تاريخنا الصادق بالبراهين وتاريخهم الكاذب بالأدلة
الإعلامي أحمد حازم
يقول التاريخ إنَّ القرار رقم 181 الذي أصدرته الأمم المتحدة في التاسع والعشرين من شهر تشرين الثاني/ نوفمبر عام 1947 تضمن انهاء الانتداب البريطاني وتقسيم فلسطين الى ثلاثة كيانات:
الكيان الأول، دولة عربية تقوم على مساحة حوالي (11,000 كـم2) ما يمثل 42.3% من فلسطين، وتشمل الجليل الغربي، مدينة عكا، الضفة الغربية، والساحل الجنوبي الممتدّ من شمال مدينة أسدود وجنوبًا حتى رفح، مع جزء من الصحراء على طول الشريط الحدودي مع مصر. والكيان الثاني، هو دولة يهودية تقوم على مساحة حوالي 57.7% من فلسطين وتقع على السهل الساحلي من حيفا وحتى جنوب تل أبيب، والجليل الشرقي بما في ذلك بحيرة طبريا وإصبع الجليل، وأم الرشراش المعروفة بإيلات حاليًا. أما الكيان المتبقي: القدس، بيت لحم والأراضي المجاورة، فيبقى تحت وصاية دولية. وهذا يعني دوليا أن إسرائيل لا حق لها مطلقا ولو بشبر واحد من أرضي الضفة الغربية وغزة علاوة على أن تاريخ فلسطين يؤكد ذلك.
هم يدّعون بأنّ الضفة الغربية الفلسطينية التاريخية، هي يهودا والسامرة وهو مصطلح عبري حسب زعمهم، حيث يدّعون أنَّ يهودا هي المنطقة الممتدة جنوب القدس، بما في ذلك منطقة غوش عتصيون في محافظة بيت لحم ومحافظة الخليل، بينما منطقة السامرة، هي المنطقة الواقعة شمال القدس وخصوصًا محافظة نابلس ورام الله.
حسب التقرير الذي رفعته لجنة ليفي في شهر يونيو/ حزيران 2012، إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، عن البؤر الاستيطانية في الأراضي المحتلة عام 1967، فإن الاستيطان هو شرعي، كما زعمت اللجنة التي وضعت خلاصات واستنتاجات، أسمتها “الاستنتاج الأساس” الذي جاء فيه: “من منظور القانون الدولي، فإنّ أحكام وقوانين الاحتلال، كما تتجسّد في المواثيق والمعاهدات الدولية ذات العلاقة، لا تسري على الظروف والشروط التاريخية والقضائية الفريدة من نوعها الخاصة بالتواجد الإسرائيلي” في يهودا والسامرة، كما أنّ نصوص معاهدة جنيف الرابعة لا تسري، هي الأخرى، على الاستيطان الإسرائيلي في يهودا والسامرة”. وعلى ضوء ذلك، وطبقًا للقانون الدولي -حسب زعمهم- يوجد للإسرائيليين حق قانوني في الاستيطان في “يهودا والسامرة”، لا تشوبه أية شائبة قانونية، وهذا طبعا كلام فارغ يخالف القوانين الدولية.
الحقيقة هي غير ذلك تماما، لأنّ القانون الدولي يظهر بوضوح تام أن غالبية الدول الأعضاء في الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي تقول إن المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية تنتهك القانون الدولي، وتظهر عدم شرعية بناء المستوطنات، وأن ما ورد في تقرير اللجنة هو محض كذب لا علاقة له بالمنظمة الدولية.
اسمعوا ما يقوله القانون الدولي: “إن قرارات الأمم المتحدة في عامي 1979 و2016 تقضي بعدم قانونية المستوطنات، كما أن محكمة العدل الدولية أعلنت في يوليو/تموز الماضي، أن احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية يخالف القانون الدولي، وذلك في رأي استشاري هام. وقالت محكمة العدل الدولية إنه يجب على إسرائيل أن توقف النشاط الاستيطاني في الضفة الغربية والقدس الشرقية المحتلتين، وأن تنهي احتلالها غير القانوني لتلك المناطق وقطاع غزة في أقرب وقت ممكن. وكيف كانت ردة فعل نتنياهو على راي المحكمة الدولية؟ قال نتنياهو بكل وقاحة:
“إن المحكمة اتخذت قرارًا مليئًا بالأكاذيب”.
حتى أن اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، تقول المادة 49 فيها: “لا يجوز للسلطة القائمة بالاحتلال ترحيل أو نقل أجزاء من سكانها المدنيين إلى الأراضي التي تحتلها”. ورغم كل هذه البراهين الدولية على عدم شرعية الاستيطان تدّعي إسرائيل بأن مستوطناتها قانونية.
مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، صرّح في الثامن من شهر آذار/مارس الماضي بأن “إنشاء المستوطنات وتوسيعها المستمر يرقيان إلى نقل إسرائيل لسكانها المدنيين إلى الأراضي التي تحتلها، وهو ما يرقى بدوره إلى جريمة حرب حسب القانون الدولي”.
وشدّد تقرير لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية على ضرورة أن تتوقف أفعال إسرائيل فورا ضد السكان الفلسطينيين وإن السبيل الوحيد للمضي قدما هو إيجاد حل سياسي قابل للتطبيق ينهي الاحتلال نهائيا، و يقيم دولة فلسطينية مستقلة ويضمن الحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني.