“لي يدان لأكتب”.. باكورة مشروع “غزة تكتب” بأقلام غزية
صدر عن دار تدوين للنشر والتوزيع في عمان كتاب “لي يدان لأكتب” شهادات من داخل غزة، وهو الكتاب الأول ضمن مشروع “غزة تكتب”، الذي أطلقه الشاعر موسى حوامدة مؤسس الدار بالتعاون مع رابطة الكتاب الأردنيين ومركز ماهر الصراف الثقافي تحت التأسيس، وعدد من الشخصيات الوطنية والثقافية بينهم الفنانة جولييت عواد، والدكتور طارق سامي خوري، وإيميل الغوري، وأحمد ديباجة، وأسعد عبد الرحمن، وأكرم أبو علان، وجوني منصور، وريما ملحم، وعمار ملحم، وجمال حجار، وألدو (نيقوسيا-إيطاليا)، ومحمد حقي صوتشين (تركيا)، وكمال ميرزا، وغيرهم.
وقد أشرف على تحرير المادة -التي تم تدوينها من ناجين من محرقة غزة- الروائي المهندس سامر المجالي مدير تحرير دار تدوين، وعدد من الشعراء بينهم حسين جلعاد، وعبد السلام عطاري، وأمين الربيع، وأحمد سراج، والدكتور زيد علي الفضيل وأسامة رشيد حسن.
افتتح الكتاب بمقدمة دار تدوين جاء فيها:
منذ أعلنا عن تأسيس دار تدوين للنشر والتوزيع في عمان، كانت غايتنا تقديم مشروع ثقافي وإنساني كبير للشعب الفلسطيني الذي يتعرض لحرب إبادة جماعية في قطاع غزة منذ ما يقارب العام، ولأن المشروع ليس فرديا ولا غنيمة شخصية فضَّلنا أن يكون عملا جماعيا لكل مثقف حر لم ينحز إلا لضميره، وقد حباني الله بمتطوعين وداعمين وبعدد من الناشطين والمثقفين المحترمين المؤمنين بحق الشعب الفلسطيني في المقاومة وواجب المثقف العربي نصرة هذا الحق ودعمه بكل السبل.
ولأننا في الأردن نمتلك خصوصية معينة مع فلسطين وعلاقة أعمق من حدود سايكس بيكو ولأن الشعب الأردني بكل أطيافه لا يؤيد المقاومة فقط، بل يعتبر نفسه جزءا منها، فضَّلنا أن ينطلق المشروع من عمان وبالتعاون مع رابطة الكتاب الأردنيين.
هذا المشروع وجد لينجح، وليكون رسالة حضارية وإنسانية لدعم أهل غزة، أولا رسالة من مثقفي الأردن وشعبه، رسالة من مثقفي العالم العربي الأحرار، رسالة بليغة لا تقبل التصغير أو التفرقة… أو الإقصاء والتخوين، أو حتى حشرنا في وجهة نظر ضيقة متشجنة.
غزة هي العنوان غزة هي الوسيلة،
غزة هي الغاية.. تدوين دار نشر عربية حرة ..
مشروع كتابات غزة مشروع ثقافي عربي مستقل وواضح، لا أجندات ولا غايات إلا انتصار الحق في فلسطين.
وكتب الشاعر موسى حوامدة مقدمة للكتاب تحت عنوان، لي يدان لأكتب قال فيها:
كل ما جمعناه وما استطعنا الوصول إليه من كتابات، لا يحمل نزعة عنصرية ضدّ أحد، بل لا يحمل كراهية بالمعنى البشع الذي تحمله قطعان المجرمين وعتاة الصهاينة.
نحن نحلم بتحرير إنسانيتنا دون دم وقتل وجثث.
نحن لا نملك إلا الأمل والتحدي.
لا نملك أسلحة ذرية أو بيولوجية أو نووية، ولسنا قوة عظمى، لكننا صبر أسطوري، بشر طبيعيون، شعب صغير يريد الخلاص والحرية والركض في الشوارع دون خوف من قصف، يريد النوم في العراء أو البيوت دون قذائف أميركية تصهر المعادن قبل البشر.
نريد وقف الهمجية، وقف الوحش الذي لا يريد أن يعترف بحق هذا الشعب في بلاده وشمس بلاده. ندرك أن ثمن الاعتراف بحقنا في النضال ليس لصالحه، وما هي المصلحة العليا لهذا الكيان؟ إنها ببساطة اجتثاث أرواحنا وأجسادنا من رحم أرضنا الأزلية، ومسح تاريخ معاناة الهجرة واللجوء، وإظهار نفسه بمظهر الضحية في العالم، أما نحن -بنظره- فلسنا بشرا نتألم، بل حيوانات بشرية، بحسب وصف يوآف غالانت، وهو يعبر عن عقليته التلمودية المتطرفة.
هذه اليوميات ستُظهر من هم البشر الحقيقيون، ومن هم الوحوش القتلة، من هم الضحايا ومن هم المجرمون، ومن هم محبو الحياة وصناعها ومن هم أعداؤها.
هذا الكتاب صنعته همجية الاحتلال ووضاعته واحتقاره للإنسانية، هذا الكتاب برهافة كلماته، صيغ بأصابع الطيبين في غزة، بدموع المكلومين وحزن الأمهات والآباء على من فقدوا، بحزن الجيران على جيرتهم، بحزن الملكوت على بيوت الهناء التي دمرت، وعلى أحياء المحبة التي دُكَّت من أساساتها، بحزن الصبايا على أيام ما قبل الإبادة. هذه الحياة الصعبة، في ظل الحصار والتجويع والمنع والقهر، وحملة التطهير العرقي والإبادة ومسح معالم الحياة حتى لا تعود المنطقة صالحة للعيش، فلا يجد الناس سبيلا سوى الهجرة.
هذه الدمى المتعجرفة والحاقدة والفاقدة للحس الإنساني، حوّلت حياة الناس إلى مآتم مستمرة، وأحزان وموت وجراح تتواصل، وبطش همجي لم يحدث إلا في مخيلة من كتبوا تلك التلفيقات الغيبية المشوهة عن حق اليهودي في حرق البشر وقتل أطفال العدو. إنها النظرة التلمودية الصهيونية المعششة في عقول الكثير من اليهود وغير اليهود، أي أولئك المؤمنين بأن التوراة التلمودية جزء من ديانة المسيح والبشرية! وحاشا أن يكون المسيح كذلك، وهو الثائر الفلسطيني ضد ظلم اليهود وتحريفهم لكل منطق إنساني، الذي جاء ليحرر العالم من خطاياهم، وآمن بإنسانية البشر، كل البشر، وليس فقط من يصدق رسالته.
ويحتوي الكتاب على كثير من النصوص التي كتبها ناجون من المحرقة وحتى بعض من استشهد منهم، وترك وراءه بعض الكلمات التي تشهد على همجية العدوان والمعتدين، مجرمي الحرب.
وقد توزعت المادة ضمن عدة فصول، الأول: طوفان من بين أيديهم ومن خلفهم: منذ بدء العدوان وحتى نهاية عام 2023، الصدمة: من يناير/كانون الثاني حتى مارس/آذار 2024، وبشر الصابرين: من أبريل/نيسان إلى نهاية يونيو/تموز، لا يشبهنا أحد: من يوليو/تموز حتى سبتمبر/أيلول.