محور صلاح الدين محاولات إسرائيلية لفرض “أمر واقع”
بينما لا تزال قوات الجيش المصري على طول الحدود الفاصلة بين سيناء وقطاع غزة في حالة استنفار، منذ بدء الحرب على القطاع في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، يستمر جيش الاحتلال الإسرائيلي في “تكريس وتطوير” احتلاله محور صلاح الدين (فيلادلفي) الحدودي مع مصر، والذي بدأ في مايو/ أيار الماضي، حيث يعتمد، في ذلك، على تمكين وجوده من خلال إنشاء بنى تحتية وطرقات، ووضع وسائل تكنولوجية عديدة متطورة، بما يؤكد عدم نيته الانسحاب من تلك المنطقة ومحاولته فرض أمر واقع جديد فيها.
ووفقًا لمشاهد وردت من منطقة الحدود، أنشأ جيش الاحتلال طريقًا معبّدًا من ساحل بحر مدينة رفح الفلسطينية، وصولًا إلى معبر كرم أبو سالم، كما أنه أقام عدة نقاط عسكرية ومواقع محصّنة على الحدود، وكذلك وضع خطوط إنارة واتصالات وتكنولوجيا مراقبة في المنطقة، من المفترض، بحسب اتفاقيات ومعاهدات دولية، ألا تكون موجودة فيها.
وضعية محور صلاح الدين
في المقابل لا يزال المسؤولون في مصر، يراهنون على إقناع الأميركيين بممارسة الضغط على رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، من دون اتخاذ أية خطوات عملية على الأرض، من أجل مواجهة هذا التغيير في الوضع القانوني للمحور.
وذكرت مصادر مصرية أن ملف محور صلاح الدين سيأتي على رأس مباحثات وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، المقرر وصوله إلى القاهرة اليوم الأربعاء.
وقال المساعد السابق لوزير الخارجية المصري، عبد الله الأشعل، إن “ما تريده إسرائيل، تعزيز الوضع الجديد على محور صلاح الدين وعينها على سيناء، ولكن بالطبع فإن معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية، تنص على أن إسرائيل لو فعلت ذلك، ستنتهي المعاهدة نفسها التي تم توقيعها في مارس/آذار 1979، بضمان الولايات المتحدة، إذ تنص المعاهدة على أن أميركا تضمن مصر في تحقيق معاهدة السلام، وتتصدى لها إذا انتهكت هذه الاتفاقية، ومصر وافقت على هذا الكلام”.
وأضاف: “لذلك العلاقات الثنائية بين مصر وإسرائيل جيدة، ومضمونة من ناحية أميركا الحريصة جدًا على تلك العلاقة”.
من جهته، اعتبر نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية، مختار الغباشي، أنّ “محور صلاح الدين منصوص عليه في اتفاقيات دولية عديدة، منها معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية 1979 وأوسلو 1993، و1995، واتفاقية المعابر 2005، والتي تم الإقرار فيها بأن هذا المحور، شريط أمني، وهناك نصوص قانونية تحدد وجود 750 جنديًا مصريًا فقط في هذا المحور”.
وأكد أن “ما فعلته إسرائيل يخالف الاتفاقيات، ويحتاج وقفة كبيرة من مصر لإيقاف ما يحدث على الحدود، وإعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه سابقًا، ولكن للأسف لم نلمس أي تغيير في الموقف المصري”.
مصر متفرجة
أما الباحث مهند صبري، فاعتبر، أن “مصر تقف موقف المتفرج الصامت منذ احتلال محور صلاح الدين، فلم نر أي رد رسمي ولا دبلوماسي على ذلك، وطبعًا لا رد واقعيًا على الأرض”، مضيفًا أن “إسرائيل تعيد رسم قطاع غزة بأكمله، بما يناسب خططها وحدها”.
وأستبعد أن يكون لمصر أي موقف حيال الأفعال الإسرائيلية، وهو الدافع الأكبر لإسرائيل لأن تفعل ما يحلو لها على طول خط الحدود الدولية”.
وأضاف صبري أن “نتنياهو يؤكد ما قاله وما يقوله وزراؤه من أن لا انسحاب من الشريط الحدودي مع مصر أو أي مكان آخر في غزة، حتى ولو تم تدمير كل قدرات حماس العسكرية، وحتى لو عاد الأسرى الإسرائيليون، وهذا كلام معلن من إسرائيل وليس رسائل مشفرة أو أمرا يصعب فهمه.
أما عن مصر، فما يمكن أن تفعله سؤال مختلف عن ما تريد أن تفعله، فالسنة الماضية كان المسؤولون المصريون يقولون إن إسرائيل هي من تغلق الحدود، ولكن الواقع يؤكد أنه خلال 13 شهرًا من الحرب، لم تفعل مصر شيئًا لغزة وشعبها، فهي تركز على مصالحها في ظل هذه الحرب، وترى أن الموافقة على أي شيء تقوم به إسرائيل، حتى لو كان خرقًا للاتفاقية، حماية لمصالحها”.
ونشرت وسائل إعلام إسرائيلية صورًا عن محور صلاح الدين تظهر طريقًا مرصوفًا بخطوط فاصلة وأرصفة جانبية يبدو أنها جديدة، كما تظهر الصور إشارات المرور ومنها إشارات التوقف والإبطاء.
يذكر أن محور صلاح الدين شريط حدودي لا يتجاوز عرضه مئات الأمتار، يمتد بطول 14.5 كيلومترًا من البحر المتوسط حتى معبر كرم أبو سالم على الأراضي الفلسطينية بين شبه جزيرة سيناء وقطاع غزة. ويعدّ منطقة عازلة بموجب معاهدة السلام الموقّعة بين مصر وإسرائيل عام 1979.
المصدر: العربي الجديد