“الوفاء والإصلاح” ينظّم ندوة سياسية حول “قانون القومية” وتداعياته
ساهر غزاوي
نظّم حزب الوفاء والإصلاح في الداخل الفلسطيني، الجمعة، في مدينة سخنين، ندوة سياسية حول تداعيات وإسقاطات “قانون القومية”.
وتحدث في الندوة التي أقيمت في المركز الجماهيري في سخنين، السيد مازن غنايم رئيس بلدية سخنين، الشيخ حسام أبو ليل رئيس حزب الوفاء والإصلاح، المحامي والحقوقي وسام غنايم، والبروفيسور إبراهيم أبو جابر المحاضر في جامعة النجاح في نابلس، فيما أدار الندوة الأستاذ رؤوف حمود عضو حزب الوفاء والإصلاح.
شعب لا يقبل التجزئة
وافتتحت الندوة بمداخلة لرئيس بلدية سخنين السيد مازن غنايم، استهلها بالترحيب بالحضور الكبير وأعرب عن سعادته لاستضافة ندوة حزب الوفاء والإصلاح السياسية وقال: “قانون القومية ليس مفاجئأ لنا نحن فلسطينيي الداخل، هذا القانون جاء من أجل إلغاء وجودنا نحن أصحاب الأرض الأصليين، تمسكنا في هويتنا ولغتنا وعروبتنا سيكون ردّنا على هذا القانون العنصري الذي سنّه الكنيست، بل إن هناك تنافس في سن مثل هذه القوانين العنصرية ضد مجتمعنا العربي”.
وأكد غنايم أن فلسطينيي الداخل جزء لا يتجزأ من الشعب العربي الفلسطيني وقال: “نحن مجتمع لا نقبل الفتات من نتنياهو ومن غيره، طلبنا هو الغاء قانون القومية، وعلينا أن نكون جسماً واحداً وقوتنا في وحدتنا وهذا سبيل النجاح وعلينا أن لا نعطي المؤسسة الإسرائيلية فرصة للاستفراد بنا”.
نحن أصحاب حق وقوة
وأشار الشيخ حسام أبو ليل رئيس حزب الوفاء والإصلاح في مداخلته إلى أن قانون القومية “هو شرعنة للممارسة وهذا أخطر ما فيه”، وقال: “جاء هذا القانون ليوافق معتقدات مغروسة في العقلية والنفسية الصهيونية وهي الاستعلاء العنصري الذي يأخذ قوته سواء من المؤسسة السياسية أو الدينية ومن يراجع “برتوكولات صهيون” و”توراة الملك” وغيرها يعرف أن نظرية الاستعلاء موجودة، لذلك لا ينظرون إلينا كبشر، فتشريع القانون بالنسبة لهم هو شرعنة لهذه الممارسات”.
وأضاف أن قانون القومية ليس وليد صدفة، موضحاً أنه منذ سنوات وهم يجهزون له، “جاءت الظروف المواتية لسنّه خصوصا الظروف المحلية والإقليمية والعالمية التي شجعت على سن هذا القانون، لا سيما قمع الشعوب العربية والواقع المؤلم للأنظمة العربية والانبطاح والهرولة للتنسيق والعمل مع المؤسسة الإسرائيلية سواء كان ذلك أمنيا أو اقتصاديا، وما كان في الماضي سراً اليوم أصبح علنا”.
ورغم ضعف الأداء الذي يعتري مستوى القيادات وجماهير الداخل الفلسطيني بحسب أبو ليل، فإنه “يجب تحسين أداء المؤسسات والأحزاب والقيادات وحتى الجماهير حتى نقف أمام هذا التحدي العظيم”، لافتاً إلى أنه “مع خطورة القانون لكنه ليس مدعاة للخوف ولا الشعور بالضعف والهزيمة”.
وأكد رئيس حزب الوفاء والإصلاح في ختام مداخلته “نحن أصحاب وجود وتاريخ ولغة وامتداد تاريخي وحضاري ولسنا أقلية، نحن موجودون في محيط فلسطيني عربي إسلامي ونحن أصحاب الحق وأصحاب الدار وهذا مدعاة للفخر والقوة وأن نتمسك أكثر بهويتنا وفي انتمائنا والحفاظ على أرضنا ومقدساتنا ونعمل موحدين على الثوابت المجمع عليها فلسطينيا ووطنيا والتي لا يجور لنا أن نختلف فيها”.
لا أمل بالمحاكم الإسرائيلية
المحامي والحقوقي وسام غنايم تحدث بالندوة السياسية عن قانون القومية وأسهب بالشرح في تفاصيله وخطورته واسقاطاته اليومية على القرارات التي تعطيها المحاكم وعلى باقي القوانين والتي من شأنها أن تعطي القيمة العليا لليهودي الذي هو بمثابة درجة أولى على حساب غير اليهودي من الدرجات المتدنية والذي سيبقى تحت رحمة المؤسسة الإسرائيلية، بحسب هذا القانون العنصري.
وعن سبل مواجهة قانون القومية العنصري قال غنايم إن ذلك يتحقق على صعيدين، هما المحلي والدولي، فعلى الصعيد المحلي أشار إلى أن “الأمل بالمحاكم الإسرائيلية أصبح ضعيفا جدا، بل من أهم أسباب سنّ هذا القانون هو تقليص وتحجيم صلاحية محكمة العدل العليا في ظل هجمة شرسة عليها من قبل حكومة اليمين الإسرائيلي وعدم الجرأة على الوقوف أمامهم، وفي هذه الحالة لا بد من اتخاذ خطوات شعبية والعمل على مواجهته بكل الأساليب المتاحة”.
أما على الصعيد الدولي فقال المحامي وسام غنايم “الأمل الكبير في القانون الدولي والضغط الدولي لأن هذا القانون يؤسس لنظام عنصري “أبرتهايد” حيث يعتبر بحسب القوانين الدولية جريمة حرب ضد الإنسانية وهناك صلاحية لمحكمة العدل الدولية والجنيات أن تتدخل في مثل هذه الحالات”.
قانون القومية واسقاطاته على الداخل الفلسطيني
وألقى البروفيسور إبراهيم أبو جابر محاضرة بعنوان “قانون القومية واسقاطاته على الداخل الفلسطيني” إن كان ذلك على المستويات الوطنية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وبيّن أن قانون القومية العنصري جاء الآن من أجل تثبيت الكيان الإسرائيلي نفسه كدولة قومية للشعب اليهودي في ظل تزايد تهديدات وجوده بعد 70 عاما، بالإضافة إلى محاولة من الحكومة الإسرائيلية لمنع لم الشمل وحق العودة الى فلسطين، واستثمار حالة الترهّل والافلاس الاستراتيجي العربي، واستغلال فترة حكم ترامب الداعم بقوة للموقف الإسرائيلي، واسقاطات حركة التضامن الدولية على علاقات الكيان على المستوى العالمي واهتزاز سمعتها، هذا عدا عن تزايد التأييد والتضامن الدولي مع الشعب الفلسطيني، إلى جانب أن القانون هو خطوة على طريق تطبيق مشروع صفقة القرن لتصفية القضية الفلسطينية.
فعلى المستوى الوطني قال أبو جابر “جاء القانون من أجل محاولة لفرض ثقافة وواقع جديد بان فلسطين ليست وطن الشعب الفلسطيني، كما أنه وسيلة ومحاولة لإلغاء الهوية العربية الفلسطينية ونفي وجود شعب آخر على هذه الأرض (اقصاء الآخر صاحب الأرض الأصلي)، والتنكّر لحق تقرير المصير للشعب لفلسطيني، ومن أجل تجريد فلسطينيي الداخل من هويّتهم الوطنيّة فهم حسب القانون مجنّسون او ضيوف”.
أما على المستوى الاجتماعي فقد جاء القانون من أجل الفصل في السكن بين اليهود والعرب في البلاد، ومنع العرب من السكن في التجمعات السكنية اليهودية، بالإضافة إلى عدم المساواة بين اليهود والعرب، وهذا يعني فوقية اليهود ودونية العرب (أي تقسيم السكان الى فئات = فصل عنصري “أبرتهايد”)، إلى جانب ذلك فرض شروط وقيود على الحصول على تراخيص بناء خاصة بالعرب، والتمييز في المخصصات والعلاوات المالية من مؤسسة التامين الوطني تدريجيا، وانهاء ما كان يعرف بلم شمل العائلات والازواج.
وبخصوص المستوى الاقتصادي بيّن الدكتور إبراهيم أبو جابر أن من اسقاطات قانون القومية وتداعيته، التمييز في العمل والتوظيف أكثر بناء على القانون، والتمييز في الميزانيات المخصّصة للمجالس البلدية والمحلية، وخفض ميزانيات التطوير في البلدات العربية، هذا عدا عن التراجع عن بعض المشاريع الاستثمارية في الوسط العربي بهدف افقاره، وفرض شروط وقيود للحصول على القروض من البنوك، وفرض قيود على تراخيص إقامة مشاريع ومناطق صناعية في الوسط العربي.
وعن اسقاطات القانون وتداعيته على المستوى السياسي أوضح أبو جابر أن قانون القومية عمل على تحجيم حضور اللغة العربية في كل المؤسسات ومناحي الحياة، وتهويد وأسرلة منهاج التعليم العربي أكثر، ونشر مفاهيم ومصطلحات ورموز صهيونية، وحذف ما يقابلها من التراث والتاريخ الإسلامي والعربي، كما أنه يعمل على تشديد الرقابة على المدرّسين وملاحقة كل من يعارض يهودية الدولة أو يعمل على تعزيز أي هوية أخرى، وتشديد الرقابة على المنشورات ووسائل الاعلام العربية.