تل أبيب تواصل البحث عن حلول لمعضلة المسيّرات التي تقتل جنودها
يحاول الجيش الإسرائيلي منذ بداية الحرب الحالية تحسين اعتراضه المسيّرات التي يطلقها حزب الله اللبناني، أو تلك التي تصل من اليمن والعراق وإيران وسورية، وتتسبب أحياناً بقتل وجرح جنود، لكنها لا تزال تشكّل معضلة حقيقية بالنسبة له. يأتي ذلك فيما تواصل الصناعات الأمنية الإسرائيلية محاولاتها توفير حلول ناجعة لاكتشاف المسيّرات واعتراضها قبل بلوغها أهدافها.
وعاد النقاش الاسرائيلي حول معضلة المسيّرات إلى الواجهة بقوة منذ مساء أمس الأحد، بعد مقتل أربعة جنود وإصابة 67، جراح سبعة منهم خطرة، بسقوط مسيّرة أطلقها حزب الله على قاعدة عسكرية لتدريب لواء غولاني، أحد ألوية النخبة، في منطقة بنيامينا جنوبي حيفا.
وليست هذه الحادثة الأولى من نوعها التي تتمكن فيها مسيّرات حزب الله من قتل وجرح جنود منذ بداية الحرب المستمرة منذ نحو عام، فيما تتواصل تحقيقات جيش الاحتلال التي أشارت نتائجها الأولية إلى أن طائرات حربية ومروحية طاردت المسيّرة قبل اختفائها عن الرادار. ويحقق الجيش الإسرائيلي لماذا لم تظهر المسيّرة ثانية بعد اختفائها، ولماذا لم تنطلق صافرات الإنذار في منطقة المعسكر.
وعلّق المتحدّث باسم جيش الاحتلال دانيال هاغاري، في بيان، قائلاً: “سندرس ونحقق في حادثة اختراق المسيّرة للقاعدة العسكرية وضربها دون انطلاق إنذار. نواجه تهديد المُسيرات منذ بداية الحرب، ونحن مطالبون بتوفير حماية أفضل، وسوف نقوم بالتحقيق في هذا الحادث، والتعلّم والتحسّن”.
من جانبه، أشار المحلل العسكري في إذاعة جيش الاحتلال أمير بار شالوم، اليوم الاثنين، إلى تقديرات إسرائيلية بامتلاك حزب الله مئات المسيّرات الأخرى، معتبراً أنّ الهجوم يدل على تزوّده بمعلومات استخبارية دقيقة. وفي السياق، نقلت صحيفة يديعوت أحرونوت، عن العميد في الاحتياط دورون غبيش، قائد منظومة الدفاعات الجوية الأسبق، قوله في أعقاب هجوم المسيّرة على القاعدة العسكرية أمس “عندما نتحدث عن تهديد المسيّرات، يجب النظر إليه في سياق المسافة والحرب الحالية”.
وأضاف غبيش: “بشكل عام، هناك رد على المسيّرات بعيدة المدى، يتكون من عدة أجزاء: معلومات استخبارية مبكرة، وطائرات القوات الجوية، ونظام الدفاع الجوي. وقد تم اعتراض حتى مسيّرات أطلقت من العراق وسورية، وحوالي 300 مسيّرة من اليمن، فيما سقطت واحدة في تل أبيب وأخرى في إيلات، وتم اعتراض جميع المسيّرات التي أطلقت من إيران وعددها 170 مسيّرة”. مع ذلك، “إلى جانب هذه المعطيات، ينبغي القول، للأسف، إن هذا النظام ليس مثالياً، والحماية ليست محكمة. في بعض الأحيان قد يقع خطأ بشري، أو تكنولوجي أو خلل وظيفي. والحل هو التحذير”، بحسب قوله.
وفي ذات الصحيفة، اعتبر محلل الشؤون العسكرية رون بن يشاي، أن مشكلة المسيّرات ستجد حلاً عندما تتمكن إسرائيل من القيام بعمليات اعتراض بواسطة تقنية الليزر من الأرض وعبر الطائرات، “بحيث تكون عمليات الاعتراض أسهل وناجعة أكثر من عمليات الاعتراض بواسطة صواريخ القبة الحديدية أو الصواريخ الاعتراضية التي تطلقها الطائرات”، مضيفاً أن الاعتراض بواسطة الليزر لن يكون متاحاً قبل منتصف عام 2025 على الرغم من إجراء عدة تجارب.
مع هذا، تبقى المشكلة الأساسية، في رأيه، اكتشاف وتعقّب المسيّرات التي تحلق على ارتفاع منخفض جداً وتختفي بين تضاريس المنطقة. وخلص إلى أنه لا حلّ جيداً لهذه المشكلة حتى الآن، وهذا هو سبب عدم انطلاق إنذار، حتى تحطّم المسيّرة على الهدف الذي قصدته في بنيامينا.
أرقام عن المسيّرات السابقة
ومنذ بداية الحرب، انفجرت عدّة مسيّرات أطلقت نحو أهداف إسرائيلية، منها ما تسبب بمقتل جنود. فقبل يومين من مسيّرة الأحد وتحديداً يوم الجمعة، أصابت مسيّرة أطلقت من الأراضي اللبنانية مبنى في مدينة هرتسليا. وقبل ذلك بأربعة أيام تم اعتراض مسيّرتين وصلتا من جهة الشرق، فوق مدينة ريشون لتسيون. وقبل نحو أسبوعين قُتل جنديان وأصيب 24 آخرون، بانفجار مسيّرة أطلقت من العراق على شمال الجولان السوري المحتل. وفي ذات الأسبوع أطلقت جماعة أنصار الله (الحوثيين) في اليمن ثلاث مسيّرات باتجاه منطقة تل أبيب الكبرى، أعلن جيش الاحتلال اعتراض اثنتين منها وسقوط واحدة في منطقة مفتوحة.
وفي السادس من يونيو/ حزيران الماضي، قُتل جندي إسرائيلي وأصيب 12 على الأقل عقب إطلاق حزب الله مسيّرتين بفارق دقائق نحو تجمّع للجنود في ملعب كرة القدم في بلدة حرفيش. وفي حينه أيضاً فشلت الرادارات في رصدهما ولم تعمل صافرات الإنذار.
وتشير التقديرات الإسرائيلية إلى أن حزب الله وحده أطلق أكثر من ألفي مسيّرة نحو أهداف إسرائيلية منذ بداية الحرب، في الثامن من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، بالإضافة إلى مئات أطلقت من إيران واليمن والعراق والأراضي السورية مجتمعة. ومع تقدّم الحرب ازداد تهديد المسيّرات ويعتبر الآن أحد أكبر التهديدات على الجبهة الشمالية بالنسبة لإسرائيل.