أحد مهندسي “اتفاقيات أوسلو” من مقربي “رابين” يتحدث عن الأخطاء والانجازات!!
طه اغبارية
نشرت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، الثلاثاء، لقاء مع المحامي يوآل زنغر، أحد المقربين لرئيس الحكومة الإسرائيلية الراحل اسحق رابين، والذي لعب دورا هاما، بحسب الصحيفة، في توقيع “اتفاق أوسلو”، قبل 25 عاما، بين الاسرائيليين ومنظمة التحرير الفلسطينية برئاسة الراحل ياسر عرفات.
وقالت “هآرتس” إن زنغر، ترك البلاد بعد مقتل رئيس الحكومة الأسبق، اسحق رابين، ويعيش في الولايات المتحدة الأمريكية، وأشارت إلى أنه “غادر البلاد مكسور الفؤاد بعد مقتل رابين.
وتحدث زنغر للصحيفة عمّا أسماه “الفرص الكبرى المهدورة” بعد اتفاق أوسلو، ودعا الحكومة الإسرائيلية إلى عدم تقويض الأسس لسلام مستقبلي مع الفلسطينيين.
وبحسب الصحيفة، شغل زنغر، مستشارا قانونيا، مثّل إسرائيل في المفاوضات مع الفلسطينيين، وكان مسؤولا عن صياغة الاتفاقيات بشكل فعلي. وكشف للصحيفة بعض كواليس المفاوضات في “اوسلو” بالنرويج، وقال: “فوّتنا فرضة نادرة، ارتكبنا أخطاء، واليوم لا يوجد أمل لسلام في السنوات القريبة القادمة، ولكن علينا أن لا ننسى أنه في الخطوات التي يعتريها الفشل، يوجد أيضا نجاحات علينا أن نتعلم منها ونحافظ عليها”.
وقال زنغر إنه “استدعي في يوم من الأيام على عجل لمقابلة يوسي بيلين، نائب وزير الخارجية، وعرضت عليه مسودة لاتفاق مع الفلسطينيين، تتحدث عن حكم ذاتي على مراحل، تحولت لاحقا إلى “نبضات”، وهذا بخلاف اتفاقنا مع المصريين في كامب ديفيد، حيث ان الاتفاق مع الفلسطينيين يتحدث عن خطوة يتبعها خطوة، بعد نجاح الخطوة الأولى!!”.
وتحدث زنغر عن لقائه بممثلي عرفات في المفاوضات لأول مرة في أوسلو، ونقل لرابين انطباعاته الجيدة من اللقاء، وقال له “هم في الاتجاه الصحيح”-يقصد في نواياهم باتجاه الاتفاق على مراحل وموجات-.
وتطرق إلى الفشل في تنفيذ اتفاق اوسلو، بعد مقتل رابين وقال: “كنت اعمل لصالح رابين وبيرس، وظننت أن بإمكاني أن أساعد في انجاز سلام مع الفلسطينيين والأردنيين والسوريين واللبنانيين، ولكن لا زلت حتى اليوم مصدوما من قتل رابين، الذي احببته واحترمته كثيرا”.
وتحدث عن 3 أخطاء ارتكبتها إسرائيل في اتفاقيات اوسلو، وهي: عدم الموافقة على طلب الفلسطينيين بتجميد الاستيطان، وقال: “حاربت بشراسة، بناء على توصيات رابين وبيرس، برفض تجميد الاستيطان، ولكن لو عدت إلى الوراء ومن منطلق المصلحة الإسرائيلية، كنت سأقول إن تجميد الاستيطان هو مصلحة إسرائيلية من الدرجة الأولى. كان يمكن أن تقام بهذا النطاق دولة فلسطينية مستقلة، ولكن من كان يظن أن 5 سنوات حدّدت كمرحلة انتقالية في اوسلو، أصبحت 25 عاما، من كان يظن ان رابين سيقتل؟، اعتقد اليوم ان رفض طلب الفلسطينيين لتجميد الاستيطان، كان خطأ ارتكبه كل من رابين وبيرس، كان يمكن لي أن أكون مقنعا لهما، ولكن لم افعل واعتبر نفسي مذنبا أيضا”.
وأضاف: “عندما عملنا على اتفاقيات اوسلو، كان هناك نحو 100 ألف مستوطن في الضفة، وكان بالإمكان حينها الابقاء على قسم منهم في الضفة مع ترسيم طفيف على الحدود، أما اليوم فلا اعتقد أن أي رئيس حكومة مهما كانت قوته ورغبته بالسلام، يستطيع ان يوقف العجلة، كانت تلك خطيئة كبرى الموافقة على استمرار تنامي المستوطنات، اتفاق اوسلو، جعل وتيرة الاستيطان تسرع بشكل كبير جدا، قبل الوصول إلى الحل النهائي، الذي كان متوقعا بعد 5 سنوات من الحل المؤقت”.
أما الخطأ الثاني في نظر زنغر، فكان اعطاء الفلسطينيين السلاح للحفاظ على الأمن في الضفة وغزة، خلال المرحلة الانتقالية، مبينا أنه أبدى اعتراضه على ذلك لرابين، غير أن رئيس الحكومة الاسرائيلية حينها رفض وجهة نظره، وأصر على تسليم مهمة الأمن للفلسطينيين، ليس حبا بهم، كما يضيف، ولكن لأنه اعتقد أن “عرفات ورجاله هم من سيحاربون حماس والقوى المعارضة للسلام، وقد اتضح ان هذه القوات لم تكن قادرة على ذلك، كما حديث في غزة عندما سيطرت حماس هناك”.
ويعتقد زنغر أن الخطأ الآخر، كان بـ “الثقة” التي اعطيت لياسر عرفات، مشيرا إلى أنه كان يجب التعامل معه بحذر، خاصة انه في مفاوضات الحل النهائي، أبدى تشددا في مختلف التفاصيل. ولفت إلى العلاقات الحميمة التي ربطته مع المفاوضين الفلسطينيين.
وفي حديثه عن “انجازات اوسلو”، قال زنغر، إن اعتراف منظمة التحرير بإسرائيل وحقها في الوجود، مقابل اعتراف اسرائيل بالمنظمة كممثل للفلسطينيين دون الاعتراف بحقهم في تقرير المصير، كان أحد النجاحات المهمة التي تحققت في اتفاقيات أوسلو، كما اعتبر أن الاتفاق مع الفلسطينيين حقق نجاحات لإسرائيل في تطبيع علاقاتها مع العديد من الدول العربية، كما أشار إلى أن اتفاق اوسلو وضع “الأسس المبدئية لأي اتفاق مستقبلي مع الفلسطينيين”، معتبرا ذلك بمثابة نجاح آخر.