“كواد كابتر”.. جندي آلي تستخدمه إسرائيل في غزة
كثف الجيش الإسرائيلي خلال حرب إبادته الجماعية المتواصلة على قطاع غزة، استخدام الطائرات المسيرة “كواد كابتر”، التي حولها من أداة للتصوير والمراقبة لسلاح فتاك ومباغت يشارك في إعدام الفلسطينيين ميدانيا باستهدافهم المباشر بالرصاص الحي والقنابل المتفجرة.
ووظف الجيش هذه المسيرات التي باتت تحلق في أجواء قطاع غزة بشكل واضح، كجنود آلية تنفذ الأوامر عن بعد، ويتم استخدامها في ملاحقة الفلسطينيين وإصدار أوامر لهم وإطلاق النار عليهم بأسلوب القنص والإعدام الميداني.
وفي مخيم جباليا شمال قطاع غزة الذي يتعرض لإبادة وتطهير عرقي منذ 6 أكتوبر الجاري، شاركت هذه المسيرات في العمليات العسكرية وإحكام الحصار المطبق على مداخله بإطلاق النار الحي على كل من يحاول الخروج والدخول للمنطقة.
ورغم أن الجيش الإسرائيلي يزعم استهداف حركة “حماس” خلال هجومه الأخير في المخيم، إلا أن طائرات “كواد كابتر” التي يتحكم بها عن بعد، أطلقت نيرانها صوب نساء وأطفال حاولوا النجاة بأنفسهم من جحيم غاراته الجوية والبرية.
وفي صباح 6 أكتوبر الجاري، أعلن الجيش الإسرائيلي بدء عملية عسكرية برية في جباليا بذريعة “منع حركة حماس من استعادة قوتها في المنطقة”، وذلك بعد ساعات من بدء هجمة شرسة (مساء 5 أكتوبر) على المناطق الشرقية والغربية شمالي القطاع منها جباليا هي الأعنف منذ مايو/ أيار الماضي.
كما استخدمت إسرائيل هذه الطائرات في مناطق أخرى من القطاع، كشرق خان يونس ومخيمات اللاجئين في المحافظة الوسطى، ما أسفر عن مقتل وجرح العشرات.
ويثير تحليق هذه الطائرات في أجواء القطاع فزع وخوف الفلسطينيين إذ أن لها قدرة على مباغتة الهدف الذي توجه نيرانها صوبها، فضلا عن سهولة تسللها للأماكن المغلقة كالمنازل والخيام.
ما هي “كواد كابتر”؟
“كواد كابتر” هي طائرات مُسيرة صغيرة الحجم يتم تسييرها إلكترونياً عن بُعد، ويستخدمها الجيش الإسرائيلي في تنفيذ عمليات استخبارية وعسكرية متعددة.
وعن الجانب الاستخباري، لهذه المسيرات خصائص تكتيكة مختلفة هي تقوم بعمليات متعددة كالرصد والمتابعة وتعقب الأهداف الثابتة والمتحركة، إذ أنها تزود بكاميرات عالية الجودة.
أما فيما يتعلق بالجانب العسكري، تم تزويد هذه الطائرة ببرمجيات وآليات تمكنها من إطلاق النار والقنبال صوب الأهداف ما جعلها سلاحا فتاكا يستخدمه الجيش في إبادة الفلسطينيين.
توسيع استخدام “كواد كابتر”
في يونيو/ حزيران الماضي، قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إن “الجيش الإسرائيلي يوسع استخدام طائرات كواد كابتر في قتل الفلسطينيين”.
وأوضح في تقرير له آنذاك أـنه وثق “حالات قتل متزايدة يرتكبها الجيش الإسرائيلي عبر إطلاق نار مباشر وإلقاء قنابل متفجرة من طائرات مسيّرة صغيرة الحجم (كواد كابتر)، في إطار جريمة الإبادة الجماعية المستمرة”.
إلى جانب ذلك، رصد التقرير استخدام هذه الطائرة المسيرة الكترونيا عن بعد لأغراض متعددة كـ”المراقبة والتجسس، وتوجيه أوامر التهجير، وترهيب المدنيين عبر إصدار أصوات مزعجة، والأخطر استخدامها كأداة قتل وإيقاع أذى في صفوف الفلسطينيين”.
وأوضح المرصد أن “الجيش نفذ من خلال هذه الطائرات عمليات قتل عمد وإعدام خارج إطار القانون والقضاء بحق الفلسطينيين المدنيين، من خلال قنص وإطلاق نار من طائرات مسيرة يستخدمها في الدخول للأزقة وداخل المنازل”.
ووثق المرصد في تقريره إعدام الجيش الإسرائيلي للسيدة “سلاح عودة” (52 عامًا) بعد استهدافها بإطلاق نار مباشر من طائرات كواد كابتر بتاريخ 21 مايو/ أيار الماضي، رغم أنها كانت ترفع الراية البيضاء وهي تحاول النزوح من مخيم جباليا، حيث جرى إعدامها أمام أفراد عائلتها.
كما رصد مقتل المسن “فتحي ياسين” (70 عامًا) في 10 مايو/ أيار الماضي، جراء إطلاق نار من طائرات كواد كابتر في حي الزيتون جنوبي مدينة غزة.
قتل النازحين
خلال الهجوم الأخير على جباليا، قال فلسطينيون إن “كواد كابتر” شاركت في محاصرة أطراف المخيم بالنيران مانعة خروج ونزوح الفلسطينيين.
وأضافوا إن “عملية إطلاق النيران من كواد كابتر، التي يتحكم بها عناصر بالجيش، استهدفت أطفال ونساء وكبار في السن”، كما أفادت طواقم الإسعاف والدفاع المدني.
ووثقت مقاطع فيديو تداولها ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي على مدار أشهر الحرب إصابة أطفال ومقتل بعضهم برصاص أطلقته مسيرات “كواد كابتر”.
كما يستخدم الجيش الإسرائيلي هذا السلاح ضد طواقم الإسعاف والدفاع المدني لمنعهم من انتشال جثامين القتلى وإنقاذ المصابين، كما قالوا في بيانات سابقة.
إلى جانب ذلك، افاد مصدر أمني فلسطيني (رفض ذكر اسمه) أنه تم رصد عدة حالات، استهدفت فيها مسيرات “كواد كابتر” النازحين الذين كانوا يغادرون شمال القطاع ومتجهين إلى مدينة غزة وليس إلى الطريق التي حددها الجيش وهي الجنوب عبر ما ادعى أنه “ممر آمن”.
عنصر رعب للفلسطينيين
تحليق طائرات “كواد كابتر” في أجواء قطاع غزة وعلى ارتفاعات منخفضة يثير ذعر وخوف المواطنين الذين قد يتحولوا في غضون لحظة لهدف للجيش الإسرائيلي.
ويقول الصحفي محمد أبو دون من شمال غزة، إن “الكواد كابتر باتت تمثل عنصر رعب للفلسطينيين خاصة في الشمال”.
وتابع: “بمجرد رؤية هذا النوع من المسيرات يحلق قريبا في الجو، يتهرب كافة المتواجدين في المكان ويفضلون الاختباء”.
وتشهد المناطق التي تحلق في أجوائها “الكواد كابتر” حالة من الشلل حيث تتوقف الحركة في الشوارع أو الاقتراب من نوافذ المنازل خشية الاستهداف، وفق قوله.
وأوضح أن شابا في منطقة الجلاء شمال مدينة غزة قتل، قبل يومين، خلال وقوفه قرب نافذة منزل برصاصة أطلقته طائرة كواد كابتر صوبه.
وذكر أن هذه الطائرات المسيرة عن بعد تستهدف أيضا “النساء والأطفال والكبار في السن”، حيث تم تسجيل حالات استهداف وفق ما تداوله جهاز الدفاع المدني والإسعاف في بياناته.
بدوره، قال الشاب النازح مراد سليم من مدينة غزة إلى منطقة المواصي غرب مدينة خان يونس (جنوب)، إن مسيرات “كواد كابتر” تحلق على ارتفاعات منخفضة فوق خيام النازحين في المنطقة.
وتابع: “بمجرد وصول هذه الطائرات نصاب بحالة من الذعر لا سيما في ظل عدم وجود أماكن ممكن أن تقي من الرصاص الذي من المحتمل أن تطلقه”.
وسبق وأن استخدم الجيش الإسرائيلي طائرات “كواد كابتر” في إطلاق النيران صوب النازحين داخل خيامهم، خلال عمليات عسكرية نفذوها في مناطق النزوح، ما أسفر عن مقتل وإصابة فلسطينيين.
وبدعم أمريكي، خلفت الإبادة الجماعية الإسرائيلية المتواصلة في غزة منذ عام، أكثر من 140 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين.
وتواصل تل أبيب مجازرها متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بإنهائها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية وتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة.
المصدر: الأناضول