الحرب الاقتصادية.. هل تساعد تركيا بعقد تحالفات جديدة؟
منذ اللحظة الأولى لتفاقم الأزمة السياسية الأخيرة بين الولايات المتحدة وتركيا، وما ترتب عليه من تدهور كبير للعملة التركية؛ بدأت الأخيرة في التحرك بشكل حثيث لإيجاد تحالفات جديدة وتعزيز القديمة، كأحد الحلول والخيارات التي تمتلكها أنقرة لمواجهة الضغط الأمريكي.
وبحسب ما أعلنه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان فإن واشنطن بدأت ضد بلاده حربا اقتصادية في ظل تسجيل الليرة تراجعا حادا، مشددا على أن “تركيا لن تخسر الحرب الاقتصادية، وستكون قادرة على التغلب على الوضع، ولن يقطع الدولار طريقنا وسوف نرد بعملتنا الوطنية على الأطراف التي شنت هذه الحرب”.
ونظرا لأن الحرب اقتصادية، فقد بدأت تركيا بتعزيز علاقاتها مع أكبر الدول الاقتصادية في العالم، وهو ما جاء على لسان وزير الخارجية الصيني السبت، أن “بلاده تدعم جهود الحكومة التركية لحماية أمنها واستقرار اقتصادها”، لافتا إلى أن “بكين تدعم توقيع شركات صينية وتركية على مشروعات تعاون وفقا لقواعد السوق”.
وسبق الموقف الصيني، اتفاق المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل مع أردوغان، على عقد لقاء يجمع وزير الخزانة والمالية التركي مع وزيري الاقتصاد والمالية الألمانيين، لتعزيز علاقات التعاون بين البلدين من خلال تبادل المباحثات والزيارات رفيعة المستوى بين مسؤولي الجانبين.
وفي هذا الإطار، رأى الكاتب الأردني حازم عياد أن تحرك ميركل ودعمها لتعزيز الثقة بالاقتصاد التركي، جاء لأن ألمانيا لا تريد خوض التجربة ذاتها التي خاضتها بعد انهيار البنوك الأمريكية.
وأضاف عياد في مقال نشرته “عربي21″، أن “الدعم الألماني جاء أيضا لوجود 7 آلاف شركة ألمانية تعمل في تركيا بحسب قول وزير الاقتصاد الألماني بيتر ألتماير، الذي علق على العقوبات الأمريكية بالقول إن الرسوم التي يفرضها الرئيس دونالد ترامب على الواردات التركية والصينة، يمكنها أن تضر بالاقتصاد العالمي”.
دعم ألماني
فسر الباحث والمحلل السياسي علي باكير الاهتمام الأوروبي في الأزمة الاقتصادية التركية، قائلا إن “الاتحاد الأوروبي من أهم شركاء تركيا التجاريين، وكما أن تركيا تستفيد منه في هذا المجال، فإنه لا مصلحة لدى دول الاتحاد في زعزعة واشنطن لوضع الاقتصاد التركي”.
وأوضح باكير في مقال أن “مثل هذه الخطوة ستنعكس بالضرورة على الوضع الاقتصادي لدى العديد من دول الاتحاد، وهذا ما يفسر كذلك تصريحات وزير الاقتصاد الألماني الذي انتقد بشكل حاد الحرب التجارية الأمريكية”.
وتابع باكير قائلا إن “ألمانيا أكدت أن الإجراءات الأمريكية تبطئ النمو الاقتصادي وتدمره وتؤدي إلى عوامل جديدة لعدم الاستقرار”.
واستجابة لإعلان أردوغان بشأن استخدام تركيا العملة الوطنية في التبادلات التجارية الدولية، فقد أعلنت روسيا عن رغبتها في أن يكون التبادل التجاري مع تركيا بالعملة الوطنية، مبدية استعدادها لاستخدام العملات الوطنية في التجارة الدولية، وقالت إنها تدرس الأمر منذ فترة طويلة على أعلى المستويات.
وفي سياق متصل، استنكر وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف فرض الولايات المتحدة عقوبات اقتصادية على تركيا، محذرا من تحالف جديد ضد أمريكا.
وحذر ظريف في تغريدة نشرها على حسابه في “تويتر”، من أنه إذا لم تقلع الولايات المتحدة عن إدمانها فرض العقوبات والغطرسة فإن العالم كله سيتوحد ضد واشنطن، بما يتجاوز الإدانات الشفهية والكلامية، لإجبارها على التخلي عن ذلك، معتبرا أن نشوة ترامب في خلق مشاكل اقتصادية لتركيا، حليف الولايات المتحدة ضمن الناتو، أمر مخجل.
المدفوعات الثنائية
وحول التحرك التركي لبناء تحالفات جديدة لمواجهة الولايات المتحدة في ضغوطها، أكد أستاذ الاقتصاد والتمويل بجامعة “إسطنبول صباح الدين زعيم” أشرف دوابة أن جميع الأطراف تبحث عن مصالحها، مبينا أن تحرك فرنسا وألمانيا يأتي في هذا الإطار، لتفادي حدوث ركود عالمي.
ورأى دوابة في ندوة خاصة عقدتها “عربي21” أن تركيا أمامها أن تستفيد من حصتها التي ستخسرها من أمريكا في التجارة العالمية، من الدول الأوروبية وبدائل أخرى، مشددا على أنه “يمكن الاستغناء عن الدول التي تستعدي أنقرة والاقتراب من دول أخرى تحقق بينهما مصالح مشتركة”.
وفي ما يتعلق بإمكانية نجاح هذه التحالفات، ذكر دوابة أنه “لا يوجد مانع من حدوث ذلك، لأن التكتلات تحدث في ظل ظهور الأزمات، وخاصة أن تركيا لديها بديل للتعامل باليورو في أن غالبية تجارتها مع الاتحاد الأوروبي وأن معظم مستثمريها أوروبيون”.
وبين أنه “في حال تم تطبيق نظام المدفوعات الثنائية، فإن تركيا ستكسب أسواقا جديدة، مثل التعامل مع الصين بنظام العملة الوطنية، ما يساعد في حل الأزمة”، مؤكدا أن “ذلك سيستغرق وقتا”.