أخبار وتقاريرمقالاتومضات

عزمي بشارة بين مرسي والشرع وبشار والبعث

توفيق محمد

“من ثار في عام 2011 على النظام هم حزب البعث، هم قواعد حزب البعث يعني مين حيران وحمص وإدلب هاي قواعد حزب البعث…. الناس بتعتقد أن الثورة السورية هي ثورية إسلامية، لا هي ثورة بعثية، هذا تحليل في العمق”. الكلام أعلاه الذي يحاول أن يسرق ثورة الشعب السوري وينسبها الى الحزب الذي حكم وظلم سوريا شعبا وأرضا هو كلام الدكتور عزمي بشارة في لقاء له مع برنامج “في رواية أخرى” على تلفزيونه “تلفزيون العربي الجديد” حول الثورة السورية

وأدناه تعليق الدكتور عزمي بشارة على الانقلاب على الرئيس محمد مرسي والشرعية الانتخابية في مصر كما جاء في موقعه على الإنترنت موقع العربي الجديد: “قال المفكر والباحث الدكتور عزمي بشارة إنَّ دولاً عربية، والمؤسسة العسكرية المصرية، وقفت وراء حركة “تمرد” لجمع توقيعات للمطالبة بانتخابات رئاسية مبكرة في محاولة لإسقاط الرئيس المصري الأسبق محمد مرسي. وقال بشارة في برنامج “وفي رواية أخرى” على التلفزيون العربي، إن من أهم أسباب وأد ثورة 25 يناير/كانون الثاني في مصر أن الجيش كان لديه طموحات سياسية خلافاً لتونس، وأن التيار الإسلامي لم يطمئن الناس بشأن حسم موقفه من الديموقراطية.

واعتبر بشارة أن التيار الإسلامي حسم موقفه من الديموقراطية كونها أداة للوصول للحكم، ولكن عندما وصل للحكم بـأغلبية 51 في المئة فقط انفرد بالمشهد، ولم يشارك الأحزاب والقوى الاجتماعية، لأن الانتقال الديموقراطي غاية وموقف فكري، وليس مجرد تكتيك ووسيلة. وأوضح أن مصر شهدت قضايا مفصلية حددت مسار التجارب، ولم يعد ممكناً إجراء التحول الديموقراطي بعقلية إخوان مصر وجبهة الإنقاذ، فالسياسيون راهنوا على عودة الجيش لإزاحة الإخوان، وفي الوقت الذي استفردت فيه الجماعة بالحكم ولم يسعوا للتوافق، رغم أنه لو كانت أجريت أية انتخابات لم يكن الإخوان ليحققوا أغلبية”.

ومفهوم الكلام الضمني للدكتور عزمي بشارة يحمل اتهاما للتيار الإسلامي بأنه استغل الديموقراطية والانتخابات كأداة للوصول الى الحكم فحسب، وأنه بعد أن وصل الى الحكم بأصوات 51 في المائة من أصوات الشعب في إشارة الى النسبة التي فاز فيها الرئيس الشهيد محمد مرسي على منافسه أحمد شفيق فإنه استأثر بالمشهد أي بالحكم، ويفترض أن أداة الوصول الى الانتخابات بالنسبة للإسلاميين هي أداة تكتيكية وليست أداة استراتيجية يتم من خلالها تداول السلطة، وادعى أنه لو أجريت انتخابات جديدة في مصر ما كان الإسلاميون ليحققوا الأغلبية التي حققوها عاما قبل ذلك، رغم أن مدة أي دورة انتخابية هي أربع سنوات فكيف لـ”المفكر” الباحث أن يحسم الجدل والنتيجة حوله بأنه لو أجريت انتخابات جديدة ما كان الإسلاميون ليحققوا أغلبية فيها وهم لم يُمنحوا فرصة مدة الحكم المتعارف عليها وهي أربع سنوات.

أدناه مقطع من خطاب للرئيس المصري الشهيد محمد مرسي للشعب المصري بثه التلفزيون الرسمي بعد الاستفتاء على الدستور وهو منقول من موقع “فرانس 24 ” وهو موقع لا علاقة ود له بالإسلاميين إن لم يكن عكس ذلك: “وأكد مرسي أن “الشعب المصري أقر الدستور بأغلبية قاربت الثلثين ولكنني أقر أن قطاعا محترما من شعبنا اختار أن يقول لا وهذا حقهم لأن مصر الثورة لا يمكن أن تضيق بالمعارضة الوطنية الفاعلة”.

واكتفى الرئيس المصري بتجديد الدعوة الى المعارضة المصرية الى الانضمام الى “جلسات الحوار الوطني الذي أرعاه بنفسي “ومفهوم كلام الرئيس الشهيد أنه ورغم أن الشعب المصري الذي صوت ثلثاه لصالح الدستور الجديد إلا أن الرئيس اعتبر أن أصوات القطاع الذي صوت بـ “لا” للدستور وهو ثلث الشعب المصري، هي أصوات معتبرة، ولذلك دعا ممثليهم الى حوار وطني حول الدستور الفائز بثلثي أصوات الشعب من أجل الوصول الى صيغة توافقية يُجمع عليها كل الشعب المصري، ومن نافل القول أن هذا القطاع رفض أي دعوة للحوار لأن المخطط كان هو الانقلاب على الشرعية المصرية شرعية الصندوق وصولا الى الحال الذي نعلمه جميعا مدعوما بكل القوى التي تسعى الى تكريس التبعية العربية للمخططات التي لا تريد لمصر نهوضا، والتي تسعى الى وأد أي تجربة يقودها الإسلاميون، ولذلك فإن السؤال الذي يُسأل هنا لماذا يدعي “المفكر والباحث” أن الإسلاميين إنما استعملوا الانتخابات والديموقراطية مطية (تكتيكا) للوصول الى الحكم وأنهم لو خاضوها مجددا لم يكونوا ليتحصلوا على الأغلبية الممنوحة لهم الآن.

سأنقل أدناه بعض المقاطع من عدد من وسائل الإعلام التابعة لإمبراطورية الدكتور عزمي بشارة الإعلامية والتي تهدف الى تضخيم الأزمات في سوريا الحرة بعد بشار الأسد: تلفزيون سوريا وهو إحدى القنوات التابعة للدكتور عزمي بشارة وقد سمي بهذا الاسم للإيحاء للسوريين أنه يحمل الهم السوري وحظي بمتابعة قطاعات عريضة من الشعب السوري، وفي تضخيمه للأزمة الاجتماعية في سوريا بعد المخلوع بشار يقول هذا التلفزيون: “أزمة غاز في إدلب تعرقل حياة الأهالي”، “بي ناس حق ربطة خبز ما معها”، “أهالي مدينة منبج بريف حلب يستقبلون شهر رمضان في ظل أوضاع اقتصادية صعبة”. يكتب تلفزيون سوريا التابع لشبكة د. عزمي بشارة هذا الكلام وكأن الأوضاع الاقتصادية والحياة في عهد المخلوع بشار كانت حياة مليئة بالرفاهية وان الأشهر القليلة التي مرت منذ خلع بشار واستلام أحمد الشرع مقاليد الحكم هي من عمقت الأزمة الاجتماعية في سوريا.

وفي محاولة لتضخيم الأزمة السياسية جاء في تلفزيون العربي الجديد التابع للدكتور عزمي بشارة ما يلي: “هل أقر الشرع باحتلال إسرائيل لأجزاء من أراضي سوريا”. وفي تصريح لتلفزيون العربي الجديد يقول بشارة: “الدولة في سوريا معطلة وهذا يفتح الباب أمام مخاطر كبيرة”. وتأتي هذه التصريحات حول العدوان الإسرائيلي على الأراضي السورية في الجولان في محاولة لزعزعة صورة النظام السوري الجديد في عيون شعبه، وتوهينها في الوقت الذي كانت فيه الطائرات الإسرائيلية تحلق متى شاءت فوق قصر وغرفة نوم المخلوع بشار وهو يقول: “سنرد في المكان والزمان المناسبين”. وفي الوقت الذي كانت فيه الأراضي السورية مستباحة أمام الإسرائيليين، وعلى أرضهم تم اغتيال الكثير من القيادات العربية والقيادات الإيرانية الداعمة لسوريا، وبقيت عبارة الرد في المكان والزمان المناسبين هي سيدة الموقف.

وحول تضخيم الأحداث الأمنية والتشكيك في قدرة الحكومة السورية وتقزيم وعي الناس يقول الدكتور عزمي بشارة في مقابلة له على تلفزيون العربي الجديد:”الشعب السوري دفع ثمن الحرية غاليا ولذلك موضوع الحقوق والحريات موضوع أساسي وتثبيته في المرحلة الانتقالية أساسي جدا لتجرى لاحقا انتخابات حقيقية وليست شكلية”. ويضيف: “خطأ كبير يرتكبه أشقاؤنا في سوريا إذا لم يميزوا بين النظام والدولة”. وهذا التصريح ليس أقل من محاولة بائسة وصغيرة للإيحاء بأن رجال الدولة الذين يحكمون سوريا الآن لا يميزون بين الدولة والنظام وأنهم يخلطون بين مفهوم الدولة التي هي وطن الجميع وبين مفهوم النظام الذي هو أداة الحكم، ويأتي هذا التصريح لتصغير أحلامهم “عقولهم” في عيون الشعب واستهبال الشعب الذي خرجت ملايينه الى الشوارع في كل المدن السورية ترحب باستعادة سوريا من أيدي بشار وطغمته.

ولإسقاط هيبة الدولة يستضيف تلفزيون سوريا التابع للدكتور عزمي بشارة إلهام أحمد وهي سياسية كردية تعمل على جعل سوريا دولة لامركزية، في هذه الدولة اللامركزية تدفع الى مجالس مدنية محلية وحكومات تضمن حقوق مختلف الجماعات السورية وإلهام هذه مقربة من حزب العمال الكردستاني وهي من أقنعت فرنسا أن تبقى في عفرين بعد انسحاب أمريكيا منها، يأتي تلفزيون سوريا التابع للدكتور عزمي ليمنحها منصة تقول من خلالها ما يلي: “أمن سوريا يحتاج الى تدخل إسرائيل”. فلصالح من يعمل هذا التلفزيون؟! وأرجو أن لا يدعي أحد أن هذه هي حرية التعبير وحرية الصحافة فانا صحفي وسكرتير تحرير ورئيس تحرير لمدة ثلاثة عقود وأستطيع التمييز بين حرية الصحافة والفكر وبين ترويج العهر السياسي والوطني والأمني.

وعلى نفس القناة (سوريا) حاول الدكتور عزمي بشارة أن يغسل أيدي بشار من دماء السوريين وأن يبرئه من هذه الدماء ويرفع المسؤولية عنه عندما قال: “احتكار العنف الشرعي إذا شئتِ (يقول لمقدمة البرنامج) على الأرض والسكان لم يعد (بشار) يحتكر العنف النظام الآن لا يحتكر العنف حتى في مناطقه أنا أعتقد أن هناك مليشيات تشاركه لا تحتكم تماما لأوامره”.

وقد كان هذا التصريح خلال وجود المخلوع بشار في الحكم وهو محاولة تعيسة ليس فقط لتبرئته من الجرائم، إنما هو محاولة لتزوير التاريخ وإعادة إنتاج رواية مزيفة لواقع كان ما يزال يكتب التاريخ بدماء أبناء سوريا على أيدي النظام المخلوع أمام أعين البشرية جمعاء. ومن أجل تحقيق الرواية التي يسعى الدكتور بشارة أن يكوي بها وعي الناس فقد استقطب لقنواته التلفزيونية فلولا من النظام السابق والمراسل الحربي لقناة المنار التابعة لحزب الله أنس ازرق وعينه مديرا تنفيذيا في شبكة قنوات الدكتور عزمي بشارة، والمسألة هنا ليست شخص أنس إنما استقطاب ايدلوجيا تعمل على إعادة تدوير الوجود الإيراني وإعادة تأهيل رموز النظام السابق وإعادة إحياء حزب البعث الاشتراكي، وأحيلكم الى ما افتتحت به هذه المقالة وهو ادعاء الدكتور عزمي بأن الثورة السورية هي ثورة بعثية وليست إسلامية، ولأن أنس ازرق أصبح مديرا تنفيذيا للشبكة فقد جاء وصف شهداء إدارة العمليات في تلكلخ بريف حمص الذين الآلاف من السوريين بالشهيد، وهذا ليس سوى تجريد للسوريين من الشهادة، ومنحها لقاتلهم كمكانة دينية واجتماعية في تلفزيون يحمل اسم سوريا ويمتلكه الدكتور عزمي بشارة.

وبعد فإن السؤال المطروح هنا ما هو الدور الذي يلعبه الدكتور عزمي بشارة فيما يتعلق بالثورات التي تفرز الإسلاميين ولماذا تقوم قنواته بتشويه صورهم؟

سمعت أن الميزانية الشهرية التي يتمتع بها عزمي بشارة لإدارة إمبراطوريته الإعلامية ومركز الدراسات وغير ذلك هي ميزانية كبيرة جدا لا أريد أن أقول أرقامها هنا لأنه لا يتصورها أحدكم، ولكن يبقى السؤال المهم ما هو الدور الحقيقي الذي يلعبه “المفكر”! ولماذا تقوم قطر بتمويل مشاريعه بهذه الميزانيات الضخمة وهل تقوم بذلك رضا بما يفعل أم أنه مفروض عليها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى