فتاوى المجلس الإسلامي للإفتاء.. ما حكم إحياء ذكرى المولد
كلّما هلّ علينا هلال شهر ربيع الأول، كلّما هلّت بالمقابل التساؤلات والاستفسارات حول مشروعية احياء ذكرى المولد والتّي ينتج عنها في كثير من الأحيان مشادات من كلا الطّرفين المجيز والمانع على حد سواء قد تصل لحد تبديع وتضليل كلّ فريق للآخر، رغم أنّ هذه المسألة ليست وليدة عصرها، بل بحثها علماؤنا الأعلام منذ مئات الأعوام، فكم كنت أتأمل على الفريقين بمراجعة المسألة من مظانّها الفقهية والتزام أدب الخلاف والحوار في المسألة عملًا بقاعدة لا انكار في محل الاختلاف.
ولتجلية المسألة نقول: ذهب كثير من العلماء إلى القول باستحباب إحياء يوم المولد الشّريف بالذكر والمدائح والشكر والابتهالات، مع التأكيد على حرمة ممارسة البدع وتتبع الخرافات في مثل هذا اليوم المبارك الشريف الذي تتجلى فيه النّفحات.
وممّن قال بجوازه واستحبابه: العلامة الحافظ العراقي حيث ألّف كتابًا أسماه “المورد الهني في المولد السني”، والإمام الحافظ السّيوطي بوّب في كتابه الحاوي بابًا أسماه “حسن المقصد في عمل المولد”، والامام العلامة علي القاري حيث ألّف كتابًا أسماه “المورد الرّوي”، والإمام العلامة ابن رجب الحنبلي حيث حثّ على احياء يوم المولد واغتنام نفحاته بل واستحب صيام هذا اليوم في كتابه “لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف”، و الإمام الحافظ ابن حجر العسقلاني في الفتح عند شرحه لحديث صيام عاشوراء الذّي في البخاري، والإمام الحافظ شمس الدين ابن الجزري، إمام القراء وصاحب التصانيف التي منها “النشر في القراءات العشر”، وسمى كتابه “عرف التعريف بالمولد الشريف”، والإمام الحافظ ابن الجوزي والامام أبو شامة (شيخ الحافظ النووي) حيث حثّ على احياء يوم المولد في كتابه “الباعث على إنكار البدع والحوادث”، واعتبر يوم المولد من أحسن ما أحدثه النّاس على اعتبار أنّ البدعة تقسم لقسمين عند جمهور الفقهاء: بدعة حسنة، وبدعة سيئة، أو إن شئت فقل سنة حسنة وسنة سيئة، دفعًا للشبه والايهام. كما استحسن ابن رجب، والامام الشهاب القسطلاني (شارح البخاري) في كتابه “المواهب اللدنية”، والإمام الحافظ السخاوي، والإمام الحافظ وجيه الدين بن علي بن الديبع الشيباني الزبيدي، وغيرهم الكثير ممن لا يتسع المجال لاستقصائهم.
هذا ولا ننكر أنّ هنالك طائفة من أهل العلم كرهت ذلك ولكن لم يبدّع ولم يفسق من يفعله ويرى جوازه كما نراه اليوم من بعض اخواننا هدينا وإيّاهم للحق والرّشاد، أفلا يسعنا ما وسع أسلافنا من العلماء!! وننشغل في قضايا كبرى ملحة أخرى تتعلق بمصير ومستقبل الأمة بحاجة إلى بحث ومعالجة وحوار!!
والأدلة الشّرعية على جواز احياء يوم المولد كثيرة، ولكن نعتذر عن سردها في الصّحف خشية أن تلقى الصّحف في الشّوارع والنفايات وهذا بلا شك محرّم لما فيها من الأحاديث والآيات، بل كبيرة عظيمة من الكبائر لذا نحيل القارئ على موقع المجلس الاسلامي للإفتاء للاطلاع على الأدلة الشّرعية على استحباب إحياء يوم المولد.