انتخابات أمريكا.. أمنيات أطفال غزة من مرشحين “أحلاهما مر”
كـ”الغريق الذي يتعلق بقشة لإنقاذه”.. يتطلع أطفال قطاع غزة بكل براءة إلى تغيير حقيقي بالإدارة الأمريكية مع اقتراب انتخابات الرئاسة يمكن أن يسهم في إنهاء معاناتهم ووقف حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية المتواصلة بحقهم للعام الثاني على التوالي.
يأتي ذلك رغم أن الخيارين المتاحين في تلك الانتخابات “أحلاهما مر”؛ فالمرشحان المتنافسان فيها يبديان دعما كبيرا لإسرائيل، حسب ما ظهر من خلال خطابات لهما ومناظرة جرت بينهما في 10 سبتمبر/ أيلول 2024.
إذ يعرض مرشح الحزب الجمهوري دونالد ترامب نهجا أكثر تشددا لدعم أمريكي غير مشروط لإسرائيل؛ حيث يسمح لها باتخاذ الإجراءات التي تراها مناسبة ضمن ما يسميه “حقها في الدفاع عن النفس”، ودون أي تركيز على الجانب الإنساني.
وبينما تدعم مرشحة الحزب الديمقراطي كمالا هاريس ما تعتبره “حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها” ضد حماس، التي تزعم أنها “منظمة إرهابية يجب القضاء عليها”، فإنها تؤكد في الوقت ذاته “ضرورة حماية المدنيين في غزة”.
كما تقول هاريس إنها تدعم “حل الدولتين” للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وتدعي أنها تعمل مع الإدارة الحالية على ضمان استقرار الأوضاع في غزة بعد انتهاء الحرب، بما يشمل إعادة الإعمار، وإعادة حكم السلطة الفلسطينية.
وفيما يبدو موقف هاريس أكثر توازنا من ترامب، فإن المواقف الفعلية إزاء غزة لإدارة جو بايدن التي تشغل فيها حاليا منصب نائبة للرئيس، تتناقض مع وعودها.
فإدارة بايدن تقدم دعما كاملا لإسرائيل عسكريا واستخباريا وسياسيا في غزة، حتى إن الفلسطينيين يتهمونها بأنها شريك رئيسي في الإبادة الجماعية التي تشنها إسرائيل بالقطاع منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
لكن لأنه “ليس في اليد حيلة”، وببراءة معهودة، يمني أطفال غزة النفس بأن تسهم الانتخابات الأمريكية المقررة في 5 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، في الحد من معاناتهم الحالية.
دور فاعل
فالطفلة رؤى أبو عمرة (15 عامًا) تتطلع إلى دور فاعل للرئيس الأمريكي المقبل في وقف حرب الإبادة الجماعية على غزة، خاصة أن الولايات المتحدة هي أحد الداعمين الرئيسين للاحتلال الإسرائيلي في تلك الحرب المدمرة.
رؤى، التي فقدت منزل عائلتها شرق مدينة دير البلح وسط غزة، تقول إن الأمريكيين لعبوا دورا كبيرا في إطالة أمد حرب الإبادة عليهم، وترى أن من واجب الرئيس الجديد أن يسعى للسلام.
وتضيف: “من حقي أن أتعلم وأحقق أحلامي؛ فكل شيء بالنسبة إلي توقف بسبب حرب الإبادة في غزة”
وتتابع: “في هذا العام، كان من المفترض أن أختار مساري التعليمي في مرحلة الثانوية العامة سواء بالالتحاق بالفرع الأدبي والعلمي، لكن الحرب تعرقل كل شيء، حتى أحلامنا وطموحاتنا”.
وتشير إلى تأثير الظروف الراهنة على حياتها اليومية، وتعليق الدراسة منذ بداية الحرب.
وتواصل حديثها بحسرة: “أحتاج إلى التعليم لأحقق طموحي، لكن كل ما نريده هو وقف القتال وعودة الحياة إلى طبيعتها”. وتخشى أن تفقد فرصتها في التعليم إذا استمرت حرب الإبادة الإسرائيلية.
وحسب أرقام نشرها المكتب الإعلامي الحكومي بقطاع غزة في 15 أكتوبر الجاري، حرمت حرب الإبادة الإسرائيلية نحو 785 ألف طالب وطالبة من التعليم.
فيما دمرت القوات الإسرائيلية 125 مدرسة وجامعة كليا، و337 مدرسة وجامعة جزئيا.
أما الطفل علي الديب (7 سنوات)، الذي يعبر عن دعمه للمرشحة هاريس، فيقول: “أريد من الرئيس الأمريكي الجديد أن يوقف الحرب حتى أتمكن من العودة لبيتي بمدينة غزة”.
ويعيش الديب مع عائلته في ظروف قاسية بسبب النزوح من مدينة غزة، ويضيف: “نعيش في خيام، ونريد العودة إلى بيوتنا، فالوضع هنا صعب جدا، نحتاج إلى الطعام والدفء والأمان”.
ويشدد على ضرورة فتح المعابر لإدخال البضائع الأساسية، ويأمل أن تعود الحياة إلى طبيعتها وأن يمارس اللعب، وأن يعود إلى مقاعد الدراسة مثل الأطفال الآخرين.
“أتعبتنا حياة الخيام”
على النحو ذاته تأتي أمنيات الطفل عيسى الضبة (13 عاما)، الذي نزح قسرا من حي الشجاعية شرق مدينة غزة تحت قصف الجيش الإسرائيلي.
إذ يتمنى عيسى أن يأتي رئيس أمريكي جديد يتفهم معاناة الفلسطينيين.
ويقول: “تعبنا من حياة الخيام، أريد العودة إلى مدينة غزة ومقاعد الدراسة، يجب أن تُفتح المعابر حتى يتم إدخال البضائع والسلع الأساسية”.
ويعبر عن شعوره بالخوف وعدم الأمان، ويتذكر كيف كانت حياته أفضل قبل الحرب والنزوح.
ويحلم بالعودة إلى حياته الطبيعية، حيث اللعب مع الأصدقاء والذهاب إلى المدرسة.
بينما تتحدث ريماس الحداد (13 عاما)، النازحة من حي الصبرة بمدينة غزة بحماسة عن أملها في العودة إلى ديارها.
وتقول: “نريد من الرئيس الأمريكي الجديد أن يوقف الحرب الإسرائيلية، فقد أتعبتنا حياة الخيام وعمليات النزوح المتكررة”.
وتضيف بحزن: “نواجه أزمات صحية وبيئية، ونعاني من انتشار الحشرات والقوارض، وأجواء حارة صيفا وباردة شتاء”.
وتؤكد حقها بوصفها طفلة في الحياة بشكل طبيعي، وتتمنى العودة إلى المدرسة؛ إذ تشعر بأن التعليم هو المفتاح لمستقبلها.
وتتابع: “من حقي أن أتعلم وأعيش بشكل مستقل بأمن وأمان. نريد من الرئيس الأمريكي الجديد أن يدعم هذا الشيء وأن يعمل على عودة النازحين إلى ديارهم في مدينة غزة والشمال”.
وبدعم أمريكي مطلق، تشن إسرائيل منذ 7 أكتوبر 2023، حرب إبادة جماعية على غزة خلفت أكثر من 143 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.
وتواصل تل أبيب هذه الحرب متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بإنهائها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية وتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة.
ووفق المكتب الإعلامي الحكومي بغزة، يبدو الأطفال من أكثر ضحايا تلك الحرب؛ فقد قتلت إسرائيل منهم 17 ألفا و29، بينما حرمت نحو 26 ألفا آخرين من الأب أو الأم أو كليهما معا.
فيما نحو 3 آلاف و500 طفل معرّضون للموت بسبب سوء التغذية ونقص الغذاء.
المصدر: الأناضول