أخبار وتقاريرمحلياتمقالاتومضات

“موطني 48” يلتقي تسنيم سامي مصري للحديث عن والدها الراحل وعلاقته بعائلته وأهله

مارية محاجنة (المشهد)

في الذّكرى السنوية الأولى لاستشهاد الشيخ سامي عبد اللطيف مصري من مدينة كَفر قرع، التقى موقع “موطني48” ابنته تسنيم، للحديث عن والدها الراحل وعلاقته بعائلته وأهله وأبرز صفاته وتوجيهاته التربوية والأسرية.

ملامح قيادية من الطفولة
نشأ والدي رحمه الله تعالى -تقول تسنيم- في عائلة عُرف عنها المثابرة والجدّ والاجتهاد، وخاصة في زراعة الأراضي، ويقول أعمامي وعماتي إنه كان منذ طفولته واعيا ومسؤولا إلى جانب حبه للعلم وحرصه على تعليم إخوانه ومتابعتهم.

من المواقف اللطيفة التي يذكرها أعمامي وعماتي -تضيف تسنيم- عن والدي في طفولته، أنه حين كان في الصف الخامس، تغيب عمي محمد والذي يصغره بسنة عن المدرسة ذات يوم، فبحث عنه أبي، ووجَدَه يعمل في محطةِ وقود في البلدة، فذَهبَ الشيخُ سامي إلى مسؤول المحطة -كان يهوديّا- والطفل “سامي” لا يُتقن العبرية، لكنه مع ذلك أصّر أن يُوصلَ رسالة للمُشّغل أنّ أخاه محمد لن يعودَ للعمل وأنَّ عليه الالتزام بالمدرسة، فظهرت عليه ملامح القيادة منذ نعومة أظفاره، رحمه الله.

الأخ الحنون
في حديثها عن الشيخ سامي “الأخ” وفق ما أخبرها أعمامها وعمّاتها، تقول تسنيم إن “إحدى عَماتي تزوجت بجيل مُبكر، فتأثر أبي عليها كثيرا، وكان بمرحلة الإعدادية، فأفاق من الليل وأراد أن يذهب إلى بيت زوجها لإرجاعها”. لقد كان حنونًا جِدًا واستمر طيلة حياته على تواصل نوعيّ مع عماتي.

لمّا التحق بالجامعة (أنهى اللقب الأول في التمريض وعمل فترة في مستشفى هداسا) تقول أصغر عماتي: عندما كان يعود من الجامعة يقوم بتدريسها ومتابعتها وحثها على الاجتهاد وبذل الوسع في التعليم.

ومن إحدى اللطائف -تواصل تسنيم- أنّ أحد أعمامي كان يستغل وجود أبي بالقدس للتغيّب عن المدرسة والانشغال باللعب عن الدراسة وفي إحدى المرات عاد أبي مبكرًا على غير عادته، فوجد عمي مُتغيّبا عن مدرسته، يقول عمي: “علقت علقة مرتبة يومها”.

الزواج والالتزام
تزوج الشيخ سامي مصري عام 1988، وبعد الزواج بفترة قصيرة بدأ بالالتزام والتردد على المشايخ ودروس الدين، ثمّ التحق بكلية الدعوة والعلوم الإسلامية في أم الفحم لدراسة البكالوريوس، والتحق بعدها لدراسة الماجستير في جامعة النجاح نابلس وتوقف في بداية الانتفاضة الثانية عام 2000. كما تقول ابنته.

وتضيف أن والدها “تأثر كثيرًا بالشيخ عبد الرحيم خليل، وكان يقول لنا: “الشيخ عبد الرحيم رحمة لنا في الداخل الفلسطينيّ”.

مع بدايات التزامه وفي ظل عدم ارتياحهِ في عمله، انتقل للعمل في التجارة، ففتح دكانا تحت الدار، ممّا ساعده أن يكون قريبا من الدعوة والعلم وأهل البلد.

عن حب المرحوم للعلم والتعلم، تردف تسنيم “أكثر صورة مَغروسة في ذهني عن والدي: لما كنا ندخل عليه دكانته، كنا نجد الكتاب المفتوح، وقلم رصاص يسجل ملاحظاته على الكتاب. وأنا اليوم أحب القراءة بفضله.

علاقته بأهله
كانت علاقة المرحوم -كما تقول ابنته- بأمه مميزة جدا، علاقة حب وطمأنينة وبر ووصال، كان لا يترك أمرا إلا ويطلب مشورتها، كما أنه كان الزوج الداعم لأمي، الذاكر لمناقبها وخصالها الحميدة في كل مناسبة تستدعي ذلك، المساند لها في تجهيز الإفطار الصباحيّ عندما كنا صغارًا، الذي لا يعيب سلوكا ولا طعامًا، دائم الاهتمام بها (الوالدة) واصطحابها للرحلات التأمليّة.

الشيخ سامي الأب
عن الشيخ سامي الوالد، تستطرد تسنيم: “من طفولتنا نتذكر اهتمامه بنا بجانبيّ التربية والتعليم، كان يزورنا في مدارسنا متفقدًا أحوالنا، ويمنحنا برامج متابعة، وكان يُوصينا بالدراسة والاجتهاد قائلًا: لا أُريد منكم علامات أريد أن أراكم على مكتباتكم تدرسون. وفعلا أبي لم يمنحنا ولا مرة في حياته هدايا على العلامات رغم أنها عالية وكنا متفوقين في تعليمنا، ودائما ما يُردد على مَسامعنا: مهمتكم في الحياة طلاب علم فاستثمروا في هذه المهمة. وكان يُشاركنا بالأمور العامّة والخاصّة، في التفاصيل الحياتيّة، ويستمع لرأينا ويأخذ به من جيل صغير جدًا، وكثيرًا ما كان يُحدّثنا عن تجاربه الحياتيّة، وكان يحرص على زيارتنا لمعرض الكتاب في كفركنا في كل عام، ويُجالسنا يقرأ معنا ويُجري مسابقات لنا”.

وأضافت: “تميّز والدي بالحسّ الفُكاهي، فكثيرًا ما يُضحكنا، ويُشعرنا بجلسة دافئة مرحة”.

تكمل: “حينما قررتُ الالتحاق بالجامعة جلستُ بجانبه، فتحنا الحاسوب، ولا أنسى تلك الجلسة لاختيار تخصصي الجامعيّ، شرح المسار، الموضوع، المساقات، يشرح لي ويبين، ثمّ قال: بتعرفي يا تسنيم شكلي أنا رح أروح أتعلم مش إنت.

بعد التحاقي بالجامعة -تكمل- وبسبب تخبطات السنة الأولى، والمخاوف من تخصص علم النفس، ومُتطلبات التخصص للانتقال من سنة إلى أخرى، فاقترحت عليّ بعض الطالبات أخذ تخصص أقل صعوبة فاتصلت بأبي أشاوره بالأمر، فكان رده: هذا حكي انهزامي، لديك القدرات، لا تتأثري ممّن حولك، ولو رأيت فيما بعد أن الموضوع غير مناسب بإمكانك التغيير، لكن ليس الآن بناءً على آراء الآخرين. هذا الكلام أعطاني قوة، لخوض غمار الصُعوبات مدى الحياة.

وزادت: “كل واحد من إخوتي وأخواتي (ولدان وأربع بنات) له حكاية خاصة مع والدي في التعليم، اختي يقين في فترة تعليمها الجامعي في الجامعة العبرية بالقدس تصعبت فترة، فكان والدي يقود السيارة من كفرقرع إلى القدس ويجلس معها يومًا كاملًا، تاركًا خلفه جميع التزاماته ويصطحبها للصلاة في المسجد الأقصى المُبارك، ويدعوها للطعام في أحد المطاعم، ثم بعدها تضع يقين رأسها على رجلي الشيخ، الإنسان، الأب، ويقرأ عليها قُرآنًا حتى تشعر بتحسن، ثُم يعود أدراجه إلى البلدة بعد أن اطمأن عليها. أيضا أخي عبد الرحمن بمرحلة معينة بالجامعة رافقه ووقف معه. باختصار كان الداعم القوي بالنسبة لنا، تاركًا خلفه كل شيء”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى