قريبًا سنطفئ لهيب نارهم
الشيخ كمال خطيب
# 14/8/2013 محرقة رابعة
قبل ثلاثة أيام فقط من يومنا هذا أو تحديدًا يوم 14/8، كانت يوم الذكرى الخامسة لمحرقة ومجزرة رابعة التي أمر بتنفيذها الانقلابي السيسي بحق معتصمين سلميين مصريين، كانوا يطالبون بسقوط الانقلاب الذي قام به السيسي ضد الدكتور محمد مرسي الرئيس الشرعي لجمهورية مصر العربية.
لم يكتف عبيد السيسي من منتسبي الأجهزة الأمنية بقتل الرجال والنساء والأطفال وبالبث المباشر، بل إنهم أشعلوا النار في الخيام التي قتلوهم بها، ومنهم من هرب حيًا ومنهم من نقل جثمانه إلى داخل مسجد رابعة، وقد أشعلت النار في المسجد ليختلط صوت أزيز رصاص القتلة مع آهات الجرحى مع رائحة شواء أجساد الأحياء والأموات من الشهداء.
أيًا كانت أرقام أعداد الشهداء ولكنها كانت بالآلاف، قتلوا خلال ساعات معدودات في واحدة من أبشع المحارق والمجازر في العصر الحديث ارتكبها حاكم مستبد ضد شعبه، وقتل فيها مجندون أبناء شعبهم إرضاء لطاغية متغطرس اغتصب إرادة شعبه، وانقلب على من اختاره وزيرًا للدفاع.
إنه الطاغية المستبد الذي أَلِفَ لون الدماء، هو نفسه الذي أطلق لمرتزقته العنان لاستمرار قتل أهالي سيناء وتهجيرهم. إنه الذي ما ظهرت بطولاته ولا عبقريته ولا حنكته العسكرية في مقارعة أعداء الأمة أيًا كانوا، وإنما هو الذي أظهر حقده ضد أبناء شعبه الذين اختاروا لأنفسهم نهجًا فكريًا وقناعات دينية ورؤى سياسية تختلف عن تلك التي آمن بها أسياده في تل أبيب وواشنطن، ولذلك فإنه قد أوكلوا إليه هذه المهمة القذرة تحت عباءة مكافحة الإرهاب. فلا أدري هل بقي هناك إرهاب أسوأ من إرهاب السيسي أو عمالة هي أقذر من عمالته؟!
إنه السيسي ربيب اسرائيل والذي ظن وبغبائه أن الشعب المصري مفجر الثورات، والتي كانت آخرها ثورة 25/ يناير/ 2011 قد خضع واستكان، وأنه الشعب الذي سيقبل به حاكمًا أبدًيا. إنه لا يقرأ التاريخ الذي سينبؤه أن طواغيت كثيرون في مصر وغيرها قد طويت صفحتهم، وهم الذين ظنوا يومًا أنهم الأقوى لأنهم ظنوا أنهم الخالدون، وإذا بأقدام الشعب تدوسهم لما تأتي الغضبة والطوفان وهو قادم وقريب، وعندها سيدرك هذا الطاغية ان مكانًا قد حُجز له في مزابل التاريخ.
# 21/8/2013 محرقة الغوطة
وبعد ثلاثة أيام فقط من يومنا هذا فإننا سنكون مع الذكرى الخامسة لمحرقة غوطة دمشق، وقتل أكثر من 600 رجل وامرأة وطفل سوري خنقًا بالغازات الكيماوية السامة على يد مليشيات طاغية الشام بشار الأسد.
ليسامحنا شهداء سوريا الذين قتلوا بهدوء ومن غير دوي المدافع. لأن دوي محرقة رابعة ارتكبها طاغية مصر كان قد أشغل الكثيرين، فلم ينتبهوا لحجم معركة الغوطة ارتكبها طاغية الشام، بل ولعله لم يبق يومها في المآقي دموعًا ليبكي على شهداء الشام لكثرة ما كان من البكاء على شهداء مصر.
هكذا هم الطواغيت وهذا هو منطقهم مع كل من يقول لهم لا. انه منطق فرعون الذي هدّد وتوعد من خرجوا عليه وآمنوا بموسى فقال {لأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ثم لأصلبنكم أجمعين} آية 24 سورة الأعراف. وإنه منطق النمرود الذي أمر بإشعال النار العظيمة ليحرق بها إبراهيم عليه السلام {قالوا حرّقوه وانصروا آلهتكم إن كنتم فاعلين} آية 68 سورة الأنبياء.
وإنه نفس منطق فراعنة ونماردة هذا الزمان، السيسي وبشار وابن سلمان إما السجن أو القتل أو التهجير. وإنها قائمة أشكال وأنواع القتل المتعددة والمتنوعة، كلها بمتناول أيديهم يستخدمونها ضد كل من يقول لا لظلمهم وطغيانهم.
لقد كشفت محرقتي رابعة القاهرة وغوطة دمشق عن كذب ونفاق أدعياء الديمقراطية وحقوق الإنسان في أوروبا وأمريكا، حيث ثبت قطعيًا دعمهم لانقلاب السيسي سياسيًا واقتصاديًا وعسكريًا وما يزالون. وثبت بعد تنصيبهم الأسد رئيسًا لسوريا ورضاهم بعد مسرحيات سعيهم لإسقاطه بسبب جرائمه، إنهم لم يكونوا سوى ممثلين في مسرحية قذرة ضحاياها هم أبناء الشعب السوري من العرب المسلمين السُنة وليس غيرهم.
كيف لطاغية أن يظل رئيسًا للسوريين بعد إذ قتل مئات الألوف منهم، وبعد إذ شرّد الملايين. كيف لطاغية أن يشعر بالأمان ولو دعمته كل قوى الشر في العالم، بينما هو يعلم أن لكل بيت في سوريا قصة ثأر معه لن تنتهي فصولها إلا بعد دفع فاتورة حساب ثمينة ومكلفة مهما طال الزمان. وهل ننسى نحن الفلسطينيين لحافظ الأسد والد بشار الذي ارتكب مجزرة تل الزعتر في آب اللّهاب تحديدًا يوم 12/8/1976 وقتل فيها آلاف الفلسطينيين دعمًا للميليشيات الطائفية اللبنانية، حتى اضطر الأهالي بسبب الجوع الذي استمر أربعة وخمسين يومًا أن يأكلوا لحوم القطط، بل صدرت فتاوى بجواز أكل لحوم الشهداء للإبقاء على الأحياء.
نعم لقد استأسد بشار على السوريين بينما هو يقف ذليلًا مهينًا وتحت رحمة اسرائيل على حدود الجولان التي ضيّعها أبوه، ويعود بشار إلى الجولان برضى بل وتنسيق مع قادة اسرائيل وقد أشادوا بالجيرة الحسنة له ولأبيه طوال قريبًا من خمسين سنة، لكن طال الزمان أو قصر فلا الغوطة ولا حلب ولا درعا ولا كل قرية أو مدينة سورية، فإنها لن تنسى لبشار محرقة الغوطة ولا كل من مجازره بحق السوريين، وإنه حتمًا ويقينًا سيدفع ثمن جرائمه وإن غدًا لناظره قريب.
# 21/8/1969 حريق الأقصى
إنه نفس يوم الحادي والعشرين من شهر آب الذي شهد معركة الكيماوي في غوطة دمشق في العام 2013، الذي سبق وشهد في العام 1969 حريق المسجد الأقصى في القدس الشريف. إنه الحريق الذي أشعلته نار الحقد الصهيونية في المنبر الحلبي الشامي الذي صنعه خيرة صناع حلب والشام بأمر من نور الدين زنكي وقدمه صلاح الدين للمسجد الأقصى المبارك هدية في يوم تحريره من الصليبيين.
ليس أن “دينس روهان” ذاك المجرم الصهيوني أراد أن يشعل النار في خشب المنبر وهو يعلم أنه بالإمكان صناعة منبر جديد للمسجد الأقصى، لكنه أراد أن يحرق بقايا مجد وآثار عزة في نفوس العرب والمسلمين. وتصديقًا لحقيقة ما أراد ذاك المبعوث فإنها الجملة التي قالتها جولدا مئير رئيسة وزراء إسرائيل يومها، وقد قالت: “إنني لم أنم تلك الليلة خوفًا من ردة فعل العرب والمسلمين، فلما أصبح الصباح ولم أسمع إلا بيانات شجب واستنكار فقد اطمأن قلبي وهدأ روعي”.
نعم لقد ماتت وذبلت واحترقت معاني الرجولة والعزة في صدور رجال اغتصبوا الحكم في مصر، أقصد جمال عبد الناصر وقد اعتبره السيسي قدوته ومثله الأعلى، وفي سوريا أقصد حافظ الأسد وكلاهما ما يزالان يتجرعان مرارة خيبتهم وهزيمتهم في حزيران/ 1967 وضياع الجولان وسيناء. فكيف لذليليين أن ينتصروا للمسجد الأقصى المبارك، بل وكيف لمن انخرسوا وذلّوا عن الانتصار للمسجد الأقصى المبارك ومنع حريقه ألا يقوموا هم وأتباعهم وأبناؤهم والسائرون على طريقهم ألّا يشعلوا النار ويرتكبوا المجازر والمحارق في رابعة القاهرة وفي غوطة دمشق.
# 20/8 يوم عرفة حارق الذنوب
أيام قليلة تفصل بيننا وبين بداية مناسك الحج المبارك، يوم التروية الثامن من ذي الحجة ثم يوم عرفة التاسع من ذي الحجة ثم يوم العاشر منه، يوم النحر يوم عيد الأضحى المبارك.
وإذا كان في يوم رابعة قد احترقت الأجساد، وإذا كان في المسجد الأقصى قد احترق المنبر والأخشاب والسجاد، فإن في يوم عرفة تحترق الذنوب وينقي الله ضيوفه من كل أدران وأوساخ دنياهم، ويعتقهم من النار. نعم إذا كان السيسي وبشار وقد أحرقا المهج والأجساد، وإذا كان دينس روهان قد أحرق المنبر والسجاد فإن الله سبحانه في يوم عرفه يحرق الذنوب ويعتق عباده وينجيهم من حريق النار. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبيدًا من النار من يوم عرفه”. وفي الحديث الآخر من حديث جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “ما من يوم أفضل عند الله من يوم عرفه ينزل الله تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا فيباهي بأهل الأرض أهل السماء فيقول: انظروا إلى عبادي شعثًا غبرًا ضاحين، جاؤوا من كل فج عميق يرجون رحمتي ولم يروا عذابي، فلم يُر أكثر عتقًا من النار من يوم عرفه”. وفي موطأ الإمام مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “ما رؤي الشيطان يومًا هو فيه أصغر ولا أدحر ولا أحقر ولا أغيظ منه يوم عرفه، وما ذاك إلا لمّا يرى من تنزل الرحمة وتجاوز الله عن الذنوب العظام”. وهو القائل صلى الله عليه وسلم: “من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه”.
وليس أن الحجاج هم من يحظون وحدهم بشرف حرق ومغفرة ذنوبهم وعتقهم من النار يوم عرفه، بل إنهم غير الحجاج من المسلمين الذين يعظّمون هذا القيام بالصيام، وقد قال في ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم: “صيام يوم عرفة احتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والتي بعده”. فيا صاحب الذنب وكلنا مثلك اغتنم موسم الخير هذا، وإياك أن تفوت فرصة يوم حرق الذنوب والعتق من النار. فعليك بصيامه والوقوف على باب مولاك لعله ينظر إليك فيقول وأنت يا عبدي قد غفرت لك وأعتقتك من النار.
# 25/8 يوم انطفاء لهيب الشوق
إنه اليوم الذي فيه سيتم بإذن الله إطلاق سراح الأخ الحبيب والبطل الغالي الدكتور حكمت نعامنه ابن مدينة عرابة، بعد أن مرّ عليه في سجون الظالمين ثلاث وعشرين شهرًا.
وسيكون العيد بعيدين كما يقال، عيد الأضحى وعيد إطلاق سراح عاشق الأقصى الذي ضحّى من أجل خدمة القدس والمسجد الأقصى، فعوقب على ذلك بسجن ظالم.
في يوم إطلاق سراحه القريب بإذن الله تعالى سينطفئ لهيب شوق الأم والأب، الزوجة والأبناء، الأخوة والأخوات بل وكل من أحب حكمت من أهل مدينته وأبناء دعوته وجماهير شعبه، الذين يعرفون للدكتور حكمت فضله وتفانيه ومواقفه الوطنية والإسلامية، وفي مقدمتها دوره المشهود في خدمة المسجد الأقصى عبر المؤسسة التي كان يديرها قبل حظر الحركة الإسلامية. وإنها التهنئة الخاصة سلفًا لوالد ووالدة وزوجة وأخوة وأخوات، وللزهرات الجميلات ملك وشيماء والصغير محمد الذين وقفوا داعمين مساندين لحكمت في مشوار مقارعته محاكم وسجن الظلم الإسرائيلي.
سيفرح كل هؤلاء ونفرح معهم بتحرير عاشق الأقصى، وسينطفئ لهيب شوق كل المحبين لحكمت، والعقبى بإذن الله أن يتحرر كل أسرى شعبنا من سجون الظالمين. وليس هذا فحسب بل إنه وكما انطفأ لهيب نار المجوس والروم على يد صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن نار روم ومجوس هذا الزمان ستنطفئ وينطفئ معها نيران المشروع الصهيوني وكل عملائه من موقدي ومرتكبي المجازر بحق شعوبهم السيسي وابن سلمان وابن زايد ومن لفّ لفيفهم.
إنها غيوم طوفان إسلامي مبارك راحت تتلبد وتتجمع وتوشك أن تنزل فلا تذر من هؤلاء الفاسدين ديّارًا.
نحن إلى الفرج أقرب فأبشروا.
رحم الله قارئًا دعا لنفسه ولي ولوالدي ولوالديه بالمغفرة
والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون