“واشنطن بوست”: غزة تحولت إلى مقبرة لمجتمع بأكمله وشمالها يشهد تطهيرا عرقيا
قالت صحيفة “واشنطن بوست” إن غزة باتت مجتمعا كاملا مثل المقبرة، لدرجة أن الدمار في شمال القطاع، جراء العدوان صعق مؤسسات الإغاثة.
ولفتت في تقرير إلى أن الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب قال لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو “افعل ما يجب عمله لكي تنهي المهمة” في الشرق الاوسط، في الوقت الذي تبنى فيه أثناء حملته الانتخابية شعار تحقيق “السلام” في المنطقة ويريد منهم استكمال العمليات العسكرية قبل حفل تنصيبه في كانون الثاني/يناير، هذا حسب المصادر الإسرائيلية.
لكن ترامب الذي أغدق على نتنياهو وحلفاءه في اليمين المتطرف بالهدايا أثناء فترة ولايته الأولى، لم يقدم رؤية واضحة حول كيفية وقف الحرب. ويبدو أن نتنياهو الذي عزل وزير الأمن وعين بديلا عنه موال له في الأسبوع الماضي، لا يريد انتظار تنصيب الرئيس المقبل. وعلى مدى الأسبوع الماضي دفع الاحتلال حملته الجوية وواصل دك شمال غزة وجنوب لبنان.
ويحضر المسؤولون العسكريون بتوسيع العملية البرية في جنوب لبنان بهدف القضاء على وجود حزب الله. ولعمل هذا قامت إسرائيل بدك قرى وبلدات جنوبية وسوتها بالتراب وشردت ربع السكان.
وفي شمال غزة صعد الاحتلال من عمليات التدمير في وقت يحاول أكثر من 100,000 فلسطيني النجاة بدون فرص للحصول على الطعام الجديد والمساعدات الإنسانية، حيث أوقف وصول المساعدات الإنسانية.
وفي يوم الجمعة، حذرت لجنة مراجعة المجاعة التابعة للأمم المتحدة، من أن هناك “فرصة قوية” لحدوث مجاعة في شمال غزة و “يمكن والحالة هذه افتراض زيادة الجوع وسوء التغذية والوفيات في هذه المناطق”.
وقدم عمال الإغاثة والمسؤولين في الأمم المتحدة صورة عن دمار شامل. ووضعت لويز ووترريدج، المتحدثة باسم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، أونروا فيديو عن جولة قامت بها قبل فترة في مناطق شمال غزة، وظهر فيه ارضا مدمرة بلا نهاية وأبنية تحولت إلى أنقاض ومناطق مهجورة وشوارع ينتشر فيها الحطام. وكتبت على الإنترنت “لا يمكن معرفة من أن يبدأ الدمار وأين ينتهي” و “لا يهم من أي جهة تدخل فيها مدينة غزة، فقد سويت البيوت والمستشفيات والمدارس والعيادات والمساحد والشقق السكنية والمطاعم بالتراب، وهناك مجتمع كامل صار مقبرة”.
ووفق المقال، فإنّ الحصيلة المذهلة لـ 13 شهرا من الحرب لا تزال قيد التحليل والدراسة، فقد وجد تحليل نشره مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة يوم الجمعة للضحايا في غزة منذ 7 تشرين/ أكتوبر 2023، أن ما يقرب من 70 بالمئة من الشهداء كانوا من النساء والأطفال، بخاصة ممن هم ما بين 5 إلى 9 سنوات. واستشهد حوالي 80 بالمئة داخل المباني السكنية أو المساكن.
وقال مفوض حقوق الإنسان في الأمم المتحدة فولكر تورك “إن رصدنا يشير إلى أن هذا المستوى غير المسبوق من قتل وإصابة المدنيين هو نتيجة مباشرة لعدم الامتثال للمبادئ الأساسية للقانون الإنساني الدولي”.
وقال إن الاحتلال كرر أنه يلتزم بالقانون الدولي واتهم حماس باختراق التجمعات المدنية. ووجدت إسرائيل داعما لهذا الزعم، وهو إدارة بايدن العرجاء التي حمت وبثبات إسرائيل من العقوبة الدولية.
ويواجه الاحتلال نهاية للمدة التي حددتها الولايات المتحدة من أجل تحسين دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة أو مواجهة تقييدا للمساعدات العسكرية.
وقد تكون هذه هي المرة الأولى التي تطبق فيها إدارة بايدن بالفعل قوانين أمريكية تفرض شروطا على المساعدات العسكرية للدول الأجنبية. وردا على الضغوط الأمريكية الواضحة، قالت إسرائيل إنها ستفتح معبرا جديدا في جنوب غزة.
لكن المنظمات الإنسانية تحذر كثيرا من أن عبور مثل هذه المساعدات إلى المناطق الشمالية من غزة غالبا ما يواجه قيودا وعقبات، بسبب العمليات العسكرية الإسرائيلية وانهيار أي مظهر من مظاهر القانون والنظام في المنطقة، مع قيام العصابات واللصوص بنهب القوافل.
وحتى لو قررت إدارة بايدن أن إسرائيل لم تلب شروطها، فسيقوم ترامب بإلغاء أي قيود حالة توليه الرئاسة بعد شهرين. وقد عبر نتنياهو وحلفاؤه من أقصى اليمين في إسرائيل عن فرحتهم بانتخاب ترامب، ويطمحون لأن يمنحهم الرئيس الجديد تفويضا مطلقا لتنفيذ أجندتهم الشاملة. ويشك المحللون في أن نتنياهو قد يقاوم الموافقة على وقف إطلاق النار الرسمي على أي من جبهات الحرب حتى يتولى ترامب السلطة، وهي الخطوة التي من شأنها أن تمنح الرئيس القادم انتصارا رمزيا وتحرم سلفه من هذا الانتصار.
ونقلت صحيفة “فايننشال تايمز” عن مصدر على معرفة بالتفكير الإسرائيلي: ” هناك تفاهم بين ترامب ونتنياهو بأنهما سيعملان معا لوقف الحرب”، مما يعني أن أي اختراق لن يحدث إلا بعد تولي ترامب السلطة.
وقال “يريد نتنياهو مساعدته على تحقيق هذا الإنجاز، وهو لا يضمن هذا، ولكن الفكرة هي أنه يريد تأخير أي تحرك مهم في لبنان وغزة حتى 20 كانون الثاني/يناير”. وفي الوقت الذي تتفاقم فيه الكارثة في غزة، أشار بعض المسؤولين الإسرائيليين إلى أن سكان مناطق معينة في شمال غزة لن يسمح لهم بالعودة، وهو ما يعزز مزاعم جماعات حقوق الإنسان والمنظمات الإنسانية بأن إسرائيل قد تنفذ تطهيرا عرقياً فعليا في الشمال الذي باتت فيه الحياة لا تطاق.
وقام يان إيغلاند، الدبلوماسي النرويجي السابق ورئيس المجلس النرويجي للاجئين، بجولة في المنطقة الأسبوع الماضي وقال إن الوضع في المناطق الشمالية والوسطى من غزة “أسوأ من أي شيء يمكنني أن أتخيله كعامل إغاثة منذ فترة طويلة”.
وأضاف في بيان: “ما رأيته وسمعته في شمال غزة يعطي صورة أن السكان هناك يدفعون إلى ما هو أبعد من نقطة الانهيار. عائلات ممزقة ورجال وفتيان محتجزون ومنفصلون عن أحبائهم وعائلات غير قادرة حتى على دفن موتاها. وقد قضى البعض أياما دون طعام وبات من الصعب العثور على مياه الشرب. إنه مشهد تلو الآخر من اليأس المطلق”.
ونقلت الصحيفة في تقاريرها عن سعيد كيلاني، أحد سكان شمال غزة وصفه صعوبة الحصول على الطعام كما أن المياه مالحة مما يجعلها غير صالحة للحيوانات والنباتات “لكن ليس لدينا أي خيار بل وشربها”، وأضاف أن السكان كانوا يعتمدون خلال الغزو الإسرائيلي الأولي للمنطقة على الأعشاب للنجاة و “لكن حتى هذا لم يعد موجودا الآن”.