بعد مداولات طويلة لسنوات.. المحكمة تقر ملكية الزاوية والمباني والأراضي لوقف الشاذلي في ترشيحا
بعد مداولات طويلة لسنوات وسجال قانوني حاد قاده باسم الوقف الشاذلي اليشرطي المحاميان إميل نحاس ورامي علي ضد ما يسمى “حارس أملاك الغائبين” و”سلطة تطوير أراضي إسرائيل”، أصدرت المحكمة المركزية في حيفا، مؤخرا، قرارا في ملف الوقف الشاذلي اليشرطي بقرية ترشيحا في منطقة الجليل، شمالي البلاد، أعلن ملكية الأملاك (مبنى الزاوية وهو المركز الروحي الثاني في أهميته للطريقة الشاذلية بعد عكا، والمباني والأراضي الأخرى) لهيئة متولي الوقف الشاذلي اليشرطي.
كما رفضت المحكمة ادعاء “حارس أملاك الغائبين” أن هذه الأملاك هي ملكية خاصة لعائلة وسلالة مؤسس الطريقة الشاذلية اليشرطية، الشيخ علي نور الدين اليشرطي، وأقرت أن متولي الوقف الذين أداروا تباعا هذه الأملاك كانوا من عائلات أخرى قبل قيام دولة إسرائيل وبعد قيامها وهؤلاء بقوا في البلاد ولم يغادروها في الفترة المحددة في قانون أملاك الغائبين، (لغاية تاريخ احتلال ترشيحا كما كتبت المحكمة في 30.10.1948) وبما أن هؤلاء ليسوا غائبين بالتالي الأملاك التي أداروها كوقف لا تعتبر أملاك غائبين.
وبما أن الحديث عن ملف أوقاف إسلامية والذي تعتبره سلطات الدولة ملفا استراتيجيا على أعلى المستويات ولا تقبل هذه النتيجة، وكما كان متوقعا قامت بتقديم استئناف على القرار للمحكمة العليا التي ستنظر الاستئناف في الأشهر القريبة.
وتطرق المحامي خالد دغش، عضو هيئة متولي وقف الاستقلال في حيفا ومسؤول تشريع ممثل نقابة المحامين في الكنيست، إلى القضية بالقول إنه “نتمنى على السلطات أن تستغل هذه الفرصة لتفتح صفحة جديدة مع المسلمين في إسرائيل، وتحاول أن تنصفهم بقرار تاريخي يثّبت قرار المحكمة المركزية، ولو أن المحكمة اجتهدت في التمييز بين هذا الملف وبين قرارات سابقة بخصوص الأوقاف الإسلامية التي رفضت تحريرها مثل قضية مقبرة مأمن الله في القدس التي أقيم عليها متحف التسامح لمؤسسة ‘فيزينتال’ معللة المحكمة العليا رفضها آنذاك بأن أملاك الوقف الإسلامي في إسرائيل كانت تتبع للمجلس الإسلامي الأعلى برئاسة الحاج أمين الحسيني، وقبلت ادعاء الدولة ووزير الأديان أن هذه الهيئة وكل أعضائها هم غائبون، ولذلك وبالتالي أملاكها أملاك غائبين، وأعطيت بموجب قانون أملاك الغائبين لحارس أملاك الغائبين الذي حولها لسلطة تطوير أراضي إسرائيل”.
وأكد أنه “بغض النظر عن نتيجة القرار وفيما إذا تم إلغاءه في الاستئناف في المحكمة العليا هناك أهمية كبيرة للقرار وفحواه من عدة جوانب، فهو مستند تاريخي وقانوني على السواء، يسرد قصة الطريقة الصوفية الشاذلية وبالخصوص اليشرطية في عكا وترشيحا ويعود بنا إلى سنوات الخمسين من القرن الثامن عشر ويحكي عن عائلة اليشرطي ومؤسسها الذي قدم إلى البلاد من تونس في القرن الثامن عشر، كما أن المرافعة القانونية الممتازة والمتميزة للمحامي إميل نحاس والمحامي رامي علي أعطت للملف القانوني أهمية خاصة جدا، حيث تم اعتماد تقارير مختصين في الأوقاف وفي الطريقة الصوفية (بروفسور يتسحاك رايتار وبروفسور ساره سافيري) كذلك تم اعتماد كتب تاريخية أهمها كتاب فاطمة اليشرطي وهي بنت مؤسس الطريقة، وكُلها تفتح لنا نافذة لجانب جميل ومثير في حياة مؤسس وأتباع هذه الطريقة الصوفية”.
وأضاف المحامي دغش أنه “لا يقل أهمية عن كل ما سبق هو تراجع بروفيسور يتسحاك رايتر خلال مساءلته بالمحكمة عن ما كتبه في كتابه منذ سنوات عن الأوقاف الإسلامية بعد اطلاعه على مستندات كشفت أمامه لأول مرة، وعمليا تراجع عن موقفه في كتابه أن أملاك الأوقاف الإسلامية يجب اعتبارها أملاك غائبين إذ أنه لأول مرة يتم الفصل، بخصوص ملكية أملاك الوقف، بين متولي الوقف وهم ليسوا غائبين وبين قيادة الوقف الروحية، وهذه هي النقطة الرئيسية التي بواسطتها فكك المحاميان إميل نحاس ورامي علي معضلة قانون الغائبين وأقنعا المحكمة بتحرير أملاك الوقف الشاذلي اليشرطي في ترشيحا”.
وختم عضو هيئة متولي وقف الاستقلال في حيفا ومسؤول تشريع ممثل نقابة المحامين في الكنيست، بالقول إن “الحل لقضية أملاك الأوقاف الإسلامية هو بتعديل القانون وإلغاء اعتبار هذه الأملاك أملاك غائبين وإعادتها لإدارة وملكية هيئات متولي الأوقاف في كل بلدة وبلدة”.