الأمم المتحدة: الواقع الاقتصادي الفلسطيني بلا أفق في ظل توقف التنمية
وصف تقرير صادر عن وكالة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية “أونكتاد”، الواقع الاقتصادي في الأراضي الفلسطينية المحتلة وقطاع غزة في عام 2018، بأنه “الأكثر قتامة” من أي وقت مضى.
ووفقا للتقرير السنوي للوكالة الدولية، الذي نشر على موقعهم الالكتروني، فإن المواطنين الفلسطينيين عالقون في اقتصاد بلا أفق تنمو فيه البطالة، خاصة في قطاع غزة الذي يعاني من توقف التنمية.
وأضافت أن معدل البطالة في الأراضي الفلسطينية بلغ 27.4 في المائة في 2017 مسجلا الأعلى في العالم، في حين تراجع الإنتاج الزراعي 11 في المائة .
وأشار التقرير إلى نصف الفلسطينيين دون ثلاثين عاما يعانون من البطالة، ونما الاقتصاد 3.1 في المائة، لكنه لم يسجل تغيرا يذكر من حيث نصيب الفرد من الدخل.
ضم تزايدي
وأشار التقرير إلى أنه في عام 2017 وبداية عام 2018، تسارع بناء المستوطنات، على الرغم من قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة المؤرخ في 21 كانون أول/ديسمبر 2017، والذي تؤكد فيه الجمعية العامة أن “أي قرارات وأفعال تزعم أنها غيرت الشخصية والوضع أو التركيبة الديمغرافية لمدينة القدس المقدسة ليس لها أي أثر قانوني، فهي لاغية وباطلة ويجب إلغاؤها وفقا لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة”.
وأكد التقرير وجود ضم متزايد لأجزاء كبيرة من الضفة الغربية، بما في ذلك نقل الإسرائيليين إلى المستوطنات، وإجبار السكان الفلسطينيين، واستثمار أكثر من 19 مليار دولار في بناء المستوطنات، وتمديد الولاية القضائية المحلية الإسرائيلية.
“غزة” حصار لمدة عشر سنوات
ويقول التقرير إنه مع بلوغ الحصار الآن عامه الـ 11، تم تخفيض قطاع غزة إلى حالة إنسانية تتمثل في معاناة عميقة واعتماد على المساعدات، “لقد تم القضاء على القدرة الإنتاجية لغزة من خلال ثلاث عمليات عسكرية كبرى وحصار بحري وبحري وعرقي”.
ويشير التقرير الأمم، إلى محاصرة العملية العسكرية الإسرائيلية 2008-2009 أكثر من 60 في المائة من إجمالي رأس المال المنتج في غزة، ودمرت الحرب الأخيرة في المائة مما بقي.
وتشمل الأصول الإنتاجية المدمرة الطرق ومحطات الطاقة والمنشآت الصناعية والتجارية والأراضي الزراعية، فضلاً عن البنية التحتية الأخرى والأصول ذات الصلة.
في عام 2012، حذرت الأمم المتحدة، من أنه ما لم يتم عكس الاتجاهات الحالية، فإن غزة سوف تصبح غير صالحة للسكن -غير صالحة للعيش في البشر -بحلول عام 2020. ومنذ ذلك الحين، يقول التقرير، أن جميع المؤشرات الاجتماعية والاقتصادية قد تدهورت وأصبحت الأوضاع في غزة أسوأ الآن.
وأضاف التقرير أن الدخل الحقيقي الحقيقي لكل فرد في غزة أقل بنسبة 30 في المائة عما كان عليه في مطلع القرن، مما أدى إلى انتشار الفقر وانعدام الأمن الغذائي على الرغم من أن 80 في المائة من الناس يتلقون مساعدات اجتماعية.
علاوة على ذلك، فقد تعمقت أزمة الكهرباء التي طال أمدها في غزة. في أوائل عام 2018، استقبلت الأسر، في المتوسط ساعتين من الكهرباء يومياً، ولا يزال النقص يؤثر تأثيراً خطيراً على الحياة اليومية من خلال تعطيل الأنشطة الإنتاجية وإعاقة تقديم الخدمات الأساسية.
وينص تقرير “أونكتاد” على أنه لضمان الانتعاش المستدام، من الضروري رفع الحصار الإسرائيلي بالكامل وإعادة توحيد غزة والضفة الغربية اقتصادياً والتغلب على أزمة الطاقة على سبيل الأولوية وتطوير حقول الغاز الطبيعي البحرية في البحر الأبيض المتوسط المكتشفة في التسعينات.
تجارة مكبلة بالأغلال
ويقول التقرير إن القيود الإسرائيلية على التجارة الفلسطينية تشمل قائمة الاستخدام المزدوج، التي لا تسمح للفلسطينيين باستيراد مجموعة كبيرة من السلع المدنية التي قد يكون لها تطبيق عسكري محتمل.
وتشمل القائمة مدخلات الإنتاج الأساسية مثل الآلات المدنية وقطع الغيار والأسمدة والكيماويات والمعدات الطبية والأجهزة المنزلية ومعدات الاتصالات السلكية واللاسلكية والمعادن وأنابيب الصلب وآلات الطحن والمعدات البصرية والمساعدات الملاحية.
ويفرض هذا الحظر تكاليف اقتصادية باهظة ويزيد من تفاقم الصراع وعدم الاستقرار السياسي عن طريق تقويض العمالة والأجور ومعيشة الشعب الفلسطيني.
ويحذر التقرير من أن مجرد إزالة القيود الإسرائيلية المفروضة على التجارة والاستثمار الفلسطينيين يمكن أن يسمح لاقتصاد المنطقة بالنمو بما يصل إلى 10 في المائة، بينما لا يمكن للوضع الراهن سوى ضمان استمرار البطالة على مستوى الكساد والفقر المدقع.
الاتحاد الجمركي غير المتكافئ
وقال التقرير إن الاتحاد الجمركي بين إسرائيل والأراضي الفلسطينية عزل الاقتصاد الفلسطيني عن بقية أسواق العالم، وجعله معتمدا على إسرائيل
وذكر التقرير أن إسرائيل استوعبت بين 1972 و2017، نسبة 79 في المائة من إجمالي الصادرات الفلسطينية وشكلت 81 في المائة من الواردات الفلسطينية.
وأوصى التقرير باستبدال الاتحاد الجمركي الذي عفا عليه الزمن بإطار جديد يضمن للسلطة الفلسطينية السيطرة الكاملة على أراضيها الجمركية وحدودها وسياساتها التجارية والصناعية.
وحذر “أونكتاد” من أن الدعوة إلى المزيد من التقشف المالي، من شأنها أن تثبط النمو وترفع البطالة دون التأثير على العجز التجاري، وقد يؤدي إلى خسائر كبيرة ويزيد الضغط على الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية الهشة بالفعل في الأرض الفلسطينية المحتلة.
وجاء في التقرير أن المساعدات الدولية هبطت بشكل كبير من ملياري دولار في 2008 إلى 720 مليون دولار في 2017.
وتلقى الفلسطينيون ضربة جديدة هذا الشهر حينما أوقف الرئيس الامريكي دونالد ترمب تمويل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا”، وهو ما أدى إلى عجز بنحو مائتي مليون دولار