جراحة إيطالية بغزة: يصلني يوميا 4 أطفال يحملون طلقات مباشرة بالرأس والعنق
قالت جرّاحة إيطالية تعمل في قطاع غزة إنها تستقبل يوميا ما معدله 4 أطفال مصابين بطلقات مباشرة في العنق والرأس، وإنها لم ترَ هذا الكمّ من الإصابات الخطرة ووضعا بهذا الهول في كل مناطق الصراعات التي عملت فيها.
وقالت فيدريكا ليتزي (40 عاما) التي تعمل جراحة مع “أطباء بلا حدود” في مستشفى دير البلح وسط القطاع، في لقاء هاتفي مع مراسل صحيفة “لا كورييري دي لا سيرا” الإيطالية في القدس المحتلة، إن أكثر ما يصدمها العدد الهائل لضحايا أعمارهم بين عامين و15 عاما، أصيبوا بمقذوف واحد في الرأس والعنق.
وأضافت ليتزي أن الجراحين يرون بوضوح نقطة دخول المقذوف إلى الرأس بلا أثر لنقطة خروجه، وضربت مثلا بمجيد ابن الأعوام الستة الذي كان يعيش في خيمة على أطراف دير البلح بعد هربه من الشمال مع أفراد عائلته الممتدة التي قتل كثير من أفرادها ولم يبق من أسرته المباشرة إلا أبوه.
وروت ليتزي كيف حُمل مجيد إلى المستشفى على عربة يجرّها حمار بعد أن عثر عليه وهو يحتضر قرب خيمته، وكيف وصل إلى قسم الجراحة في وضع مأساوي حتى ظن الأطباء أن إصاباته كثيرة، قبل أن يكتشفوا تجويفا تركه المقذوف بوضوح بعد اختراق الرأس، بلا أثر للتجويف الذي يدل على خروجه.
انفجار في الرأس
وأضافت الطبيبة الإيطالية أن هذه المقذوفات عادة ما تنفجر في الرأس ولا يملك لها الأطباء حيلة لأنهم غير مجهزين لهذا النوع المعقد من الجراحة، وقد أودى المقذوف فعلا بحياة مجيد بعد أن ظل في غيبوبة امتدت ساعات.
وتحدثت الطبيبة الإيطالية عن 40 عملية جراحة تجريها يوميا، 15 منها لأطفال. ورفضت التعليق على ما إذا كانت إصابات الرأس والعنق متعمدة أم لا، واكتفت بالقول إن الأكيد أن مجتمع غزة القادم سيُنكَب “بجيش جرار” من المعاقين.
وقبل غزة التي عادت إليها في مطلع الشهر الماضي، عملت ليتزي مع “أطباء بلا حدود” في مناطق صراعات بين الأخطر في العالم مثل سوريا والعراق وأفغانستان وليبيا والصومال وهاييتي.
وقلصت إسرائيل ما تسميه المنطقة الإنسانية في غزة إلى مجرد 40 كيلومترا مربعا، يتكدس فيها 1.6 مليون نازح، وقالت الطبيبة الإيطالية إن ذلك مؤشر على أنها تريد دفع جميع الغزيين في اتجاه البحر.
ومستشفى دير البلح الوحيد الذي ما زال يعمل في وسط قطاع غزة، لكن القصف الإسرائيلي اشتد من حوله في الأسبوع الماضي.
وقالت الطبيبة الإيطالية إن القصف كان عنيفا جدا الأحد الماضي حتى إن نازحين كثيرين أخذوا يتنقلون نحو خان يونس بالجنوب في اتجاه الشاطئ الذي تغطيه خيم نازحين آخرين بالأساس، وإن الأغلبية الساحقة من المرضى غادروا أيضا ولم يبق إلا نحو 100 لا يستطيعون الحركة مثل من بترت أطرافهم أو أصيبوا في الرأس أو يرقدون في العناية المشددة، فضلا عن الأطفال والنساء ممن أصبن في البطن.
وزاد الطين بلة الحصار الخانق على المعونات الإنسانية، ومنها الأدوية حتى المستعجلة جدا مثل مهدئات الألم وأدوية التخدير، إذ يستغرق السماح بمرورها شهرين كاملين، حسب ليتزي التي قالت إن أكثر ما يخشاه الأطفال إخضاعهم للجراحة من دون تخدير.