشو، وخاصة في المخيمات وبين الأسر الفقيرة في أحياء العاصمة، ويتم تعريض اللوحات للشمس خلال النهار، ليُضاء المنزل ليلًا.
وقال مسؤولون في مخيمات النازحين إن حوادث الاعتداءات الجنسية والسطو المسلح، التي يتعرض لها سكان المخيمات ليلًا، كان سببها انعدام التيار الكهربائي.
وأضافوا أن فكرة اللوحات الشمسية تجدي نفعًا في الحد من ظاهر الاغتصاب والسطو والنهب، التي تطال محال المخيمات والأسر النازحة.
وقالت رئيسة مخيم شبيلي، زهرة أحمد، للأناضول إن سكان المخيمات يواجهون تحديات تهدد حياتهم أحيانًا، منها حوادث اغتصاب يرتكبها مجهولون يستغلون غياب الكهرباء وظلام المخيمات ليلًا.
وأوضحت أن معظم المخيمات منتشرة في ضواحي العاصمة، ولا تتوفر فيها الشرطة، ما يسهل الاعتداءات بحق النازحات، ويعرض حياتهن للخطر في أية لحظة.
واستدركت زهرة: لكن بعد توفر اللألواح الشمسية هذه، تغير الحال، وانجلت غيمة الخوف من المخيم.
ورأت أن اللوحات الشمسية تشكل فرصة ثمينة بالنسبة لهؤلاء النازحين لإنارة منازلهم، والاستفادة منها بشكل أفضل.
وفازت فكرة اللوحات الشمسية هذه بمسابقة محلية رعتها هيئات أممية وبلدية مقديشو حول إيجاد مشروع للطاقة البديلة يلبي احتياجات سكان المخيمات والأسر الفقيرة.
(الأناضول)