بين القلق والخوف.. دعم الأطفال نفسيًا في زمن الحرب
"موطني 48" في لقاء مع المعالجة العاطفية نور ياسين
منال حجازي
في ظل الأزمات والحروب، يعاني الأطفال من آثار نفسية وعاطفية تحتاج إلى رعاية خاصة، وقد التقى موقع “موطني 48” بالمعالجة العاطفية نور ياسين من مدينة طمرة، لمناقشة هذا الموضوع الهام، والوقوف على أفضل الطرق للتعامل مع الأطفال خلال هذه الفترة.
موطني 48: كيف تؤثر الحرب على الحالة النفسية والعاطفية للأطفال؟
نور ياسين: من الطبيعي أن تؤثر الحرب على الجميع، بما في ذلك الأطفال. وخلال هذه الفترة، قد يشعر الطفل بالحزن، القلق، أو التوتر، وهذه مشاعر طبيعية تمامًا. إنكار هذه المشاعر أو تجاهلها قد يؤدي إلى صدمات نفسية. لذلك، من المهم أن يُسمح للأطفال بالتعبير عن مشاعرهم وأن تُمنح لهم المساحة المناسبة لذلك. كذلك يجب على الأهل أن يتجنبوا عبارات مثل “لا تخف” أو “الخوف ممنوع”. هذه العبارات يمكن أن تزيد من مشاعر القلق لدى الطفل. بدلًا من ذلك، من الضروري أن نحتوي مشاعرهم ونفسر لهم الأمور بطريقة تتناسب مع فهمهم للوضع، ونفتح معهم حوارًا لمعرفة ما يشعرون به بصدق، وقبول مشاعرهم والتعامل معها هو المفتاح.
موطني 48: ما هي العلامات والتغييرات التي قد تشير إلى أن الطفل يعاني من صدمة بسبب الحرب؟
نور ياسين: من أبرز العلامات التي قد تشير إلى أن الطفل يعاني من صدمة نفسية هي زيادة التعلق بالأهل أو صعوبة الانفصال عنهم، بالإضافة إلى تجنب العودة إلى المدرسة. هذه العلامات تدل على أن الطفل يعاني من تأثيرات سلبية شديدة ويمر بحالة من الخوف والصدمة. من بين الأعراض الأخرى أيضًا، الانطواء، ورفض الطفل اللعب مع الأطفال الآخرين، أو اختياره ألعاب متعلقة بالحرب، مثلًا أن يحاول الطفل من خلال لعبه صناعة صاروخ أو أن يتخيل أنه يقتل أشخاصا وغيرها من الأمور المتعلقة بالحرب، وهذا يستدعي تدخل فوري من الأهل.
موطني 48: ما هو دور الأهل والمجتمع في التعامل مع الطفل وتقديم الدعم النفسي والعاطفي خلال الحرب؟
نور ياسين: يعتبر دور الأهل حاسمًا جدًا في هذه الأوقات. يجب عليهم أن يقدموا الدعم العاطفي والنفسي لأطفالهم، وأن يوفروا لهم بيئة آمنة. فعلى سبيل المثال، إذا شعر الأهل بالخوف أو الهلع، سيشعر الأطفال بذلك أيضًا وسيزداد قلقهم. لذلك من الضروري أن يكون الأهل هادئين ويمنحوا أطفالهم الأمان.
ومن الجيد أن يخوض الأهل حوارًا مع الطفل ليكتشفوا سويًا ما هي الأمور التي من شأنها تهدئة الطفل في حالة الخوف والقلق. وعلى الأهل توجيه الأطفال وتوعيتهم إلى أنه في الظرف الراهن الذي نمرّ به، المنزل هو مكاننا الآمن، وتجنب الخروج من المنزل إلا للضرورة.
كما ينبغي توخي الحذر بشأن ما يشاهده الأطفال أو يتابعونه في وسائل الإعلام. تجنب عرض الأخبار أمامهم أو السماح لهم بمتابعة مصادر غير موثوقة، هو أمر بالغ الأهمية لحماية صحتهم النفسية.
موطني 48 : كيف نشرح للأطفال ما يحدث في الحرب بطريقة صحية ومناسبة؟
نور ياسين: من الضروري شرح الحرب للأطفال بطريقة تتناسب مع أعمارهم ومستويات فهمهم. يجب توضيح ما يحدث ببساطة، مثل شرح سبب النزاعات بشكل عام دون الدخول في تفاصيل مرعبة أو معقدة. يمكن توجيه الحديث ليكون حول أهمية اتخاذ الحيطة والحذر، مثل دور صفارات الإنذار التي تهدف إلى تنبيهنا لأخذ الاحتياطات اللازمة لضمان الأمان والتوجه إلى مكان آمن.
موطني 48: أهمية الحوار مع الطفل خلال هذه الفترة؟ وكيف نحفزه للتعبير عن مشاعره؟
نور ياسين: الحوار المفتوح والمستمر مع الطفل هو الأساس لفهم مشاعره. من المهم أن يسأل الأهل أطفالهم عن مشاعرهم ويستمعوا لهم بصدق. لا بد من تشجيع الطفل على التعبير عن مخاوفه وأفكاره بدون الخوف من الأحكام أو التوبيخ. خلق بيئة آمنة يسودها الحوار يمكن أن يساعد الأطفال على تجاوز هذه الأوقات الصعبة.
موطني 48: رسالة أو نصيحة للأهل أو المجتمع حول أهمية التعامل بشكل سليم وتقديم الدعم النفسي للأطفال خلال الحرب؟
نور ياسين: يجب أن يفهم الأهل والمجتمع أهمية الدور الذي يلعبونه في الحفاظ على الحالة النفسية لأطفالهم. كل تصرف يقوم به الأهل خلال هذه الأوقات يؤثر على الأطفال بشكل مباشر. لذلك من الضروري أن يكونوا نموذجًا للهدوء والاستقرار. يجب أن يكون الملجأ أو المكان الآمن مليئًا بالألعاب والأشياء المريحة التي تساعد الأطفال على الشعور بالطمأنينة.