قادة العالم يجتمعون في الأمم المتحدة وسط تحذيرات من حرب شاملة في المنطقة
تبدأ اجتماعات الأمم المتحدة السنوية اليوم الثلاثاء في نيويورك، وسط مخاوف من اندلاع حرب شاملة في المنطقة، وهو موضوع يهيمن على هذه الدورة للجمعية العامة التي يشارك فيها الرئيس الأميركي جو بايدن للمرة الأخيرة. وبعد يومين من “قمة المستقبل” التي خصّصت للتحديات الكبرى التي تواجهها البشرية، سيعتلي أكثر من 100 رئيس دولة وحكومة منبر القاعة العامة للأمم المتحدة تواليًا خلال أسبوع تخيّم عليه النزاعات الدائرة خصوصا في لبنان وقطاع غزة.
وقال ريتشارد غوان من مجموعة الأزمات الدولية “هذا العام، سيكون التركيز على قضايا الحرب والسلام” لا سيما في غزة وأوكرانيا والسودان. وبعد مرور عام تقريبًا على بدء الحرب الإسرائيلية على غزة تسود مخاوف من انتشار رقعة الحرب إلى المنطقة برمّتها. وخلّفت مئات الغارات الإسرائيلية على مناطق عدة في لبنان أمس 492 شهيدًا، بينهم 35 طفلًا، وفق السلطات اللبنانية، في أعنف قصف جوي يستهدف هذا البلد منذ بدء تبادل إطلاق النار على جانبَي الحدود بين حزب الله وقوات الاحتلال الإسرائيلي قبل نحو عام على خلفية الحرب على غزة.
وسيعتلي جو بايدن الذي أعاد تأكيد العمل “على احتواء التصعيد” الأخير، المنصة الثلاثاء لإلقاء خطابه الأخير أمام الجمعية العامة. وقال مسؤول أميركي كبير إن الولايات المتحدة تعارض غزوًا بريًا للبنان وستقدم “أفكارًا ملموسة” لشركائها هذا الأسبوع في الأمم المتحدة لتخفيف حدة هذا الصراع. من جهته، اتّهم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان الذي سيلقي أول خطاب له في الأمم المتحدة، إسرائيل الاثنين بالسعي إلى “توسيع” الصراع في الشرق الأوسط.
وحذّر مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل الاثنين من أن النزاع المتصاعد بين إسرائيل وحزب الله يهدد بإغراق الشرق الأوسط برمّته في “حرب شاملة”، فيما طلبت فرنسا عقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي هذا الأسبوع للبحث في الوضع في لبنان. والثلاثاء، سيجتمع مجلس الأمم المتحدة لمناقشة الحرب في أوكرانيا بحضور الرئيس فولوديمير زيلينسكي.
وبموازاة العدوان الإسرائيلي على لبنان، أكد النائب الأول لمندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة دميتري بوليانسكي أن أزمات الشرق الأوسط، وعلى رأسها الحرب على غزة ستتصدر المناظرات العامة بالجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك رغم ما اعتبره محاولات بعض الدول تحويل الأنظار إلى أوكرانيا. وقال بوليانسكي في حوار مع وكالة “نوفوستي” الحكومية الروسية نشر اليوم الثلاثاء: “أثق تمامًا في أن قضايا الشرق الأوسط وغزة ستكون محور اهتمام أغلب الكلمات خلال المداولات العامة بصرف النظر عن محاولات تحويل الأنظار إلى أوكرانيا”.
في سياق آخر، اعتبر بوليانسكي أن تفجير أجهزة الاتصال “بيجر” في لبنان يثير تساؤلات كثيرة، بما في ذلك في سياق الأمن المعلوماتي، داعيًا إلى تحليل تداعيات مثل هذه الهجمات وإصدار توصيات. وقال بوليانسكي: “يفرض ذلك أسئلة كثيرة يجب تحليلها ليس في سياق التسوية الشرق أوسطية وحدها، وإنما في سياق الأمن المعلوماتي”. وأضاف أن تداعيات مثل هذه الهجمات “يجب تحليلها بدقة عالية وإصدار بعض التوصيات”.
وكان مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة، فاسيلي نيبينزيا، قد رأى في وقت سابق، أن حادثة أجهزة “بيجر” تُرقي بالتصعيد في الشرق الأوسط إلى “بُعد تكنولوجي جديد”، معتبرا أن أعمال الولايات المتحدة وأتباعها هي التي دفعت بالعالم إلى مواجهة تهديد الهجمات بواسطة أجهزة إلكترونية منزلية. وانطلقت الدورة الـ79 للجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك في 10 سبتمبر/أيلول الجاري، على أن تجرى المداولات العامة خلال الفترة من 24 إلى 28 سبتمبر، وكذلك في 30 سبتمبر. ومن المنتظر أن يلقي وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، الذي يترأس وفد بلاده، كلمته في 28 سبتمبر.
ومن أبرز القادة الذين سيشاركون في اجتماعات الأمم المتحدة الرؤساء البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا والتركي رجب طيب أردوغان الثلاثاء ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس الخميس، بالإضافة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الخميس أو الجمعة. لكن “الدبلوماسية الحقيقية لخفض التوترات ستجري في الكواليس” بحسب ريتشارد غوان، مثيرًا احتمال إجراء الدبلوماسيين الغربيين والعرب مناقشات مع الإيرانيين “لمنع الوضع الإقليمي من الخروج عن نطاق السيطرة”.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس إن “السلام يتعرض للهجوم من كل الجهات”، داعيًا إلى “وضع حد للمآسي التي تواجهها البشرية”. وقال لوي شاربونو من منظمة “هيومن رايتس ووتش” غير الحكومية “يجب على قادة العالم أن يلتزموا خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة اتخاذ إجراءات جريئة لإنهاء الفظائع التي ترتكب في أسوأ الأزمات في العالم ومحاسبة المسؤولين عنها”.