روسيا تكشف النقاب عن أول محطة نووية عائمة في العالم
كشفت روسيا السبت عن أول محطة نووية عائمة وصفها الناقدون بأنها “تايتانيك نووية” وذلك للحصول على مزيد من الطاقة الكهربائية اللازمة لدعم مساعي موسكو لتطوير موارد نفطية في المناطق القطبية النائية.
ووصلت محطة “اكاديمك لومونوسوف” التي بنيت في سان بطرسبورغ إلى مورمانسك الخميس حيث رست في مرفأ المدينة وتم تقديمها السبت لوسائل الإعلام.
والسبت كشف اليكسي ليخاشيف رئيس شركة “روساتوم” الحكومية للطاقة النووية المحطة التي طليت باللونين البني والأصفر، في مرسى المدينة وسط عزف الأوركسترا للنشيد الوطني.
وأشاد ليخاشيف بمحطة الطاقة الجديدة ووصفها بأنها “الأولى في العالم” وقال إنها “تؤكد الدور القيادي الأكيد لشركة روساتوم وقطاع الطاقة النووية الروسي على الأجندة العالمية”.
وقال: “آمل أن يكون اليوم رمزياً للقطب الشمالي”، مضيفا أن روساتوم “تطلق توجها يتمثل في الطلب على المرافق النووية المتوسطة القطرة والمنشآت المتحركة لعقود قادمة”.
والمحطة العائمة التي يبلغ طولها 144 مترا ووزنها 21 ألف طن تحتوي على مفاعلين نوويين تبلغ طاقة كل منهما 35 ميغاوات وتشبه السفن التي تستخدم عادة لإمداد كاسحات الجليد بالطاقة.
وصيف العام 2019 سيتم جر المحطة العائمة إلى مرفأ بيفيك بإقليم تشوكوتكا في أقصى شمال شرق روسيا الاتحادية.
وبإمكان المحطة توليد طاقة تكفي لاستهلاك مدينة يقطنها 200 ألف نسمة، أي أكثر بكثير من الخمسة آلاف الذين يعيشون في بلدة بيفيك في أقصى شمال شرق روسيا.
إلا أن المحطة ستكون في بيفيك ليس لمجرد إمداد تلك البلدة بالطاقة، إذ أنها ستستخدم بشكل رئيسي لإمداد منصات النفط بالطاقة فيما تتوسع روسيا شمالا نحو القطب الشمالي للتنقيب عن النفط والغاز، ما يجعل الحاجة إلى الكهرباء أمرا ضروريا في هذه المناطق النائية.
وتوضيحا لذلك قال سيرغي كوندراتييف من معهد الطاقة والمالية في موسكو إن “الفكرة هي توفير محطات طاقة متحركة ذات قدرات منخفضة يمكن استخدامها في مناطق القطب الشمالي الروسية التي لا ترتفع فيها الحاجة إلى الكهرباء”، مضيفا أن بناء محطات توليد الكهرباء التقليدية أمر معقد ومكلف.
وأضاف أن “البديل هو الفحم والغاز والديزل. ولكن الديزل باهظ الثمن”، بينما يحتاج الغاز إلى توصيله على شكل غاز طبيعي مسال.
أما فيتالي تروتنيف المسؤول عن صناعة وتشغيل المحطة النووية العائمة في روساتوم فقال إن وحدات كهذه يمكن “أن تغذي أكثر المناطق النائية بالكهرباء والتدفئة، وتدعم أيضا النمو الاقتصادي والتنمية المستدامة”.
وأضاف أن استخدام مفاعلات عائمة يمكن أن يخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بمقدار 50 ألف طن في العام.
ومن المقرر أن تحل محطة “اكاديمك لومونوسوف” محل مفاعل نووي متقادم ومحطة كهرباء تعمل بالفحم كلاهما في منطقة شوكوتكا.
“تايتانيك نووية”
قال تروتنيف إن محطة الطاقة العائم تمتلك “أحدث الأنظمة الأمنية ويفترض أن تكون أكثر المنشآت النووية أمانا في العالم”.
إلا أن نشطاء في منظمة “غرين بيس” للمحافظة على البيئة لم يقتنعوا بذلك ودعوا إلى مراقبة دولية للمحطة.
ويخشى هؤلاء النشطاء أن تتحول المحطة إلى “تيتانيك نووية” أو “شيرنوبيل على الجليد” بعد 32 عاما من كارثة شيرنوبيل النووية.
وقال رشيد عليموف من غرين بيس روسيا إن الحوادث أمر محتمل الوقوع في جميع المحطات النووية، ولكن المحطة العائمة “ستكون حساسة بشكل خاص للعواصف والظواهر البيئية وتهديدات من بينها الإرهاب”.
وقال إن التحول إلى المفاعلات الصغيرة سيشكل تهديدا بنشر المواد النووية.
وأشار يان هافيركامب الخبير النووي في غرين بيس إلى أن المحطة العائمة تحصل على الوقود قرب مدينة مورمانسك التي يسكنها 300 ألف شخص قبل أن يتم جرها إلى المناطق القطبية.
وأضاف أن “تركيبها في بيئة المناطق القطبية الروسية الصعبة سيشكل تهديدا مستمرا على سكان الشمال وعلى طبيعة القطب الشمالي النقية”.
وفي البداية كان من المقرر أن يتم تزويد مفاعلي المحطة بالوقود النووي في سانت بطرسبورغ، لكن تم نقل المهمة إلى مورمانسك بدلا من ذلك نظرا إلى مخاوف متعلقة بالسلامة العامة أثارتها بلدان تقع على بحر البلطيق.
وقلل سيرغي كوندراتييف من معهد الطاقة والمالية في موسكو من المخاوف الأمنية بشأن المحطة مؤكدا أنها تلتزم قواعد السلامة التي تتم مراعاتها في كاسحات الجليد والغواصات.
وأضاف: “ولكن هذه قطعة جديدة وربما تكون هناك مخاوف بين عامة الناس، وهناك أخطار إضافية تتعلق بهذه المحطة العائمة مقارنة مع محطات الطاقة النووية”.
وقال ليخاشيف رئيس روساتوم السبت إن الشركة تأمل في بناء مزيد من هذه المحطات العائمة وأن تجد عملاء آسيويين يحتاجون إلى مثلها في المناطق النائية بينها اندونيسيا والفيليبين.
وقال: “في حالات معينة فإن محطات الطاقة النووية العائمة هي أفضل من حيث التكلفة من محطات الطاقة الكهربائية”.
وأضاف أن الصين تقوم كذلك ببناء منصة طاقة نووية عائمة.
(وكالات)