عـــلى هــامش مـــــــــظاهرة السبت..
صالح لطفي-باحث ومحلل سياسي
شهدت مدينة تل ابيب مظاهرة حاشدة للآلاف من أبناء الداخل الفلسطيني شارك فيها كافة الطيف السياسي والعقائدي الا القليل، وفي الوقت ذاته سبق ورافق ولاحق هذه المظاهرة شد وجذب على الساحة الفلسطينية في الداخل، تراوح بين منتقد أشد الانتقاد لهذه المظاهرة، وبين مؤيد متحمس وبين رافض لها، وثالث متوجس منها خيفة سواء بأن تفشل أو لأننا نقيم مظاهرة بهذه الأهمية في خارج حيزنا المعروف والمعتبر، والى جانب هذا كله رافق هذه المظاهرة وتلاها انتقادات شديدة من تيار اليمين الفاشي، ومن الاعلام الاسرائيلي الرسمي، وهذا الحراك بتناقضاته المختلفة يؤكد قضيتين، يؤكد نجاح هذه المظاهرة، ويؤكد أنها أثرت في المؤيدين والمتوجسين والمنتقدين على حد سواء، وهو مؤشرٌ على نجاحها، ويبقى السؤال المهم كيف يمكننا بعد ذلك تجيير هذا النجاح لصالح ما تداعت أليه لجنة المتابعة من صريح القول برفضها وعملها على إلغاء قانون القومية؟.
على مستوى الداخل الفلسطيني يمكن لهذه النقاشات التي جرت وما تزال على صفحات التواصل الاجتماعي وفي المنتديات ومجالس “القول”، أن تستمر الى ما شاء الله لكنها ستكون أضغاث أحلام لا تسمن ولا تغني من جوع، ومجرد كلمات لا تمس الواقع المعاش بصلة إن لم تتنزل الى أرض الواقع تعايشه وتحايثه (أي تدارسه من حيث هو بذاته دون استحضار لما يحيط به ويؤثر فيه) وتنازله مدافعة (المدافعة عبارة عن خطة عمل أو مجموعة من الترتيبات والتحركات والاعمال هدفها تغيير سياسات أو مواقف أو ممارسات و\أو تحويل المحددات في قضية معينة الى إمكانات أو إزالة السلبيات وتتم هذه العملية في سياقات نسق مؤسسي) طورا ومعاركة، طورا آخر من أجل أن تتجدد الفكرة وتتطور، فالأفكار مهما كانت عظمتها إن بقيت حبيسة التنظير ولم تنزل الى ارض الواقع، تُمَارس ليتكشف زبدها من نفعها فهي مجرد طروحات يستطيع طارحها أن يقتلها تنظيرا ويتغنى بها عدد سنين، ثم هي في نهاية الأمر أثرا بعد عين.
لا نفي ولا مزايلة ولا تخوين..
لكل مجموعة محزبة أيا كانت، الحق الكامل في تقديم طروحاتها وأفكارها مزايلة-المزايلة تعني المباينة والمفارقة-للواقع ومتناوشة معه، ولكن لا يحق لها أبدا أن تنفي الآخر مهما كانت بذالة أفكاره وطروحاته ومخاطرها على واقعنا ومستقبلنا، والاصل عند الاصوليين من المفكرين والعاملين والايديولوجيين أن الطروحات تكشف خبايا وخلفيات وقناعات من طرحها تماما كما تكشف ملامح تفكيره وتنظيراته، ويمكن للحصيف أن يتوقع مستقبل هذه الطروحات عندما يطرحها على معادلات حركة الحياة سلبا ونفعا للمجتمع واقعا ومعادا. وكلما كان المجتمع محصنا وواعيا كلما زايل هذه الافكار والطروحات ونبذها آخذا منها ما يصلح، وتاركا كل فاسد فيها ومعها، وهذا يصح في تلكم المجتمعات التي لا تستسلم لواقعها المستخذي ولا لاستبداد مجموعة بعينها سواء كانت عرقية أو أيديولوجية، أو دينية ولا لدخيل وافد متسلح بمساحيق فكرية مهترئة.
يشكل التخوين والاستهزاء والتحقير أخطر مظاهر قتل الشخصية المجتمعية والحصانة الجماعية لمجتمع، أيا كان، خاصة أذا كان هذا المجتمع كمجتمعنا استحال أقلية بفعل عوامل ليس له فيها نصيب، الا بقدر قراءاتنا مثنى وثلاث ورباع انقسم المؤرخون لتاريخ نكبتنا وتحولاتها الى اربع اقسام حول الواقع الذي تلبس به الفلسطينيون يوم ذاك والمألات التي أدت الى ما نحن فيه] لتلكم اللحظات التاريخية الفارقة التي أدت بنا الى ما نحن فيه اليوم، وقد كان لمرض التخوين سبب مباشر في مسلسل الانتكاسات التي ضربتنا في مقتل منذ النكبة الى اليوم، وفي هذا السياق من الضرورة بمكان أن نفرق بين الخائن العميل الساقط البائع لشعبه ووطنه من أجل دراهم معدودات سواء كان هذا الخائن ممن يتجسس ويتحسس احوال العباد وينقلها الى أسياده او اولئك الذين آلوا على أنفسهم ألا أن يدمروا مجتمعنا باسم التحرر المطلق، فحاربوا كل فضيلة وخلق ودين وقيم اجتماعية باسم التقدم، أو ذاك الفريق من الناس الذي يعتبر أن رأيه صحيح لا يحتمل الخطأ، وما عداه جاهل أو عميل او منتفع أو مدمر لمجتمعه، بنشر السموم والقتل والارهاب والعنف وتدمير السلم الاهلي، فهذه المجموعات الاربع تعتبر خناجر حقيقية في جسد مجموعة كمجموعتنا نحن ابناء الداخل الفلسطيني، ومع مثل هؤلاء لا يجوز التسامح والتهاون إنما الاصل العمل على تعريتهم لحفظ بيضة مجتمعنا من الانهيار، تحت معاول هؤلاء فكم من شعوب الارض انتهت بسبب هذا الطابور الخامس الذي يبيع شعبه ووطنه دراهم معدودات، ولا يخفى على احد كم هم البائعون اليوم لأوطانهم وشعوبهم في سوق النخاسة الدولية من رؤوس أموال وقيادات حزبية مهترئة وزعماء مستبدين من طواغيت وظلمة وفساق، طال هذا الفسق علماء وسفلة.
في هذه المقالة سأحاول أن أتناول تداعيات مظاهرة السبت من خلال طروحات ونظريات ما بعد الاستعمار أو النظرية ما بعد الكولونيالية باعتبارها من أهم النظريات الأدبية والنقدية ذات الطابع الثقافي والسياسي، لكونها تربط الخطاب بالمشاكل السياسية الحقيقية التي تواجه المستعمرين والمستَعمَرين…. ترتكز هذه النظرية على مجموعة كبيرة من الطروحات الفلسفية التي تناولت الاستعمار عبر صيروراته التاريخية المختلفة ويمكنني تلخيص تلكم الطروحات بالعناوين التالية: فهم ثنائيات الشرق والغرب، تفكيك خطاب الرجل الابيض\الاستعماري، الهوية الوطنية الجامعة لمواجهة الاستعمار الحديث، علاقة الآنا بالأخر، تأسيس علم الاستغراب، مقاومة المادية الثقافية، تفكيك الخطاب الغربي ويشمل الفن والسينما والمسرح والأزياء …، النقد الذاتي للتجربة الوطنية الخارجة من كنف الاستعمار، علاقة النخب البرجوازية بالاستعمار، تفكيك الخطابات البينية التي تجسر العلاقات بين المستعمِر والمستَعمَر، التعددية الثقافية داخل الوعاء الوطني المتشكَل ما بعد الاستعمار….
في هذا السياق ثمة ضرورات ملحة وضرورية لطرح موضوع المشاركة في الكنيست في كافة المحال والصعد والاطر العربية من دون تشنجات ومواقف مسبقة، ومن الضرورة طرح سبل تنجيع عمل المتابعة والارتقاء بها الى مستوى يليق بنا كمجتمع يعيش مسلسل من التحديات لا تتوف طالت كافة مرافق الحياة، ومن الضرورة إعمال العقل في كيفية الارتقاء بمجتمعنا في الداخل الفلسطيني، ليستشعر هذه اللحظة الفارقة في تاريخه فلا تتكرر مأساة قد مضت.
قانون القومية.. اسرائيل الظاهرة الاستعمارية وفلسفة البقاء
لاحظ المتابع للمظاهرة وما جرى بعدها مساعي الاعلام العبري وبعض من الاعلام العربي التقليل منها والانتقاص من جدواها بل وقلل من عددها مقارنة بمظاهرات سبقتها والحقيقة أن كل من شارك في تلكم المظاهرة يعلم يقينا أنها ضخمة وضخمة جدا تاركا جانبا نقاش كم عدد المشاركين من اليهود فيها، فالمظاهرة كما أسلفت أثرت في اليمين الفاشي وفي مقدمتهم زعيمهم الذي يعلمهم السحر بنيامين نتنياهو، وقد بدا واضحا كم أثر فيهم العلم الفلسطيني لا لسبب إلا لأنه نكأ جراحهم وذكرهم أن على هذه الارض التي سلبوها ونهبوها، اصحاب لها ما زالوا احياء يقولون الحق وأن مظاهرتهم في تل ابيب مدينة الصهيونية الاولى، إنما هي على ارضهم المسلوبة المنهوبة فهم في تلكم المظاهرة يُذَّكِرون الجميع بيافا والشيخ مونس وسلمة والمسعودية وغيرها كثير من قرى قامت عليها مدينة تل ابيب رمز الصهيونية العلمانية. دون خوض في نقاش ضرورات رفع العلم من عدمه وما جرّ على المظاهرة من رفع للعلم الاسرائيلي خلط الحابل بالنابل وأوحى للعديد أن سقف هذه المظاهرة اسرائيلي بامتياز الى جانب مضامين الخطابات التي ألقيت.
نلاحظ حراكا واسعا في صفوف النخب المثقفة ممن تشكل الطبقة البرجوازية “النامية” في مجتمعنا العربي الفلسطيني في الداخل وتمتاز هذه النخبة بثرائها الفكري وتعدديته من جهة وبتواصلها واتصالها وتداخلها وإن بتفاوت كبير مع المجتمع الاسرائيلي الذي يعتبر في سياق الراهنين المعاش والمقونن مجتمعا استعماريا، وتتعقد المسألة بشكل مكثف يوم يتقدم للتنظير في الشأن الداخلي للفلسطينيين من يتكسب ويترزق من المؤسسات التابعة لذاك المجتمع، وقد يعيش هذا “المفكر او الاكاديمي” ثنائيات القناعات وطروحاتها ومسائل العمل والارتزاق وتداعياتها.
تعتبر طروحات الفيلسوف المارتيني فرانز فانون في علاقة البرجوازية المُستَعمَرَةُ مع الاستعمار أساسا أخلاقيا لفهم العلاقة بين هذه النخب والاستعمار خاصة يوم أن تتحول إلى أداة من أدواته الناعمة لاستمرار سيطرته على تلكم الشعوب.
لم تكن اسرائيل ولن تكون ظاهرة خارجة عن انماط الاستعمار الذي اغتال الشعوب وتطلعاتها وأخضعها له عبر أدوات تربت تحت عينه ورعايته ودفع بها يوم الاستقلال لتتسلم مقاليد البلاد، أو دفع بها مبكرا يوم كان يمارس دور “الانتداب” لتجهيز تلكم الدول\الشعوب للتحرر…. كما ان اسرائيل ظاهرة استعمارية تخلقت في مختبرات الدول الاستعمارية عبر صيرورة تاريخية تمت في أرحام باريس ولندن وموسكو وواشنطن، كذلك فإنّ النخب البرجوازية الفلسطينية سواء تلكم التي في الداخل الفلسطيني، وقد نشأت تحت عين وبصر اسرائيل أو تلكم التي خارج هذا الداخل، فقد تخلقت كذلك في مختبرات موسكو “الشيوعية” والاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة وما زالت تتغذى بعض من هذه النخب على ما يقدمه هذا الاستعمار “المتنور” من فتات يعتاشون منه وعليه، ويتقدمون بأجندات تلكم الدول لغزو واقعنا المخترق اصلا الساعي ابتداء لتثبيت الوجود اليهودي على هذه الارض ولذلك فإن عديد الطروحات التي تقدمت بها تلكم الطبقة البرجوازية من اكاديميين وحقوقيين تصب بشكل أو بـآخر في تحقيق الهدف الاوروبي الساعي كما أشرت لتثبيت هذا الوجود فالاستعمار الاوروبي منذ تفكيك الدولة العثمانية وتفكيك منطقتنا وإقامة إسرائيل يحرص على قضيتين أساسيتين فقط: بقاء اسرائيل وبقاء العرب متفرقين متشرذمين لا تجمعهم جامعة قط.
لا ينتطح عنزان أنّ قانون القومية أصاب بمقتل طروحات التيار العلماني الفلسطيني في الداخل وأصاب بمقتل أشد تلكم النخب البرجوازية التي نظّرت لليوم القادم فقد سقطت طروحات المساواة التي تبناها الحزب الشيوعي ومن بعده الجبهة وسقطت طروحات دولة كل مواطنيها التي طرحها التيار القومي ممثلا بالتجمع الوطني، وسقطت طروحات الدولة العلمانية الواحدة على كامل تراب فلسطين “الانتدابية” التي طرحتها حركة أبناء البلد وبقيت فقط طروحات الحركة الاسلامية المحظورة التي نادت بلا خجل ولا وجل ودفعت ثمن هذه الطروحات ان فلسطين “الانتدابية” التي هي تصنيع استعماري للفلسطينيين وفقط للفلسطينيين، وأن اسرائيل ظاهرة إحلالية استعمارية مدعومة اقليميا ودوليا وان المؤسسة الاسرائيلية تستطيع عبر مفاعيلها الكثيرة وادواتها الكبيرة وإمكانياتها الهائلة أن تؤخر عجلة الخلاص لكنها أبدا لن توقفه، وأن خلاص مجتمعنا يكون في طروحات المجتمع العصامي الذي يؤمن بتعزيز الذات عبر تعميق مفاهيم الزهد في حياة الناس: زهد من غير فقر، زهد في الملذات وزهد في هوامش الحياة وزهد في الكماليات، زهد مكمل بالتواضع والاخبات والتعاضد بين الناس، زهد يفضي الى تأسيس أكمل لحياة الانسان والمجتمع يتعاضد فيه الجميع لتأسيس حياة نظيفة وحرة تتكامل فيها الذات\الأنا مع الجمع\الجميع\المجتمع.
لا شك أن قانون القومية وإن أدخلت عليه تعديلات فقد حقق للمجتمع الكولونيالي اليهودي ثلاثة أهداف مركزية: يهودية الدولة ويبقى نقاش ديموقراطيتها شأن داخلي بين اسرائيلي، أرض فلسطين التاريخية الانتدابية استحالت ارضَ اسرائيل ولا وجود لأرض فلسطينية مطلقا وبالتالي لا اعتراف لحق الفلسطيني فردا ومجتمعا على هذه الارض مطلقا، وتأكيد حق تقرير المصير لليهود في دولة اسرائيل القائمة في ارض اسرائيل- ولم تتوسع بعد لتشمل كافة ارض اسرائيل التوراتية – وستكون التعديلات أي كانت ومهما كانت لا قيمة لها مقابل تحقيق هذا المنجز التاريخي لليهود ولسنا هنا بصدد دراسة تداعيات هذا القانون المعيشية والسياسية على الكل الفلسطيني بل نحن بصدد التأكيد على أن هذه الحكومة قد حسمت العلاقة مع الاخر على هذه الارض من خلال تصورات ايديولوجية وليس طروحات براغماتية .
نحن اليوم أمام خطاب صهيو- يهودي ملتزم بفلسفة مُؤسَسَةٌّ على متلازمات اليهودية كدين وسياسة وأيديولوجيا وتنزع هذه التوليفة نحو تأكيد معادلات جديدة للصراع بين هذه الدولة “الاستعمارية ذات الخطاب الميثولوجي (الخطاب المفعم بالأساطير) وبين من يعيش بين ظهرانيها من غير اليهود وتتعاطى بناء على هذا الخطاب مع تلكم المجموعة على انها مجرد أفراد ترفض الاعتراف بهم كشعب او كأقلية قومية لها حقوق جماعية، وبناء على هذا السلوك القديم الحديث المتجدد رسميا والمقونن بقانون اساس القومية تصبح ثنائيات الأنا والأخر جد واضحة، تتطلب من الكل الفلسطيني قراءات مختلفة بعيدة عن ثنائيات الحقوق أي كان نوعها الى قراءة تتعمق في تفكيك هذا الاخر/ الصهيو-يهودي ومواجهته بأدوات خارج صندوق تفكير تلكم المجموعة النمطي. كما أن هذه المجموعة المتغلبة تعمل من خلال هذا القانون على فرض هوية جامعة للإسرائيليين، وهذا سر خروج الالاف منهم رافضين هذه الوصاية وهذه الهوية الجديدة، مبنية على اساس من صهيونية متهودة ويهودية متصهينة، وهذا بدوره يتطلب من الكل الفلسطيني بناء هوية وطنية جامعة تجمع تحتها الكل الفلسطيني بتنوعاته المختلفة بناء على مُتَّفِقَاتٌ من الحد الادنى وتكون القضية في هذا السياق أكثر تعقيدا فيما يتعلق بالداخل الفلسطيني المتشظي الهوية والمصاب بفصام التفكك المجتمعي والسياسي والقيمي وأمراض الاسرلة، وإن كانت ثمة مساع للخروج من أزماته المتتالية التي تعصف به يوميا وما غول العنف عنا ببعيد.
النقد الذاتي في ظلال تعقيدات المشهد السياسي
النقد الذاتي في ظلال تعقيدات المشهد السياسي وما تفتقت عنه أذهان المؤسسة الاسرائيلية يتطلب من مجاميع الداخل الفلسطيني خاصة النخب الناصحة والمخلصة نقدا ذاتيا رصينا وحصيفا فالمؤسسة الاسرائيلية لن تسمح لهذه المجاميع بمثل هذا التفكير بل سترهقها بيوميات نائب في ريف المستعمَرة المسماة: الداخل الفلسطيني وها نحن نسمع وزير المالية يتحدث عن تفكيك الكنيست مطلع الدورة الشتوية استعدادا لانتخابات تشريعية فنتنياهو لن يسمح لأحد قط بتدمير او عرقلة مشروعه الرامي لتحقيق معالم تأسيسية فكرية وثقافية وقانونية وأخلاقية لإسرائيل الثانية “الكبرى-اليهودية”، ولذلك سيعمل على تفكيك المفكك وتشتيت المشتت وإلهاء من يفكر ويخطط ويبرم أمر رُشدِ بنفسه ومن ذلك على سبيل المثال لا الحصر الانتخابات المبكرة خاصة وأن الداخل الفلسطيني بعد قانون القومية منقسم على نفسه بشأن انتخابات الكنيست وجدواها بين داع للمقاطعة وبين داع للمشاركة، وهذا بحد ذاته من معالم تشظي الهوية الداخلية يعرقل بناء هوية جامعة للكل الفلسطيني.
ثقافة الاستبداد الشهواني..
وفي سياق ما نحن فيه تتجلى بين ظهرانينا معالم ثقافة الاستبداد الشهواني بين شرائح واسعة من ابناء الداخل الفلسطيني فهم يريدون مواجهة قانون القومية بأخف الوسائل وبأقل الاضرار وبحسابات دقيقة بحيث لا يتأُثرُ من ذلك مصلحة أي كان نوعها ، وهذا الاستبداد الشهواني خلق حالة مرضية بين هذه الشريحة من الناس فهم يعتقدون أنهم بمجرد المشاركة في مظاهرة أو تظاهرة رفع شعارات أو ندوة أو خطاب “ما” يكونوا قد أدوا واجبهم الوطني أما الذين هم أسوأ منهم فهم الفسبكيون ممن ينظرون وهم خلف أستار شاشاتهم وفي مجالسهم المختلفة فيظنون أنهم قد أدوا الواجب أذ انتقدوا فهم من على صفحات عالمهم المتخيل يديرون معركة مصيرية مع المستعمر الاسرائيلي الذي من دكاكينه ومن محالة تم شراء تلكم الاجهزة وعبر برامجهم التي ابتدعوها يعبرون عن آرائهم ويتحولون الى اهداف وبرامج عمل وتفكيك عند هذا المستعِمر ليعد عدته بناء على توصيات الخبراء وعلماء الاجتماع في كيفية اصطياد هذه المجموعات التي أضحت من حيث لا تدري مصدرا ثَراِ للعلوم الانسانية في مختبرات هذه الدولة وحلفائها في العالم. فهو من حيث لا يدري يخدم هذا المستعمِر في كيفية إطالة عمره أذ الاستعمار دائما يبني استمراره على امتصاص خيرات المستَعمر وكيفية تدجينه ليقبل به أما سيدا أو شريكا متسيدا.
وللحديث بقية…..