أخبار رئيسيةالضفة وغزةتقارير ومقابلاتومضات

“الممرات الآمنة”.. مصيدة إسرائيلية لاستهداف النازحين شمال غزة

النازحون الفلسطينيون الذين غادروا مراكز الإيواء شمال قطاع غزة تحت سيف التهديدات، حدد لهم الجيش الإسرائيلي ممرات لتهجيرهم من ديارهم زاعما أن تلك المسارات “آمنة”، لكنها كانت محفوفة بالأهوال والموت والمخاطر.

الممرات التي تمتد من شمال إلى جنوب قطاع غزة الذي يتعرض لإبادة وتطهير عرقي ينفذها الجيش الإسرائيلي منذ 18 يوما، تحولت إلى مصيدة استهدف خلالها الفلسطينيين من بينهم نساء وأطفال.

النازحون الذين سلكوا هذه المسارات مشيا على الأقدام لم يخضعوا للتوجيهات الإسرائيلية بالتوجه إلى الجنوب، بل غيروا وجهتهم قاصدين مدينة غزة المحاذية لمحافظة شمال القطاع.

ورغم أنهم يتضورون جوعا وعطشا جراء قطع إمدادات الطعام والمياه عنهم منذ بدء الإبادة في 6 أكتوبر/تشرين الأول الجاري ومشقة الطريق الطويل، إلا أنهم تعرضوا لمخاطر الاستهداف الإسرائيلي ما أسفر عن مقتل وإصابة عدد منهم.

يقول هؤلاء، إن الواقع أثبت كذب الجيش الإسرائيلي فيما يتعلق بـ”المسارات الآمنة”، مبينين أنهم تعرضوا وهم يسيرون خلالها لاستهداف مباشر.

وكان المكتب الإعلامي الحكومي ووزارة الداخلية بغزة، حذرا أكثر من مرة، من أن الجيش ينفذ عمليات إعدام بحق المواطنين في طريق انتقالهم لمناطق الجنوب عبر الممرات آمنة المزعومة، كذلك يتم استهداف أماكن النزوح.

واعتاد الجيش الإسرائيلي على ارتكاب المجازر في المناطق التي زعم أنها “آمنة” جنوب ووسط القطاع، أسفرت عن مقتل عشرات الفلسطينيين وإصابة مئات، وما زال يقترف مثل هذه الفظائع.

وفي 6 أكتوبر الجاري بدأ الجيش الإسرائيلي عمليات قصف غير مسبوق لمخيم وبلدة جباليا ومناطق واسعة شمال القطاع، واجتاح هذه المناطق بذريعة “منع حركة حماس من استعادة قوتها”، بينما يقول الفلسطينيون إن إسرائيل ترغب في احتلال المنطقة وتهجيرهم.

إيهام إسرائيلي بالأمان
ياسر حمد وصل مدينة غزة نازحا من مخيم جباليا برفقة عائلته المكونة من 11 فردا، بعد رحلة طويلة يقول إنهم قطعوا خلالها “مسافة 10 كيلومترات سيراً على الأقدام”.

يضيف حمد الذي بدت عليه مشاعر الحزن والقهر: “على مدار 17 يوماً رفضت عائلتي وغيرها من آلاف الأسر شمال قطاع غزة أوامر النزوح الإسرائيلية، إلى أن فرض علينا الأمر وخرجنا مجبرين من مراكز الإيواء في جباليا”.

ويروي أن الجيش الإسرائيلي أرسل صباح الاثنين الماضي طائرة مسيرة ثبتوا عليها مكبرا للصوت، إلى مركز الإيواء الذي كانوا يقيمون به، وأخطرهم بضرورة “الخروج والاتجاه جنوبا عبر مسار محدد وآمن”.

ويوضح أن الجيش الإسرائيلي أوهم النازحين بالأمان وأوعز لهم بمغادرة المكان.

وبعد لحظات، استجاب النازحون وبدأوا بالتجهز والتجمع في ساحة المركز الرئيسية حتى باغتتهم قذيفة مدفعية سقطت فوق رؤوسهم ما تسبب بمقتل عدد منهم وإصابة آخرين، وفق حمد.

ويتابع بصوت حزين مقهور: “من بين الشهداء كان نجلي أحمد، الذي لم أتمكن من وداعه أو احتضانه للمرة الأخيرة أو حتى تكفينه ودفنه كما يجب”.

ويعلل عدم قدرته على وداع ابنه بسبب التهديدات الإسرائيلية عبر الطائرات المسيرة التي أمرتهم بعدم الالتفات أو الرجوع إنما السير فقط بالمسار المحدد.

ويوضح الرجل المكلوم أن حمل جثة أحمد واصطحابها معه كان سيكلفه حياته بعد تهديدات الجنود بعدم الالتفات أو الاقتراب منه.

ويستكمل قائلا: “خرجنا من المكان تاركين خلفنا جثثا ومصابين يطلبون النجدة دون أن نتمكن من إسعافهم”.

وعن مشاعره، يقول حمد: “في الطريق شعرت بقهر لا يطاق وكنت أبكي بحرقة شديدة على العجز وقلة الحيلة التي وصلنا إليها”.

وخلال رحلة نزوح شاقة ومرهقة حمل خلالها حمد لحظاته الأخيرة مع نجله أحمد وثقل هموم تركه “وحيدا دون كفن وقبر”.

إلى جانب ذلك، استهدف الجيش الإسرائيلي النازحين عدة مرات أثناء سيرهم بقذائف وإطلاق النيران، وفق حمد، مضيفا إن عددا منهم أصيبوا وأُجلوا بنجاح بحملهم على عربات ونقلهم إلى المستشفى.

“خداع ومكر إسرائيلي”
عائلة شتات وصلت مركز إيواء غرب مدينة غزة بعد أن مرت برحلة نزوح مرعبة أصيب خلالها 3 من أبنائها إثر قذيفة مدفعية استهدفت ممر النزوح الذي كان مليئا بالنازحين.

وتقول أسمهان شتات، والدة الأطفال الثلاثة المصابين، إن الجيش أمرهم بالخروج من مركز الإيواء عبر المسار الذي ادعوا أنه آمن.

وتوضح: “فاجأنا الاحتلال خلال التزامنا السير عبر المسار الآمن بالقصف، فأصيب 3 من أبنائي بجروح طفيفة إثر قذيفة مدفعية سقطت على بعد أمتار من مكان سيرنا”.

وتفيد بأن عددا من النازحين أيضا أصيبوا بجراح مختلفة بشظايا القذيفة، مبينة أن النازحين تمكنوا من نقل الإصابات بعربة يجرها حيوان لنقطة طبية داخل أخد مراكز الإيواء.

وتقول واصفة المسار الآمن: “هذا المسار خطة خداع ومكر ممنهجة وواضحة من الجيش الإسرائيلي هدفها قتل الفلسطينيين عبر استهدافهم بكل الطرق”.

شتات، تشير بصوت متعب ممتزج بالحسرة، إلى إنها نزحت رفقة عائلتها منذ بدء الحرب الإسرائيلية على القطاع نحو 7 مرات، متابعة: “لا نعلم متى يتوقف هذا الإجرام الإسرائيلي بحقنا”.

وطالبت في ختام حديثها العالم “بالتدخل لوقف المذبحة الإسرائيلية بحق شمال قطاع غزة ولوقف خطة التهجير التي يحاول الاحتلال تطبيقها دون النظر للقوانين الدولية”.

ومنذ 7 أكتوبر 2023، وبدعم أمريكي مطلق، ترتكب إسرائيل إبادة جماعية بغزة، خلفت أكثر من 142 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين.

وتواصل تل أبيب مجازرها متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بإنهائها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية وتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة.

المصدر: الأناضول

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى