غزّة في ظلال جائزة نوبل للسلام لهذا العام
الإعلامي أحمد حازم
ليس من المستغرب أن تحشر إسرائيل أنفها حتى في عملية منح جائزة نوبل للسلام. فخلال الحرب الإسرائيلية على غزة لم تنقطع وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين المعروفة باسم “أونروا UNRWA” عن تقديم المساعدة لأهل قطاع غزة، علمًا بأن هذه الوكالة الدولية هي المسؤولة عن كافة اللاجئين الفلسطينيين في المنطقة العربية بأكملها. ودعم هذه المنظمة لأهل غزة لم يرق لإسرائيل التي حاولت بشتى الطرق إقناع المانحين للمنظمة، بقطع تمويلهم لها بحجة انها تدعم حماس.
مدير معهد أوسلو لأبحاث السلام هنريك أردال، الذى يتشاور مع لجنة نوبل للسلام ويصدر قائمة من أبرز خمسة مرشحين كل عام لنيل الجائزة، قال إن الأونروا التي فقدت 220 موظفا خلال الحرب هي من بين الفائزين المرجحين بالجائزة، لأن المنظمة تقوم بعمل هام للغاية من أجل المدنيين الفلسطينيين، الذين يعانون معاناة كبيرة جراء الحرب على غزة، وأن منح الجائزة للأونروا لا يعني بأي حال من الأحوال أنه دعم سياسي لحماس.
لقد تم الإعلان عن الفائز بجائزة نوبل للسلام لهذا العام في الحادي عشر من الشهر الجاري، ولم تكن “أونروا” هي الفائزة كما كان متوقعا. فكيف يمكن لمنظمة دولية تدعم الفلسطينيين وتساعدهم وبالأحرى مسؤولة عنهم، الحصول على جائزة نوبل للسلام؟ وما دمنا في الحديث عن سلوكيات إسرائيل السلبية تجاه الاونروا، فلا بد من الإشارة الى أن صحيفة “يسرائيل هيوم” ذكرت أن سلطة أراضي إسرائيل أعلنت في العاشر من هذا الشهر، عن مصادرة الأرض المقام عليها مقر “أونروا” في حي الشيخ جراح في مدينة القدس، وتحويل الموقع إلى بؤرة استيطانية تضم 1,440 وحدة سكنية.
على كل حال الجائزة حصلت عليها منظمة يابانية اسمها “نيهون هيدانكيو” للناجين من قصف هيروشيما وناغازاكي من القنبلة الذرية الأمريكية في الحرب العالمية الثانية، تقديرًا لجهودها المناهضة للأسلحة النووية. اللافت للنظر أنّ الرئيس المشارك للمنظمة الحاصلة على الجائزة، توشيوكي ميماكي لم يعتقد أبدا أن منظمته ستحصل على جائزة نوبل للسلام لدرجة أن عينيه أدمعتا عندما علم بذلك. حسب قوله.
ميماكي له موقف تضامني مع غزة، وحسب وكالة “فرانس برس” الفرنسية، فقد شبّه ميماكي الوضع في قطاع غزة بالوضع في اليابان في نهاية الحرب العالمية الثانية بقوله: “في غزة أهل يحملون أطفالهم المضرجين بالدماء، الأمر يشبه اليابان قبل 80 عاما والأطفال في هيروشيما وناغازاكي فقدوا آباءهم في الحرب وأمهاتهم في القنبلة الذرية. أصبحوا أيتاما”.
الجدير بالذكر أنَّ “نيهون هيدانكيو” هي منظمة يابانية تأسست عام 1956 للدفاع عن حقوق الناجين من القصف النووي لهيروشيما وناغازاكي، حيث واجه الناجون تحديات صحية واجتماعية طويلة الأمد بسبب التعرض للإشعاع، وتلعب المنظمة دورا محوريا في زيادة الوعي بالتأثير الإنساني للأسلحة النووية، والدفع نحو نزع السلاح النووي. وهنا لا بد من الإشارة إلى أن الطيارين الأمريكيين أسقطوا قنابل ذرية على مدينتي هيروشيما وناغازاكي اليابانيتين في أغسطس 1945 مع انتهاء الحرب العالمية الثانية، ما أسفر عن مقتل 140 ألف شخص من أصل عدد سكان هيروشيما البالغ 350 ألف نسمة، و74 ألف في ناغازاكي، حيث كانت الغالبية العظمى من ضحايا القنبلة الذرية من المدنيين. وما دام الشيء بالشيء يذكر فإن حصيلة ضحايا الحرب الإسرائيلية على القطاع نتيجة القصف بالقنابل والصواريخ وصلت إلى أكثر من 42 ألف قتيل وحوالي 100 ألف مصاب، حسب تقارير وزارة الصحة الفلسطينية.
وما دمنا في الحديث عن هيروشيما وناغازاكي وغزة والويلات التي لحقت بهم بسبب القنابل، فمن الواجب الإشارة الى ما قاله المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان: “إن جريمتي هيروشيما وناغازاكي وغزة تتشابهان في المعاناة من السلاح الأمريكي، والإبادة الشاملة، والصمت الدولي”. يشار إلى أن المعلومات المتوفرة تقول إنَّ إسرائيل أسقطت “أكثر من 82 ألف طن من المتفجرات على قطاع غزة، بما يعادل أكثر من 5 أضعاف القنبلة الذرية التي ألقيت على هيروشيما وناغازاكي”.