د. إبراهيم خطيب: “قانون القومية” تأصيل لمصير الشعب اليهودي وتهميش أهل البلاد الأصليين
ساهر غزاوي
اعتبر الباحث د. إبراهيم خطيب أن مصادقة الكنيست، فجر اليوم الخميس، على “قانون القومية”، جاء ليؤصل قضية تقرير المصير للشعب اليهودي دون إعارة أي اهتمام لفلسطينيي الداخل، أهل البلاد الأصليين، مضيفا، أن هذا القانون جاء ليؤكد أن كل “الرتوش” حول “ديمقراطية إسرائيل” قد زالت من خلال قوانين وسياسات سبقتها على الأرض.
ودعا خطيب إلى عقد مؤتمر إنقاذ وطني في الداخل الفلسطيني، يهدف إلى “مناهضة هذه السياسات الإسرائيلية ومنها، قانون القومية، وهدم البيوت والملاحقات السياسية، وقضايا اجتماعية أخرى تخصنا في الداخل الفلسطيني، نحن بحاجة إلى جبهة داخلية قوية مع هذا التغول الذي تقوم به الأحزاب والحكومة اليمينية”.
وتابع الباحث السياسي د. إبراهيم خطيب في مقابلة مصورة مع “موطني 48″، أن “قانون القومية جاء لترسيخ سياسة الفصل العنصري التي تمارسها المؤسسة الإسرائيلية، سياسةً وواقعاً على الأرض، تجاه الفلسطينيين في الداخل”، مضيفا “القانون الجديد جاء ليقنن هذه العملية من خلال البنود المختلفة والبنود التي تقول إن دولة إسرائيل هي تقرير المصير للشعب اليهودي وإنها الدولة القومية له، وجاء ليقول إن يهودية الدولة أمر واقع ومقبول، وجاء ليميز على هذا الأساس بصيغة قانونية تحاول من خلالها المؤسسة الإسرائيلية جعل التمييز تجاه العرب أمراً قانونيا في القوانين والتشريعات الإسرائيلية”.
ورأى د. خطيب أن القانون تنبع خطورته من هذه “القوننة” بحد ذاتها “فالسياسة هي أمر واقع على الأرض، وباعتبار أن هذا القانون جاء ليشرعن هذه السياسة ليتبعه بخطوات أخرى، لذلك يتوجب علينا كفلسطينيين في الداخل مقاومة ومناهضة هذه السياسة من خلال المسارات الجماهيرية والسياسية والدولية”. على حد قوله.
وفي البعد الدولي، بيّن خطيب لـ “موطني 48” أن “هناك حاجة لإظهار الوجه الحقيقي الذي يتجلى الآن في القانون، كان في البداية من خلال سياسات والآن يتجلى في قانون واضح أقرّته الكنيست بالأغلبية، في أن إسرائيل هي دولة عنصرية ودولة أبرتهايد ويجب أن نستغل المنابر الدولية لفضح السياسات والقوانين الإسرائيلية المميزة، وعدم القول إن إسرائيل دولة ديمقراطية فهي ليست ديمقراطية، إسرائيل دولة لليهود تسعى لتثبيت الحقوق القومية اليهودية، مقابل ظلم وضيم على عرب الداخل، أصحاب الأرض الأصليين”.
وتابع “قانون القومية الآن في كتاب القوانين الإسرائيلية، لكنه كان سياسة على أرض الواقع، الاستيطان اليهودي تشجعه إسرائيل وقبل هذا القانون، كان الاستيطان متجذرا ومتوسعا ونحن نرى فقط البناء في المدن والمناطق اليهودية، مقابل صفر في البلدات العربية، وحتى أنه تم منع التطور العمراني والسكاني للبلدات العربية، هذا يؤصل لواقع موجود وهو التضييق على العرب في الداخل والتمييز العنصري ضدهم، كذلك منعهم من السكن مع اليهود في بلدات مشتركة لتأصيل أن اليهود هم أصحاب الحق الشرعي في هذه البلاد، وهم أصحاب الحق الشرعي في ممارستهم اليومية في إطارهم اليهودي بعيدا عن “العرب” الذين يرونهم خطرا داهما عليهم”.
كما اعتبر أن السياسات الإسرائيلية “هي سياسات جانحة وجامحة أكثر نحو اليمين ونحو تثبيت البعد اليهودي، وأعتقد أنه بهذا يوجد خطورة ببُعدين: البُعد الداخلي يشكل خطورة على المجتمع الإسرائيلي بحد ذاته، فالمجتمع الإسرائيلي منقسم وهذا الانقسام سينعكس في قوانين مختلفة باتت تقوم بها الحكومة اليهودية الدينية اليمينة الإسرائيلية، وهذا سيقود إلى انقسامات أخرى لاحقا في عدة قضايا في المجتمع الإسرائيلي، جاء القانون ليتحدث في قسم منها، وهي يهودية الدولة والبعد الديمقراطي فيها، وأما البعد الأخر فنحن نتحدث عن علاقة هذا القانون بالفلسطينيين في الداخل وتأثيراته عليهم”.
ورداً على سؤال، إن كان “قانون القومية” تمهيداً لـ “ترانسفير” لأهل الداخل الفلسطيني، قال د. خطيب “لا اعتقد أننا على أعتاب ترانسفير قريب، ولكن هو ترانسفير سياسي تقوم به المؤسسة الإسرائيلية، ومحاولة للجم أي فكر عربي للمحافظة على الهوية الفلسطينية في الداخل، كما أرى فيه تأصيل لصفقة القرن وما يشاع بأنها ستحاول إعطاء منطقة المثلث للضفة الغربية، مقابل مبادلة مع المستوطنات، كما أن القانون بصيغته الحالية يشرعن يهودية الدولة والتي طالبت إسرائيل الدول العربية الاعتراف بها، فجاء القانون ليقول هذه يهودية الدولة وهذه السفارة نقلت للقدس وهذه القدس هي العاصمة الموحدة كما يشير القانون، فسيعترف العرب ضمنا من خلال اعترافهم بإسرائيل من خلال صفقة القرن بيهودية الدولة والعاصمة الموحدة للقدس، وبالتالي هنا تكمن الخطورة أننا نؤصل ليهودية الدولة ونؤصل لتمكين هذا البعد في مقابل عدم الاكتراث للعرب في الداخل ومطالبهم الديمقراطية العادلة في هذه البلاد”.
وعن ماهية وسبل تصدي فلسطينيي الداخل لهذا القانون، قال د. إبراهيم خطيب “في الوضع الإقليمي والداخل لا يمكننا القول بأننا في أحسن ظروف، نحن نعاني من مشاكل داخلية قسم منها العنف ونعاني من محاولة تمييز متزايدة ومحاولة ضغط متزايدة من قبل المؤسسة الإسرائيلية تجاهنا، هذا الأمر يتطلب منا وحدة وعمل موحد وارتقاء لهذه المسؤولية لا نقول إننا نستطيع مجابهة هذه المؤسسة بكل قوتها ولكن نستطيع أن نضايقها من خلال توحدنا ومن خلال مجابهة هذه القوانين، وواجب علينا مجابهتها ومجابهة هذه السياسات ومحاولة التقليل من أثرها علينا، والتقليل من تبعاتها علينا، ناهيك عن حاجتنا إلى رؤية وطنية شاملة، حول ماذا نريد والى ماذا نسعى لنحصل بعض الذي نستطيع تحصيله، ولن نستطيع ذلك إلا بعمل وطني جاد يسعى لتحقيق هذه المطالب من خلال برنامج سياسي ومن خلال عمل متكاتف ومكثف من الجماهير والقيادة”.