أبطال الحجاز في مواجهة طواغيت آل سعود
الشيخ كمال خطيب
الدكتور سلمان العودة، الدكتور سفر الحوالي، الدكتور موسى الشريف، الدكتور علي العمري، الدكتور عوض القرني وغيرهم الكثير من الأسماء لذوي الفضل وخيار الناس ممن زجّ بهم في سجون آل سعود واتهموا بالإرهاب، بل وإن البعض منهم قد يحكم عليهم بالإعدام. وإذا كانت بعض هذه الأسماء وغيرها جديدة على مسامع بعضنا، إلا أنها بالنسبة للشعب في بلاد الحرمين خصوصًا والخليج عمومًا هي قامات معروفة وشخصيات وازنة دينيًا وعلميًا وسياسيًا واجتماعياً، وأن آل سعود سيرتكبون حماقة ما بعدها حماقة إن هم ظنوا أن إعدام هؤلاء الأفاضل سيمر مر الكرام، بل ولعله سيكلفهم عرشهم وملكهم.
فمن رياض وبساتين علومهم وكتبهم اخترت بعض الرياحين من عبارات قالها أو كتبها الأماجد، من خلالها نعرف من يكون هؤلاء الرجال.
# الدكتور موسى الشريف
موسى الشريف وهو طيار سابق في الخطوط الجوية السعودية، لكنه اختار بعد سنوات من الخدمة في مجال الدعوة إلى الله والتأليف، وله عشرات الكتب والمؤلفات يقول في صفحة 96 من كتابه – أثر المرء في دنياه – “والزمان لا ينتظر المترددين الوجلين ولا شديدي الحذر الخائفين، الذين يقدمون رجلًا ويؤخرون أخرى، والذين يقفون عقبة في وجه كل مشروع نافع. ولئن سألتهم عملًا نافعًا سارعوا بردّه وتهويل شأنه، ولئن طلبت منهم المشورة تبرعوا بسيل من التخويفات والتيئيسات، ولذلك كانت العرب تنهى عن استشارة الجبان الخائف”.
إنها كلمات تستنهض الأمم وتستنفر العزائم لنزع معاني الجبن والخوف من سلوك المسلم، لأن الشجاعة والإقدام ولأن الشجعان والأبطال هم من يتركوا لهم الأثر والمواقف، فالدنيا لم تخلق للجبان ولا للمتقاعس المتردد، والحياة فرصة من اغتنمها فاز ومن تخلف عنها جبنًا وخوفًا وتقاعسًا تجرع الغصص.
إنه يريد أن يقول لنا في عبارته هذه من كتابه أن المسلم مقدام وشجاع ولا يعرف الخوف إلى قلبه سبيلًا، لأنه يستمد قوته وشجاعته من إيمانه بالله سبحانه وحسن التوكل عليه، وأن الخَلق لا يضرون ولا ينفعون فحيثما، ناداه الواجب ومتى ناداه الإسلام قال لبيك لبيك.
ويقول الدكتور موسى الشريف فك الله أسره وفرّج كربه وإخوانه، في كتابه – العاطفة الإيمانية وأهميتها في العمل الإسلامي – صفحه 45: “هذا الأمر غاية في الأهمية وهو أن يوجد ويعدّ وعّاظ أصحاب ايمانيات عالية وعواطف قوية وأصحاب بكاء ونشيج، وهذا لما لهم من الأثر البالغ في حياة الناس، إذ ما قيمة واعظ يتحدث عن التقوى والتوبة والرغبة والرهبة، والوعد والوعيد، والجنة والنار واليوم الآخر وما له من أهوال وعظائم أو يتحدث عن الخشية والتوكل والإنابة، وعن أمثال هذه المعاني في خطب ومحاضرات ثم إنه لا يذرف دمعة، ولا يفر منه عبرة ولا يساعده نشيج، ولا يسعفه نحيب. إن دمعة واحدة خير من محاضرة، وإن بكاء مؤثرًا خير من خطة”.
إنه يلفت انتباهنا إلى ضرورة الإهتمام بالحالة الإيمانية عند الفرد وفي المجتمع، وإلى ضرورة محاربة اليُبس الإيماني والتصحر العاطفي الذي يعاني منه الكثيرون، وأن أسلوب الحياة المادية التي طغت على حياة الناس جعلت قلوبهم قاسية وعباراتهم خالية من الخشوع والخضوع وقلّ التأثر والبكاء، وأصبح من النادر في مجتمعاتنا أن نشاهد رجلًا ذا عاطفة إيمانية قوية جياشة وبكَّاءً رقيقًا، بل إنه شاع بين الناس أن البكاء ليس للرجال وإنما للنساء، وأن الرجل الذي يبكي وهو رجل ضعيف.
# الدكتور سلمان العودة
يقول الدكتور سلمان العودة والذي تطالب النيابة العامة في محاكم آل سعود بإعدامه، وهو صاحب العلم الغزير والعطاء الوفير، يقول في صفحة 77 من كتابه -علمني أبي -: “من الجميل نسيان المعروف الصادر منك إلى غيرك. إنسه وانس أنك نسيته واستذكار المعروف الصادر إليك من غيرك. اكتب المعروف على الصخر والإساءة على البحر”.
انها ذوقيات رفيعة وآداب سامية يدعو الشيخ العودة المسلم للتأدب بها. إنه يريد للإنسان المسلم أن يكون العطاء منه للناس صفة ملازمة على كل الأحوال ومع جميع الخلق. إنه يريد له ومنه أن يكون كتلة من الخير ويرشح منه الخير كما يرشح القطر من إناء الفخار الممتلئ بالماء. إن عطاءه فطري ومن غير تصنع وليس لأجل مصلحة لدرجة أنه يقول له إنس معروفك للناس وفقط تذكر معروف الناس إليك، تذكره لتظل تبادر دائمًا للإحسان لمن أسدوا إليك نصيحة أو أحسنوا إليك في معروف، وليس فقط أن تذكر معروفهم إليك بل اكتبه على الصخر فلا يمحى ولا ينسى، واكتب إساءة الناس إليك على ماء البحر ليكون نسيانك لإساءات الناس إليك سريعة كذلك.
ويقول الدكتور سلمان العودة في مقدمة كتابه – أسئلة الثورة – صفحة 11: “لا يوجد ما يدعو إلى تشجيع الثورة بذاتها فهي محفوفة بالمخاطر، ولكنها تأتي على قدر لا يرد حينما يتعذر الإصلاح الجذري الجاد، فليس هناك دعاة للثورة، القمع والظلم والتخلف والفقر وحدها داعية للثورة. فالثورة لا يرتب لها أحد ولا يخطط لها الناس، ولكنها تنفجر على حين غرة حين تُسد طريق الإصلاح وتوقف عمليات العدالة ويمارس القمع. إن الإصلاح الجاد يستحق التضحية وليس الخسارة، لأنه أفضل طريق تكافح به الثورة”.
إنه الكتاب الذي يقيّم فيه الدكتور العودة ثورات الشعوب العربية فيما عرف بالربيع العربي. إنه يدعو الأنظمة والحكومات بشكل واضح لضرورة التغيير والإصلاح لأن الثورات لا تكون ولا تندلع شرارتها إلا بعد إذ ييأس الناس من الإصلاح وتغلق أبواب التغيير. إن الناس وإن الشعوب لا تثور لأجل الثورة ولا تخرج حبًا في الخروج، ولكن الذي يخرجها ويجعلها تثور هو الظلم والقمع والفقر.
لكأني به حفظه الله يقول لحكام بلاد الحجاز من آل سعود، تعلموا من غيركم، واتعظوا بما جرى حولكم، وعجلوا بالإصلاح وطبّقوا العدالة، وإياكم والقمع والظلم وإلا فإن الثورة وخروج الناس يمكن أن يفاجئكم كما فاجأ حسني مبارك وزين العابدين وغيرهم من الحكام الفاسدين والظالمين. فالإصلاح يستحق التضحية لأن بالإصلاح تغلقوا منافذ وأبواب الثورات، فإن أبيتم الإصلاح الحقيقي والجدي وبقي القمع والقهر والظلم والفقر، فلا تتفاجأوا من اشتعال فتيل الثورة هنا في بلادكم بلاد الحرمين!!!
# سفر الحوالي
الدكتور سفر الحوالي الذي اعتقل قبل شهرين وأربعة من أبنائه، بل إنه الذي اعتقل في سيارة الإسعاف وبها نقل إلى السجن لأنه طريح الفراش. صاحب كلمه الحق الجريء الشجاع الذي ألف كتابه القيّم – المسلمون والحضارة الغربية – وفي جزء من أجزاءه وهو بعنوان “نصائح لآل سعود” فإنه قد وجه إليهم نصائح صادقة وجريئة في ضرورة التغيير الجذري والإصلاح الحقيقي قبل فوات الآوان، لأنه قرأ مستقبل السعودية مثلما قرأه رفيق دربه الشيخ سلمان العودة، بأن القمع والقهر والفقر والكبت والظلم هي المقدمات الأولى للثورة، فقال مخاطبًا إياهم في نصيحته في صفحة 2797: “ولو أن المليارات الفلكية التي أعطيت لترامب وشركاته غير ما أعطي من الهدايا، أنفقت لقضايا المسلمين وفكاك أسراهم لكان خيرًا حتى في السياسة الدنيوية، ولو أننا اشترطنا على أمريكا إلغاء قانون – جِستا – مثلًا لوجدت المخارج القانونية لذلك، ولكن الله بحكمته جعل الناس يرزق بعضهم بعضًا، وتقول العامة: رزق الهبلان على المجانين.
أقول نستحق ذلك لأننا سكتنا ولم ننكر المنكر، ورضينا بالحياة الدنيا من الآخرة وما بقي إلا تكلفة بناء الهيكل، فهل ستبنيه الإمارات مثلاً؟ تلك الإمارات التي تشتري البيوت من المقدسيين وتعطيها لليهود، أم السعودية التي تحفر القناة بين البحر الأبيض وخليج العقبة لينجح مشروع -نيوم -وأقوال ترامب نفسه مقدمة لذلك. فقد صرّح أنه على العرب تمويل المناطق الآمنة التي تقترحها أمريكا في سوريا وقد بدأ التطبيع العلني مع اليهود وشعاره أعطنا ما نريد لكي نعطيك فوق ما تريد”.
ويقول الدكتور سفر الحوالي في صفحة 2744 من نفس الكتاب: “وأرجوا أن لا تخدعكم مرونة هذا الشعب فتحسبوا أن السكوت رضا، فهو غالبًا عن صبر واضطرار. والناس يخشون ما يسمونه القبضة الحديدية وإن كان قول الحق لا يقرب أجلًا ولا يؤخره، وأنتم حالة استثنائية، فلستم من قريش التي ثبت النص في كون الملك لها أي بالأحقية والاختيار، ولستم من حِميَر التي يؤول الملك إليها، إذا فسد الزمان وأصبح الحكم بالغلبة والاضطرار. وقد أثبتت الأحداث ضرورة تعديل السياسة السعودية الحالية وكل ما أعطيتم من المال ذهب هباءً حتى الآن بل ربّما كان ضدكم والناس إنما يصبرون ويستعذبون كل بلاء لأجل الدين والعقيدة فقط”.
ويقول الدكتور سفر الحوالي في كتابه الآخر يتحدث فيه عن القدس والأقصى والقضية الفلسطينية وهو بعنوان “القدس بين الوعد الحق والوعد المفترى” فيه يفند الرواية الصهيونية بأحقيتهم في القدس الشريف وفيه كذلك يتحدث عن الدور الأمريكي المنحاز بسبب البعد الديني في السياسة الأمريكية، ثم يستعرض فيه دور الأنظمة العربية ويشير فيها إلى دور آل سعود في التمكين للمشروع الصهيوني على حساب الحق العربي والإسلامي والفلسطيني، رغم تأكيده وجزمه أن المستقبل للإسلام، فيقول في صفحة 16: “إن كل ما حدث ويحدث هو بقدر الله الذي لا يرد، وله فيه الحكمة البالغة مهما ادلهمّت الخطوب وأحلكت الأحوال، فلن يتغير يقيننا لحظة واحدة أن النصر للإسلام، وأنه ما من محنة أصابت دعوة الإسلام إلا وهي متضمنة لمنحة إلهية كبرى. ولو لم يكن فيما حدث من نصرة للحق واستبانة لسبيل المجرمين إلا سقوط أقنعة الزيف والنفاق التي ظلت عقودًا تضلل الأمة وتمتص قواها كالثور في الحلبة باسم قضية فلسطين لكفى. لقد تكشفت الحقائق وأصبح بعض القادة يتنافسون في الإدعاء بأنهم الأسبق إلى تبني مشروعات السلام والتبشير بها، ولو كان وايزمن حيًا لحكم بينهم ولكن الأيام ستكشف كل شيء، والله مخرج ما كانوا يكتمون”.
هذه بعض أزهار ورياحين قطفتها من بساتين ورياض الصالحين، والدعاة العاملين نزلاء سجون ال سعود الدكتور موسى الشريف، الدكتور سلمان العودة والدكتور سفر الحوالي. أحمده سبحانه وأشكره أنني تشرفت بمجالستهم في بيوتهم وفي مجالس خير في الدنيا، وأسأله سبحانه أن يجمعني بهم على حوض الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم يوم القيامة.
اللهم إنا نستودعك علماءنا ومشايخنا يا خير وديع يا الله.
رحم الله قارئًا دعا لنفسه ولي ولوالدي ولوالديه بالمغفرة
والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون