عائدون إلى غزة: أرواحنا رُدّت إلينا
بعد أكثر من عام على نزوحهم عن مدينتهم تحت وطأة الإبادة الجماعية التي ارتكبتها إسرائيل طوال أكثر من 15 شهرا، عاد مئات الآلاف من الفلسطينيين إلى غزة والشمال في لحظة مشحونة بالحنين والاشتياق فضلا عن الألم على الفقد والدمار.
رحلة العودة هذه بدأت صباح الاثنين من محور “نتساريم” الذي أنشأه الجيش الإسرائيلي عام 2023، عبر شارعي “الرشيد” الساحلي للمشاة، و”صلاح الدين” للمركبات بعد خضوعها للتفتيش الأمني، وفق ما نص عليه اتفاق وقف إطلاق النار.
وفي 19 يناير/ كانون الثاني الجاري، بدأ سريان اتفاق لوقف إطلاق النار بغزة وتبادل الأسرى بين حركة “حماس” وإسرائيل، بوساطة قطر ومصر والولايات المتحدة.
بعض النازحين عادوا مشيا على الأقدام حاملين الأعلام الفلسطينية للتعبير عن “حبهم للوطن وتشبثهم به”، واصفين شعورهم مع وصولهم إلى أول نقطة تربط المحافظة الوسطى بمدينة غزة بـ”الراحة النفسية”.
وفي تصريح صحفي، قال مدير عام المكتب الإعلامي الحكومي إسماعيل الثوابتة، إن أكثر من 300 ألف نازح فلسطيني عادوا إلى محافظتي غزة والشمال.
وأثارت مشاهد عودة الفلسطينيين إلى الشمال حالة استياء في إسرائيل، حيث عنونت القناة “12” العبرية الخاصة خبرها الرئيسي صباح الاثنين، بالقول إن “النازحين الفلسطينيين يحتفلون بإذلال إسرائيل”.
العودة.. شعور لا يوصف
أحمد عبد الرحمن، عائد من الجنوب إلى بلدة بيت لاهيا شمال القطاع التي نزح منها منذ نحو 14 شهرا، قال: “شعوري لا يوصف، قدمت من خان يونس (جنوب) لمخيم النصيرات (وسط) منتظرا فتح الطريق (تمهيدا للسماح بعودة النازحين)”.
وعن شعوره مع دخوله مدينة غزة بعد غياب طويل، أفاد: “شعور لا يوصف أبدا رغم الشهداء والدمار وفقدان المنازل”.
عبد الرحمن وصل مدينة غزة مبتسما وهو يحمل العلم الفلسطيني، في مشهد “وطني بامتياز” كما وصفه فلسطينيون.
وقال عن ذلك: “أحمل علم فلسطين لأنها وطني، نزحت منها أو مت أو ذهبت أو جئت، هذا وطني وفي القلب مدفون، ولا نتخلى عنه”.
“رائحة غزة كرائحة الجنة”
بدوره، وفي لحظة مشحونة بالكثير من العواطف قال أبو خليل بنات الذي وصل مدينة غزة ملوحا بالعلم: “أول ما شممت رائحة غزة لقيت رائحة الجنة.. غزة العزة والمقاومة”.
وأوضح أنه وصل لغزة قادما من مدينة دير البلح وسط القطاع مشيا على الأقدام، لافتا إلى أنه سيواصل المسير حتى وصوله إلى منزله في مخيم الشاطئ للاجئين غرب مدينة غزة.
وأردف “بنات” قائلا: “لا أرتاح إلا في داري”، مبينا أنه للمرة الأولى سيرى منزله منذ أن تركه في أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
ومع عودتهم إلى غزة والشمال، يبدأ الفلسطينيون بتفقد أحوال منازلهم التي غابوا عنها على مدار أشهر الإبادة الجماعية، حيث فوجئ الآلاف منهم بتدمير كامل للمنازل وبعضهم بتدمير جزئي.
من جانبه، قال الثوابتة في تصريحه إن أكثر من مليون ونصف مليون فلسطيني داخل القطاع أصبحوا دون مأوى، بينما يقدر المكتب الإعلامي الحكومي نسبة الدمار الذي طال محافظتي غزة والشمال بأكثر من 90 بالمئة.
“راحة نفسية”
من جانبه، قال الفلسطيني عيد السيلاوي إنه ومنذ لحظة دخوله إلى مدينة غزة بعد 11 شهرا من النزوح في محافظات الجنوب، شعر “براحة نفسية”.
وأضاف: “لما دخلنا مدينة غزة ارتحنا نفسيا وأخذنا نفس، هذه المنطقة فيها حياة، والمعنوية العالية”.
“كمن عادت له الروح”، هكذا وصف السيلاوي شعور النازحين العائدين إلى مدينة غزة بعد غياب قسري دام لأشهر.
ويتكون اتفاق وقف إطلاق النار من 3 مراحل مدة كل منها 42 يوما، يتم خلالها التفاوض لبدء مرحلة ثانية وثالثة وصولا لإنهاء حرب الإبادة.
وبدعم أمريكي ارتكبت إسرائيل بين 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 و19 يناير 2025، إبادة جماعية بغزة خلّفت نحو 159 ألف قتيل وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود.
المصدر: الأناضول