جنرال إسرائيلي يشرح تفاصيل الهدنة “المطلوبة” مع حماس بغزة
قال جنرال إسرائيلي إن “الوضع القائم في قطاع غزة اليوم قد يتطلب من إسرائيل التوصل لترتيبات سياسية ما مع القطاع في ظل استمرار المسيرات الحاصلة على حدوده، شرط أن يبقى كيانا مردوعاً مكبوح الجماح”.
وأوضح كوبي ميخائيل الباحث الإسرائيلي في معهد أبحاث الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب في دراسة بحثية عاجلة، أن “ما قد يسرع بإيجاد هذه الترتيبات السياسية مع غزة أن حماس تجد نفسها في ضائقة جدية لأربعة أسباب: فشل المصالحة مع فتح، الوضع الإنساني الصعب في القطاع، وما يسفر عن من إحباط متواصل بين الفلسطينيين، ومواصلة فقدانها لمقدراتها العسكرية الإستراتيجية كالأنفاق، وعدم وجود رغبة لديها بالذهاب لمواجهة عسكرية مفتوحة مع إسرائيل”.
وأكد ميخائيل، الرئيس السابق لشعبة الأبحاث الفلسطينية بوزارة الشؤون الإستراتيجية، أن كل هذه الأسباب “تجعل هذه المسيرات تخدم عدة أهداف إستراتيجية لحماس، وعلى رأسها توجيه الإحباط في نفوس الفلسطينيين باتجاه إسرائيل، بجانب لفت أنظار المجتمع الدولي نحو غزة، والعمل على نزع شرعية إسرائيل عبر زيادة أعداد الضحايا الفلسطينيين، مما يعني أن استمرار المسيرات الشعبية الفلسطينية على طول الحدود مع قطاع غزة تذكر الإسرائيليين أن هذا القطاع ما زال يشكل تحديا استراتيجيا لإسرائيل”.
وأشار إلى أنه “في ظل عدم رغبة إسرائيل بالعمل لتفكيك حماس، وعدم إعادة احتلال القطاع من جديد، فإن بقاء هذا الكيان المعادي على حدود إسرائيل يتطلب تصميم خطة إستراتيجية لصياغة العلاقات معه، بما في ذلك التوصل لتفاهمات أمنية تحفظ الهدوء القائم على حدودها فترة طويلة من الزمن، من خلال جهد إسرائيلي بمساعدة مصر والمجتمع الدولي”.
وأكد ميخائيل، الذي أصدر عددا من الدراسات والكتب الخاصة بالصراع مع الفلسطينيين، أن “بإمكان إسرائيل الذهاب لإيجاد خطة لترتيبات معينة أمام حماس، دون الاعتراف المتبادل بينهما، عبر إيجاد قناة اتصال غير مباشرة، وهذه الخطة تهدف لتوفير الحلول اللازمة لمعالجة الأزمة الإنسانية المتفاقمة في غزة، ومحاولة كبح جماح حماس عن التوجه بتصعيد الهجمات ضد إسرائيل، وربما تحسين سيطرتها المدنية في غزة”.
وألمح إلى أن “أهم شرط في نجاح هذه الخطة يكمن بتجاوز العنوان المتمثل في السلطة الفلسطينية، وعدم حاجة إسرائيل للتباحث معها في تفاصيل الخطة، لأنه آن الأوان للاعتراف أن هناك كيانين فلسطينيين في غزة والضفة، ويجب التعامل مع هذا الواقع القائم، والتفريق بين السياسة الإسرائيلية مع السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية عن نظيرتها أمام حماس في قطاع غزة”.
وقال ميخائيل، المتخصص في شؤون الحرب والإستراتيجية والأمن القومي، أن “هذه الترتيبات التي يجري الحديث عنها يمكن وصفها بأنها أفكار أولية لعقد هدنة طويلة المدى مع حماس، ورغم أن الحديث عنها تكرر في السنوات الأخيرة بين الجانبين، لكن لعلها المرة الأولى التي تنضج فيها الظروف جيدا لإمكانية تحقيقها، حتى لو تضمنت اعترافا ضمنيا من قبل إسرائيل بشرعية وجود حماس، وسيطرتها على القطاع، في ظل الضائقة غير المسبوقة التي تعيشها الحركة”.
وأشار إلى أن “الظروف القائمة في غزة اليوم تشكل دوافع جدية لإنجاز هذه الهدنة، رغم وجود معارضة لها داخل بعض قواعد حماس وقياداتها، ومن أجل إنجاحها فإن إسرائيل مطالبة بتجنيد المجتمع الدولي، لاسيما الاتحاد الأوروبي، لمحاولة إيجاد صيغة توفق بين المواقف المتباينة بين حماس والسلطة الفلسطينية”.
وأكد أن “البقاء على ذات الصيغة القديمة بحصر إدخال المساعدات المالية لقطاع غزة عبر السلطة الفلسطينية في رام الله تبقي على ذات الواقع الإشكالي في القطاع، خاصة وأن الأفق السياسي مازال مسدودا بين الفلسطينيين والإسرائيليين”.
وأكد أن “المرحلة الأولى في هذه الخطة تتمثل بإيجاد جهاز رقابي يتأكد من عدم وصول الأموال المتبرع فيها عالميا إلى استخدامات خاطئة، وربما يمكن تحويل بعض أموال الضرائب الإسرائيلية لقطاع غزة، مع إمكانية توسيع صلاحيات حماس في كيفية توجيه الأموال التي يتم التبرع بها من خلال وجود ذات الجهاز الرقابي”.
وأضاف أن “إسرائيل يمكن لها أن تضم مصر بجانبها كشريكة أساسية لضمان تطبيق الاتفاق مع حماس، على أن يشمل ذلك إقامة مناطق صناعية على حدود القطاع، وزيادة حجم البضائع، وتسهيل خروج المرضى للعلاج في الخارج، ومنح التصاريح الإضافية للتجار لدخول إسرائيل”.
وختمت الدراسة بالقول “صحيح أن حماس ليست مستعدة لتفكيك سلاحها مقابل هذه التسهيلات ضمن الحديث عن الهدنة، ولكن يمكن التوافق معها على عدم زيادة قدرتها العسكرية، ووقف أي مشاريع جديدة في مجال التسليح، والتخطيط لشن العمليات الهجومية ضد إسرائيل، في جميع المجالات: البحرية والبرية والجوية، مع العلم أن مثل هذه الفرضية الخاصة بالهدنة قائمة على قاعدة أنه لا مجال لعودة السلطة الفلسطينية للحكم في قطاع غزة، على الأقل في المدى المنظور”.