إصدار الدكتور مروان أبو غزالة من أم الفحم.. ترجمة الجزء الأول من كتاب “درء تعرض العقل والنقل” لابن تيمية إلى اللغة الانجليزيّة
جرى مؤخرا إصدار ترجمة الجزء الأوّل من كتاب “درء تعرض العقل والنقل” في جامعة نوتنجهام البريطانية، للدكتور مروان أبو غزالة، من مدينة أم الفحم، وذلك في إطار دراسته البوست- دكتوراه في جامعة نوتنجهام في قسم “اللاهوت الدراسات الدينيّة” بالمشاركة مع البروفيسور جون هوفر، والذي يُعدّ أحد الباحثين الكبار عالميًا في الدراسات الإسلامية عامّة وفي دراسات ابن تيميّة خاصّة.
ومكث الدكتور مروان في الجامعة بين سنوات 2014-2015 من أجل إتمام الترجمة لأوّل مرة عالميًا، وقد أثنى بروفيسور يحيى ميشوت، وهو أكبر المختصين في ترجمات ابن تيميّة والذي ترجم فتاوى لابن تيمية إلى اللغتين الانجليزيّة والفرنسيّة، على هذا الإصدار، وقال: “سوف تثري الترجمة المكتبات الأكاديمية في العالم إثراءً كبيرًا لاسيما وأن الترجمة والشروحات كانت في دقّة متناهيّة وبحث معمّق، ويًذكر أن البروفيسور يحيى ميشوت، نشر في المجلّة المشهورة “العالم الإسلامي” في فبراير 2018، ترجمة الفتوى- الخوض في الجزء الأوّل للبروفيسور جون هوفر والدكتور مروان أبو غزالة، والتي يُطنب الحديث ابن تيمية فيها عن تجنّب الخوض في علم الغيب، وذلك لأن العقل لا يستطيع فهمها ومعاينتها، وقد ناقش ابن تيميّة آراءه بصورة عقلانيّة وحذقة بالاعتماد على خبرته في المنطق عامة وعلى كتابه المميّز “الرّد على المنطقيين”.
ومن الجدير بالذكر أن الدكتور مروان أبو غزالة لم يكتف فقط في ترجمة الجزء الأوّل، بل أيضَا تخصّص في الكتاب كله (الأجزاء العشرة) سعيا للمزيد من البحث والتمحيص وخاصة في علم الأخرويات “علم الاسكتولوجي”، كما أتمّ البوست دكتوراه الثانية في جامعة تل ابيب في قسم الفلسفة بإرشاد بروفيسور العاي ألون بداءة بعنوان “رد ابن تيميّة على الفلاسفة: ابن سينا والفارابي”.
كما ان الدكتور مروان يعكف حاليا على إنهاء دراسة البوست الدكتوراه الثالثة عن نفس الكتاب في قسم الدراسات الشرق أوسطيةّ بعنوان “رد ابن تيميّة على القانون الكلّي في التأويل” بإرشاد بروفيسور مئير حاطيني، كما يُترجم الدكتور مروان فتوى “الخوض” من الكتاب إلى اللغة العبريّة في الجامعة العبريّة.
وقال الدكتور مروان أبو غزالة، في حديث معه: “أرتئي شكر الوالدين والزوجة ووالديها الأعزاء على دعمها المتواصل وخاصة في فترة مكوثي في بريطانيا لوحدي، فلولا دعمهما المبارك، لم أستطع إنهاء هذا العمل الكبير، وقد كانوا هم السبب الرئيس في سفري ومكوثي هناك وإنجاز هذا العمل”.
وعن الكتاب، أشار الدكتور مروان إلى أن “الفلاسفة مثل: ابن سينا والفارابي وأبو فخر الرازي تبنّوا القانون الكلّي في تأويل الآيات القرآنيّة من المتشابهات من أجل ملاءمتها إلى العقل، وتبدّى ذلك في كتاب “تأسيس التقديس” لأبي فخر الرازي، وقد اعتمد القانون الكلّي على تقديم العقل، مما أدى إلى نشوء فرق كثيرة من أهل الكلام، فردّ ابن تيميّة على القانون الكلي بكتاب كامل من عشرة أجزاء يحوي في حناياه الفكر المعمّق والعقلانية والوسطيّة والدراية عند ابن تيميّة في المنطق، ومفاد الكتاب أن القرآن والأحاديث النبويّة والنصوص الدينيّة تُلائم العقل ملاءمة دقيقة، وذلك لأن النقل هو أساس العقل، حيث أن تبنّي الفلاسفة للقانون الكلي يُعزى إلى محدوديّة العقل في فهم الآيات القرآنيّة، لذا الحديث عن تعارض بين الأدلة العقليّة والنصوص الدينيّة هو باطل وفق كتاب ابن تيميّة”.
كما يُذكر أن الكتاب يُدرّس حاليا في جامعة نوتنجهام في اللقب الأول والثاني في إطار المساقات المختلفة في قسم اللاهوت والأديان، كما يُدرّس الكتاب في جامعات بريطانية مختلفة، وذلك بسبب أهميّة الكتاب وحاجة دراسته في الدراسات الدينيّة عامّة وفي الدّراسات الإسلاميّة خاصّة.
وقد أشار الدكتور مروان أبو غزالة إلى أن ترجمة الكتاب هو عمل مهم جدًا بفعل نجاح ابن تيميّة في الرد على هذا القانون الكلّي وتفنيده وابطال الحاجة إلى التأويل بواسطة تصنيف الكتاب من أجل اثبات أن العقل موافق النقل، مما اقتضى عنونة الكتاب ب: درء تعرض العقل والنقل، وصريح المعقول وصحيح المنقول، وموازنة العقل والنقل.
هذا ويواصل الدكتور مروان العمل على إصدار دراستين حديثتين باللغة الانجليزيّة سعيا لنشر موروث ابن تيميّة عالميا مذيّلة بترجمة نصوص مهمة من الكتاب، إضافة إلى مشاركته في مؤتمرات دولية للحديث عن هذا الكتاب. كما تُثبت ترجمة الكتاب أن ابن تيميّة ليس ضد الفلسفة، بل هو يهتمّ بها، ولكن الفلسفة بناء على الكتاب غير قادرة على الخوض في علم الغيب وخاصة في علم الأخرويات، ولم يكتف ابن تيميّة في الرد على الفلاسفة والنقد، بل أيضًا إيجاد بدائل منطقيّة مثل “قياس الأولى”، كما أن الترجمة بيّنت أن ابن تيمية كان وسطيًا ومعتدلا، ولم يستخدم التكفير بتاتًا كما تمّ الادعاء عليه فقد كان ابن تيمية أديبًا وأريبًا وألمعيًا.
وقد أثنى بروفيسور جون هوفر على الدكتور مروان ابو غزالة، أنه استطاع في غضون سنة ونصف السنة من العمل الجاهد على إنهاء هذه الترجمة، فرغم أن النّص جدا صعب ومعقّد، إلا أن الهمة المتوثّبة والغيرة المتوقّدة والاجتهاد والنشاط والصبر والإحاطة العلميّة التي تميّز بها الدكتور مروان كان كفيلا بإنهاء الترجمة على أفضل وجه.
وعقب إصدار الترجمة، تمّ منح البروفيسور جون هوفر والدكتور مروان مخطوطة قديمة أثريّة بعنوان “نجم المهتدي لابن المعلّم القرشي” في القرن الثالث عشر من أجل تحقيقها إلى العربيّة وترجمتها إلى اللغة الانجليزيّة.
يشار إلى أن الدكتور مروان أبو غزالة، حاصل على الشهادات العلمية الثلاث: البكالوريوس والماجستير والدكتوراه في اللغة العربية من جامعة حيفا كما حصل على لقب ثانٍ في التربية اللغوية، وتدريس اللغات من جامعة تل أبيب، وأكمل دراسته الأكاديمية في جامعة نوتنغهام في المملكة المتحدة البريطانية في مجال الإلهيات والفلسفة الإسلامية. وقد عمل محاضراً في كلية الدراسات القرآنية “دار الأرقم” في مدينتي ليستر ونوتنجهام، ومحاضراً في جامعة بيرزيت في دائرتي اللغة العربية وآدابها والترجمة. كما عمل باحثاً في مركز “حاييم هرتصوغ” في جامعة بن غوريون، ومعهد ترومان في الجامعة العبرية، ونشر المقالات باللغات الثلاث في مجلات محكمة، وسيصدر له قريباً سلسلة مقالات علميّة عن الموروث العلمي لابن تيميّة.