أخبار وتقاريرمقالاتومضات

من طالب طب الى الرجل الأول في سوريا.. أحمد الشرع غيّر وجه المنطقة

الإعلامي أحمد حازم

في الحديث عن القائد الحالي لسوريا احمد الشرع، تركز وسائل إعلام خبيثة النهج على عضوية الشرع في تنظيم القاعدة وعلى انتمائه لجبهة النصرة بهدف التشكيك في نوايا زعيم “هيئة تحرير الشام”، هذا الفصيل الذي أسسه الشرع تاركًا وراءه القاعدة وأخواتها، وهذا التنظيم الذي استطاع إسقاط بشار الأسد في الثامن من الشهر الماضي.

ليس مهما كيف كان الشرع، بل الأهم ما فعله هذا الشاب من عمل في أيام قليلة عجزت عنه ثورة استمرت 13 عامًا. هو لا ينكر أبدًا ماضيه فهو جزء من حياته. وعندما قام بتأسيس تنظيم “هيئة تحرير الشام” كان واضحًا انه يريد التخلص من ماضيه والبدء بمنهج سياسي جديد يتناسب مع التطورات السياسية المحلية والدولية. فقد خلع زي جبهة النصرة ورمى به جانبا وأتى ليخاطب العالم كرجل سياسي بزي رسمي بصفته احمد الشرع رئيس تنظيم سياسي منفتح على العالم. فما كان لن يعود. هو الآن أحمد الشرع الذي حرّر سوريا من أقذر دكتاتور عرفه التاريخ وأعاد الحرية للشعب السوري الذي ظلَّ أكثر من نصف قرن يعاني من دكتاتورية النظام الأسدي البائد.

كان “أبو محمد الجولاني” واليوم هو احمد الشرع القائد الجديد لسوريا. وعلى هذا الأساس يجب التعامل معه. كان طالب طب وهو اليوم رئيس تنظيم سياسي خلع بشار الأسد وأوصله الى العاصمة الروسية موسكو كلاجئ سياسي. الشاب المناضل والمحرر دخل التاريخ من بابه الواسع ليسجل اسمه من بين أسماء قادة كبار استطاعوا تحرير بلادهم من براثن الظلم والاستبداد. احمد الشرع وبعد السيطرة على العاصمة دمشق قالها صراحة في بيان بثه التلفزيون السوري الرسمي حمل عنوان “المستقبل لنا”، إنه لا مجال للعودة إلى الوراء، وأن الهيئة عازمة، على مواصلة المسار.

صحفي كان ضمن الوفد الكبير الذي شكله وليد جنبلاط خلال زيارته لسوريا في الثاني والعشرين من الشهر الحالي لتهنئة احمد الشرع بإزاحته للنظام السوري البائد، كتب في تقريره عن الزيارة: “استقبلنا أحمد الشرع (الجولاني سابقًا)، لابسًا كرافات للمرّة الأولى في حياته”. السؤال الذي يطرح نفسه: ألا يكفي التعريف عنه باسمه؟ ولماذا سابقا ولاحقًا؟ والأمر الآخر هو سخافة (الكرافات) للمرة الأولى. ومن قال إنها المرة الأولى؟ هل كنتم معه أيام شبابه؟ اجتهدوا في أمور مهمة مفيدة للشعب السوري واتركوا السخافات جانبًا والأهم من كل ذلك اتركوا الرجل بحاله فأمامه مشوار طويل.

القائد الجديد لسوريا ولد عام 1982 في حي المزة في دمشق ويا لها من مفارقة: فمكان ولادته هو اسم أحد أبشع سجون سوريا وهو سجن المزة، وعام ولادته هو العام الذي ارتكب فيه نظام الأسد مجزرة حماة التي سقط فيها حوالي 40 ألف قتيل. المولود حمل اسم “احمد” الشرع منذ ولادته ولا يوجد حاليا وسابقا وسيظل احمد الشرع في المستقبل كذلك. وان الإشارة باستمرار الى أنه (أبو محمد الجولاني) تصل الى حد الخبث الإعلامي ومحاولة للاصطياد في المياه العكرة قد يكون الهدف منها سلبا ان لم يكن الهدف بعينه.

احمد الشرع الذي اختار النهج الواقعي في التعامل مع الآخرين محليًا وخارجيًا حتى في السنوات القليلة الماضية، قبل أن يصبح نجم سوريا الذي أنقذ شعبه من نظام الأسد، وجه رسالة للغرب عام 2015 قال فيها انه :”لا ينوي شن هجمات ضد الغرب، كما يفعل تنظيم داعش، أو كما فعلت القاعدة”. وأوضح للعالم انه عندما انفصل عن تنظيم القاعدة أنه فعل ذلك لإزالة ذرائع المجتمع الدولي لمهاجمة تنظيمه.

أحمد الشرع قالها صراحة “هذه ثورة ضد نظام الأسد، وما نقوم به هو استرداد للحقوق”.

السوريون ينظرون الى احمد اشرع كبطل استطاع تخليصهم من سنوات وجع وذل، وهذا البطل كان في منتهى الوضوح عندما قال إنَّ “سوريا الحضارة والتاريخ باتت رهينة في أيدي شذّاذ الآفاق والميليشيات الإيرانية وأنّ المجتمع الدولي عجز عن حلّ الأزمة السورية طوال 14 عامًا، ووفرنا حربًا على الأمّة والإقليم لأنّ الشعوب لا تستطيع أن تأخذ حقّها إلا بيدها”.

شيخ عقل الطائفة الدرزية في لبنان سامي أبي المنى، الذي كان ضمن وفد جنبلاط، طالب الشرع خلال اللقاء “بإقامة دولة المواطنة أي دولة الحقوق والواجبات، دولة الوطنية الجامعة التي تقضي باحترام الخصوصيات الدينية واحترام القيم الدينية، وكلّ ما يساهم في صون العيش المشترك، فلا يكون الولاء نوعًا من التبعية القسرية، وإنّما شراكة الفعلية”.

لكنّ أحمد الشرع، ليس بحاجة لنصيحة وأهل دمشق أدرى بشعابها. وكان الشرع قد استبق نصيحة شيخ عقل الطائفة الدرزية. ففي خطابه السياسي يوم دخول دمشق أكد فيه على ما يريده زعيم الطائفة الدرزية في لبنان، ما يعني أن الشرع يتمتع بمراجعة فكرية عميقة وواقعية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى