“المدينة” تلتقي “عاشق الأقصى” يحيى السوطري عشية دخوله السجن لقضاء 17 شهرا
ساهر غزاوي
يتوجه “عاشق الأقصى” يحيى السوطري من مدينة الناصرة، صباح الثلاثاء المقبل (2/10/2018)، إلى سجن الجلمة “كيشون”، ليقضي حكما بالسجن لمدة 21 شهرا، بسبب دوره في تنظيم قوافل شد الرحال من الداخل الفلسطيني إلى القدس المحتلة بغية الصلاة والعبادة في المسجد الأقصى المبارك.
وكانت المحكمة المركزية في مدينة الناصرة، أصدرت الخميس الماضي، حكمها النهائي في ملف السوطري، وقضت بسجنه 21 شهرا مع تخفيض 4 أشهر قضاها في السجن الفعلي على ذمة قضيته، وفرضت عليه المحكمة غرامة مالية بقيمة 10 آلاف شيقل.
ويعود ملف ما بات يعرف إعلاميا بـ “عشاق الأقصى” إلى أواخر تشرين أول عام 2016، حيث اعتقلت السلطات الإسرائيلية إلى جانب يحيى السوطري كل من: د. حكمت نعامنة من عرابة، وإسماعيل لهواني من عرابة، وعبد الكريم كريّم من كفر كنا، وفي حين أنهى 3 منهم محكومياتهم، بقيت قضية السوطري عالقة في مداولات المحاكم، كما قضى فترة طويلة بالحبس المنزلي بشروط مقيدة في مدينة شفاعمرو.
أيام وساعات قليلة متبقية على توجه “عاشق الأقصى” إلى السجن لتسليم نفسه لقضاء محكوميته، كما أنها ظروف استثنائية، أشبه بحالة طوارئ يعيشها بيت السوطري، فإلى جانب أفراد أسرته المتواجدين معه بشكل دائم، فإن بيته لا يخلو من توافد أصدقاء وأحباب السوطري لوداعه وإسناده في قضيته العادلة ورفضهم للظلم الواقع عليه جراء نصرته ودعمه للمسجد الأقصى المبارك.
وقبيل أيام من تسليم نفسه، ورغم هذه الظروف وضيق الوقت إلا أن “عاشق الأقصى” يحيى السوطري خصص وقتا لمقابلة أجرتها معه صحيفة “المدينة” تحدث فيها عن استعداده لقضاء 17 شهرا وراء القضبان ضريبة انتمائه ونصرته للمسجد الأقصى ونيابة عن كافة المسلمين كما يقول في المقابلة.
يذكر أن يحيى السوطري من مواليد عام 1962 من سكان مدينة الناصرة ويقطن في حي البشارة وهو أب لثلاثة أبناء وثلاثة بنات وجد لسبعة أحفاد، كما أنه من أبناء الرعيل الأول في مشروع العمل الإسلامي البارزين في الناصرة، أمضى الكثير من حياته في خدمة العمل الدعوي والاجتماعي ونصرة قضايا شعبنا وعلى رأسها قضية المسجد الأقصى المبارك.
المدينة: كيف تستعد لدخول السجن لقضاء 17 شهرا وراء القضبان؟
يحيى السوطري: صحيح أن القضية فيها ظلم كبير وقع عليّ، ونحن بشر مثل غيرنا نتألم ونحزن، لكن رغم ذلك يستحضرني دائما حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم القائل: (عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير، وليس ذلك إلا للمؤمن: إن أصابه سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له) ونحن إذا كنا ندعي الإيمان فيجب أن نسلم أمرنا لله أولا، لا اعتراض على قضاء الله وقدره، ثم لو نظرنا إلى ما قدمناه وما سنقدمه فسيكون شيئا بسيطا أمام الأسرى أصحاب المحكوميات العالية والمؤبدات، والحمد لله أولا وأخيرا.
المدينة: كيف ستقضي وقتك في السجن، علما أن لك تجربة سابقة؟
يحيى السوطري: في العادة هناك برامج قائمة في السجون وفي كل قسم وقسم وترتب الأوقات حسب هذه البرامج، كما أن هناك برنامجا خاصة للملتزمين دينيا الذي يناسبني شخصيا، يشمل تلاوة القرآن الكريم وتعلم أحكامه والمطالعة وقراءة الكتب والاستماع إلى المحاضرات والدروس في شتى المجالات يقدمها نخبة من الأسرى الأكاديميين أصحاب الشهادات العليا، وهذه البرامج تضفي علينا حياة خاصة من الأجواء الإيمانية والثقافية ننشغل بها وتنسينا لحد ما ألم السجن ومعاناته وفراق الأهل والأحباب خلال فترة قضاء المحكومية.
المدينة: ستسجن من أجل نصرتك للأقصى ماذا يعني لك ذلك؟
يحيى السوطري: المسجد الأقصى بالنسبة لنا كمسلمين قضية عقدية وهو آية في كتاب الله عز وجل، علاقتنا به لا تحدها حدود ولا تمنعها موانع، وهو حق خالص لنا وهو أغلى ما نملك، علاقتنا نحن كمسلمين بالمسجد الأقصى لا يمكن فصلها بأي حال من الأحوال، نحن نريد الأقصى وليس العكس، ولا ضير لو دفعنا ضريبة وثمن مواقفنا ونصرتنا للمسجد الأقصى المبارك نيابة عن أمة المليار ونصف المليار.
المدينة: كيف هي الآن الأجواء في بيتك عشية دخولك السجن؟
يحيى السوطري: في فترة اعتقالي الأولى أواخر تشرين أول عام 2016 والتي قضيت حينها أربعة أشهر في السجن قبل أن أخرج للحبس المنزلي، كانت صعبة للغاية خصوصا أنها جاءت على حين غرة لم نتوقعها أبدا، ولم تتوقع أسرتي أن نزج بالسجون ونلاحق ونعامل بقسوة شديدة بسبب نصرتنا للأقصى ورفد المصلين إليه من أجل الصلاة والعبادة، ومع أنها كانت مدة أربعة أشهر إلا أنها كانت صعبة عليهم كما أسلفت، أما اليوم ورغم أنني سأقضي أربعة أضعاف المدة التي قضيتها سابقا إلا أن أهلي جميعهم متفهمون للقضية إلى أبعد حدودها ويعون جيدا للثمن الذي دفعته وسأدفعه مقابل الأجر والثواب من عند الله ومقابل وسام الشرف الذي نلته “عاشق الأقصى” ويتمناه كل مسلم على وجه الأرض وبالحقيقة لا أعلم حقا إن كنت أستحقه أم لا، وبالنهاية هي مدة محدودة وإن طالت وستنتهي وسأعود إلى أحضان عائلتي وأعيش بينهم كالمعتاد.
المدينة: العائلة عاشت معك تفاصيل قضيتك من بدايتها ولم يتخلوا عنك للحظة ماذا تقول لهم؟
يحيى السوطري: في أصعب المواقف التي عشتها خلال اعتقالي والحبس المنزلي كان يخفف عني كثيرا التفاف الأهل من حولي واهتمامهم الكبير في ملف اعتقالي، وقد لقيت رعاية خاصة منهم خصوصا من شقيقاتي اللواتي كنّ في مقام الوالدة رحمها الله في عطفهن وحنانهن، وبكل تأكيد لا أنسى زوجتي أم محمد نصفي الأخر التي تعبت كثيرا وحملت على ظهرها الكثير من الأعباء، وكذلك الأبناء والبنات والأحفاد، لجميعهم أقول لهم جزاكم الله عني كل خير وسأخصص لكم يوميا الدعوات في الركوع والسجود لعل الله يبارك فيهم وبأعمارهم وأوقاتهم ويعوضهم الله خيرا.
المدينة: هناك أيضا العديد من الأهل كان لهم الحضور الدائم في جلسات محاكمتك وتابعوا قضية اعتقالك بكل حيثياتها ماذا تقول لهم؟
يحيى سوطري: ألف تحية وشكر لكل من ساندني من الأخوة والأهل والاصحاب ولا شك أن حضورهم في المحكمة كان يفرحني كثيرا ويزيدنا ايمانا بعدالة قضيتنا ويشحن طاقاتنا ومعنوياتنا، وتحية خاصة لشيخ الأقصى الشيخ رائد صلاح فك الله أسره الذي علمنا وربانا على حب المسجد الأقصى ونصرته، كما وأشكر فضيلة الشيخ كمال خطيب رئيس لجنة الحريات على حضوره واهتمامه الذي لم ينقطع منذ بداية الملف، وأشكر أيضا الهيئة الشعبية لنصرة عشاق الأقصى وجميع أبناء المشروع الإسلامي من حضر منهم جلسات المحاكم ومن لم يحضر وأشكر من دعا لنا بظهر الغيب، أقول لهم شكرا لكم وبارك الله فيكم.
المدينة: كلمة أخيرة توجهها للناس عامة
يحيى السوطري: خصّنا الله عز وجل في هذه البلاد مجاورة المسجد الأقصى المبارك وهذه نعمة يغبطنا عليها الكثير من المسلمين في شتى بقاع الأرض، نستطيع بكل سهولة أن نشد الرحال إلى المسجد الأقصى الذي هو حق خالص لنا، لذلك لا تبخلوا على الأقصى من وقتكم، تواصلوا معه يوميا او أسبوعيا لكن لا تتركوه وحيدا ولقمة سهلة للعابثين والمفسدين في الأرض، شدوا الرحال ولا تخافوا والله معكم وتذكروا ولا يغيب عنكم أبدا حديث النبي سليمان عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام: (لما فرغ سليمان بن داوود من بناء بيت المقدس سأل الله ثلاثا حكما يصادف حكمه وملكا لا ينبغي لأحد من بعده وألا يأتي هذا المسجد (الأقصى) أحد يريد إلا الصلاة إلا خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه فقال النبي صلى الله عليه وسلم أما اثنتان فقد أعطيهما وأرجو أن يكون قد أعطي الثالثة).