قراءة في المشروع الجديد لمنصور عباس وعجائبه السبع
الإعلامي أحمد حازم
لا يوجد إنسان عاقل يرفض اقتراح أو مبادرة لجمع الشمل الفلسطيني، ولكن الأمر الأهم في هذا الموضوع هو صاحب المبادرة ونهجه السياسي. عضو الكنيست منصور عباس وخلال مقابلة معه على قناة “سكاي نيوز” طرح “مشروع الإنقاذ الوطني الفلسطيني”، الذي يتضمن سبعة محاور. فماذا يقترح عباس في عجائبه السبع لمشروعه؟
يقترح عباس في المحور الأول “إعلان فوريّ عن إنهاء الانقسام الفلسطينيّ”، لكنه لم يقل لنا كيف؟ عباس نسي أن هذا الانقسام مضى عليه حوالي 20 عاما، واجتمع الفرقاء مرات عديدة في عواصم عربية مختلفة، ولا حياة لمن تنادي بمعنى “تيتي تيتي متل ما رحتي جيتي”. حتى أنَّ اجتماعات الفصائل الفلسطينية وصلت للصين ولم يتغير أي شيء وبقي الانقسام. ثمَّ يأتي منصور عباس ويطالب “بجرّة قلم” بإنهاء الانقسام. نقطة فاشلة من عباس.
ثمَّ يتحفنا عباس بمطالبته الثانية “تشكيل حكومة توافق وطنيّ فلسطينيّ لا فصائلية، حتى تحظى بقبول وتعاون عربيّ ودوليّ”. له له يا شيخ منصور “ما بعرف شو صارلك”. كيف يمكن أن تطلب من حركة فتح وهي الحركة الأساسية والرئيسية المؤسسة لمنظمة التحرير الفلسطينية ابعادها مع غيرها من التنظيمات عن تشكيل حكومة فلسطينية. معقول هذا الكلام!! نقطة فاشلة.
منصور عباس الذي كان شريكا في حكومة اليميني المتطرف بنيت يقترح “الإعلان عن حلِّ السّلطة الفلسطينيّة ومنظمة التّحرير الفلسطينيّة، وقيادةُ الشّعب الفلسطينيّ وإدارةُ الحالة السياسيّة من خلال “الدولة الفلسطينية” الّتي تمّ الإعلان عنها”.
ما شاء الله عليك يا زعيم القائمة العربية الموحدة، تريد إزالة كل ركائز ومرجعيات الشعب الفلسطيني. وهل يوجد اعلان جدي عن دولة فلسطينية؟ نتنياهو اللاعب الأساس في هذه المعادلة يرفض رفضا قاطعا إقامة دولة فلسطينية والإدارة الأمريكية الحالية وما قبلها غير جادين في إقامة الدولة التي يتحدثون عنها مجرد كلام فارغ في تصريحاتهم. نقطة أخرى فاشلة.
في المحور الخامس يطرح منصور عباس: “توافق فصائل وقيادات الشّعب الفلسطينيّ على مشروع وطنيّ فلسطينيّ، في صلبه القبول والمطالبة بحلّ الدولتين، حيث أنّ توافق مختلف الفصائل الفلسطينية بشكل واضح على ذلك من شأنه أن يعطي قوة وزخمًا لهذا المشروع”. منصور عباس اقترح في المحور الأول انهاء الانقسام الفلسطيني. فكيف يمكن لفصائل الانقسام الفلسطيني أن تتفق مع بعضها؟ وهل يعتقد منصور عباس أنَّ الفصائل الفلسطينية ستتهافت على مبادرته وتنهي انقسامها لإنجاح مشروعه؟ هذا قصر نظر سياسي. مرة أخرى نقطة فاشلة.
في المحور السادس يطلب منصور عباس من الدول العربية، تبني مشروعه، إذ يطالب بـِ “التّوافق مع الدّول العربيّة وفق مبادرة السّلام العربيّة، والتّحرّك في هذا النّطاق مع مجموعة الدّول العربيّة المعنيّة والمهتمّة بالدّرجة الأولى بالشّأن الفلسطينيّ، وأن يفعّلوا من خلالهم مشروع الإنقاذ الوطنيّ الفلسطينيّ وأيضًا مبادرة السّلام العربيّة”. في هذا المحور، يعطي منصور عباس لنفسه حجما أكبر بكثير من حجمه الطبيعي. لماذا؟ مبادرة السلام العربية هي مبادرة من دولة اسمها السعودية لها وزن سياسي كبير في المنطقة، حتى لو اختلفنا معها سياسيا، وهذه المبادرة التي مضى عليها 22 سنة لم يهتم بها أحد ورفضتها اسرائيل، ومنصور عباس يريد من الدول
العربية الاهتمام بمشروعه وتفعيله لدرجة انه وضع مشروعه بموازاة مبادرة السلام العربية. هل يعقل هذا؟ نفطة فاشلة بدون شك.
ثمَّ يتحفنا منصور عباس في المحور السابع بقوله “أن يكون للعرب الفلسطينيّين في إسرائيل دور خاص من خلال الإعلان عن مبادرة تسوية سياسيّة، أو مبادرة سلام ومصالحة فلسطينيّة إسرائيليّة، يكونون فيها الجسر الذي يحاول أن يقرّب وجهات النظر. مبادرة من هذا النوع عندما تأتي من جزء من الشّعب الفلسطينيّ، من الدّاخل الفلسطينيّ 1948، سيكون لها أثر مباشر على الرأي العام الإسرائيليّ، وعلى الرأي العام الدوليّ، وأيضًا على الرأي العام الفلسطينيّ”.
ما يعنيه منصور عباس، ان يتقدم فلسطينيو ألـ 48 بمبادرة سلام ومصالحة فلسطينيّة إسرائيليّة. ما هذا الكلام الفارغ غير الموزون؟ فهل يعيش الداخل الفلسطيني حالة حرب مع اليهودي في إسرائيل ليتطلب الأمر مبادرة صلح من هذا النوع الذي يريده منصور عباس؟ ثمَّ يذهب عباس بعيدا في مخيلته ليعتقد بأن مثل هذه المبادرة (لو حصلت) ستؤثر على الرأي العام، إسرائيليا ودوليا وفلسطينيا. هل نسي عباس أن الرأي العام الإسرائيلي “مش شايفو من خرم ابرة؟”، وهل نسي منصور عباس أنَّ وجوده في إسرائيل لا يعني شيئًا للنظام ونهجه بدليل قانون يهودية الدولة، والذي وافق عليه عباس نفسه. ومتى يهتم الرأي العام الدولي بفلسطينيي الداخل؟
كلمة أخيرة يجب أن يفهمها منصور عباس: السياسي الفلسطيني الذي يصف الأسرى الفلسطينيين بالمخربين، ويوافق على قانون يهودية الدولة ورفض لم الشمل الفلسطيني، لا يحق له التقدم بأي مشروع وطني فلسطيني. مرة أخرى يثبت لي عباس مدى قصر نظره سياسيا.