عام على رحيل الشيخ سامي عبد اللطيف مصري.. وفد من أبناء المشروع الإسلامي يزور عائلة الشهيد في كَفر قرع
•رفقاء دربه يستذكرون مسيرته وعطاءه وصفاته
طه اغبارية
فقدت مدينة كَفر قرع والمجتمع العربي في الداخل الفلسطيني، بتاريخ 2/9/2023 واحدا من أبرز قيادات المشروع الإسلامي، هو الشيخ سامي عبد اللطيف مصري (62 عاما)، بعد أن طالته رصاصات غادرة، فور خروجه من بيت عزاء في “بيت الضيافة” بالقرب من مسجد الحوارنة.
والشهيد مصري، تولى الإمام والخطابة في مسجد قباء في كَفر قرع، إلى جانب كونه أحد رجال الأعمال في المدينة، وهزّ رحيله ظلما، بلده والمجتمع العربي لا سيّما أبناء المشروع الإسلامي في الداخل الفلسطيني حيث كان المرحوم أحد أبرز قيادات الحركة الإسلامية قبل حظرها إسرائيليا، وانشغل بهموم بلده وشعبه، داعية، ومصلحا ومعطاء في مختلف المجالات.
في أعقاب الجريمة، شهدت كفر قرع إضرابا شاملا وتحولت جنازة الشهيد سامي مصري إلى مظاهرة شاركت فيها حشود غفيرة من مختلف البلدات العربية.
كما عقدت لجنة المتابعة العليا اجتماعا طارئا في مبنى بلدية كفر قرع، محملة الشرطة والحكومة الإسرائيلية مسؤولية انتشار العنف والجريمة في المجتمع العربي.
همّة عالية ونشاط دائم
في الذكرى السنوية الأولى لاستشهاده، نشرت حركة الدعوة والإصلاح في الداخل الفلسطيني والتي وقف على رأسها الشيخ سامي مصري عبر صفحتها على “فيسبوك”، مقتطفات من كلمات للشهيد تضمنت توجيهات للدعاة وأبناء العمل الإسلامي في الداخل.
إلى ذلك، زار وفد من أبناء المشروع الإسلامي، يوم الثلاثاء الفائت، عائلة الشهيد، وضمّ كلا من: الشيخ رائد صلاح، والدكتور سليمان أحمد اغبارية، والدكتور مهدي زحالقة، والشيخ نضال أبو شيخة، والشيخ محمود أبو عطا، والشيخ محمود عرباسي.
وقدّم الوفد إلى عائلة الشهيد، إطارا (برواز) يضم صورا للراحل في محطات حياته المختلفة.
في الحديث عن مناقب الراحل سامي مصري، يقول الشيخ رائد صلاح، رئيس لجان إفشاء السلام في الداخل الفلسطيني، لـ “موطني 48”: “بداية، نترحم على الشيخ سامي “أبو العبد”، واسأل الله تعالى أن يكرمه بحسن الخاتمة والفوز عند لقاء الله تعالى. ثم أؤكد أن الشيخ سامي تميز بالنشاط الدائم وليس بالنشاط المؤقت، وهذا أساس هام لنجاح أي عمل، وخاصة في مسيرة المشروع الإسلامي. الى جانب ذلك، كان يتميز بربط علاقات مع الجميع بهدف احتضان الجميع، وصناعة أجواء تعاون مع الجميع، هذه صفة هامة لا يمكن لاي عامل في مسيرة المشروع الإسلامي أن ينجح بدونها. كما أنه كان يتميز بأخلاق كريمة جعلته محببا إلى الناس”.
وتابع الشيخ رائد: “حافظ الشيخ سامي -رحمه الله- على عنصر المتابعة في مسيرة عمله، وهذا العنصر كان يدفعه دائما ألا يغفل عن إتمام العمل كما يجب، اقتداء بقول رسول الله: (إنّ الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه)، ونحن نفتقد في هذه الأيام إلى هذا العنصر، ألا وهو المتابعة، حتى لا تتراكم المسائل الكبيرة وتبقى معلقة بلا حل”.
بالنظر إلى وفاته في جريمة قتل وفي ظل انتشار العنف في المجتمع العربي، أكمل الشيخ رائد: “هذا المشهد لتغول العنف فينا، يمثل كارثة إنسانية بكل معنى الكلمة في مسيرة مجتمعنا في الداخل، ومع ذلك يجب أن لا ننكسر بآفة هذا العنف الأعمى، ويجب أن نواصل بذل جهودنا بإصرار وتفاؤل، طامعين أن نوصل مجتمعنا ولو بعد سنوات طويلة إلى بر الأمن والأمان والسلم الاجتماعي”.
صاحب موقع متقدّم
من جانبه، أكد الشيخ كمال خطيب رئيس لجنة الحريات في الداخل الفلسطيني، أنّ غياب الشيخ سامي مصري ترك فراغا كبيرا، وقال في حديث لـ “موطني 48”: “نؤمن بقضاء الله وقدره، ونُسلّم بما كتبه ربنا عز وجل، ونحن على يقين بأن لكل أجل كتاب، فالرصاصة أو حادث الطرق أو حادث العمل أو غيرها كلها أسباب لكن الموت هو حق على عباد الله، غير أن هناك تفاوت بين الناس في العطاء، والدور، والمهمة، التي يحملها أحدهم على ظهره، ولمّا كانت الدعوة إلى الله هي أشرف المهمات، فغياب من يبلغ الدعوة ليس كاي غياب، فكم بالحري إن كان هذا الغائب صاحب موقع متقدم بل هو كـ “الراحلة” في زماننا، حيث يقول النبي صلى الله عليه وسلم: “إنما الناس كالإبل المائة، لا تكاد تجد فيها راحلة”، بمعنى لا تكاد تجد النجيب المتميز. وهكذا الدعاة، تجد الكثير منهم، ولكن هناك متميزون وحكماء، والشيخ سامي -رحمه الله- أحد هؤلاء، غيابه ترك فراغا كبيرا، ولكن أملنا ويقيننا بالله وفي أبناء المشروع الإسلامي، أنهم كالأم الولود التي تلد -وقد ولدت- من يكملون المسيرة بعد رحيل الشيخ سامي”.
“لم ينظر فقط إلى موطئ قدمه”
وأضاف الشيخ كمال: “ما ميز المرحوم الشيخ سامي أنه لم يكن ينظر فقط إلى موطئ قدمه، كان نظره بعيدا، يقرأ الأحداث بعين المستشرف وصاحب النظرة الثاقبة”.
وحول العنف والجريمة المستفحلة في المجتمع العربي، والتي كان الشيخ سامي أحد ضحاياها، تابع خطيب: “نأسف على كل روح تزهق من أبناء شعبنا، ونضع هذه الجرائم في رقبة الحكومة فهي وحدها من تقدر على وقف هذا الداء الكبير الذي استفحل في مجتمعنا، لكن السلطات الإسرائيلية تغض الطرف وتتواطأ مع الجريمة المنظّمة فهي لا تريد لهذا الحال أن ينتهي من مجتمعنا العربي”.
“باق معنا”
“لم يغب عنا، بنهجه وفكره وتصوراته للعمل الإسلامي”، هكذا استذكر الدكتور مهدي زحالقة، رئيس دعوة الإصلاح والتجديد في كفر قرع وإمام وخطيب مسجد الحوارنة، رفيق دربه المرحوم الشيخ سامي عبد اللطيف مصري.
وأضاف لـ “موطني 48”: “صحيح أنه مرّت سنة على رحيل الشيخ سامي، لكنه لم يفارقنا لحظة واحدة حيث نستذكر دائما مناقبه ونسأل أنفسنا عن تصرفه في هذا الموقف أو ذاك”.
وتابع زحالقة: “تمتع المرحوم بنظرة استشرافية ثاقبة، ودائما ما كانت رؤيته وتوقعاته لأمر ما، صحيحة. لا ينكر إنسان في كفر قرع وخارجها أنه ترك فراغا كبيرا، وحمّلنا مسؤوليات ثقيلة نسأل الله تعالى أن يعيننا عليها”.
ولفت الدكتور مهدي زحالقة إلى أن دعوة الإصلاح والتجديد في كفر قرع، ستقوم غدا الجمعة بافتتاح معهد “جيل القرآن للبنات” على اسم المرحوم الشيخ سامي عبد اللطيف مصري، ومكانه في “سلامة مول”.