القدس في أغسطس.. الأقصى يتعرض لأخطر الانتهاكات
لم يختلف شهر أغسطس/آب الماضي عن سابقيه من حيث الانتهاكات المتصاعدة في المدينة المقدسة خاصة على صعيد المس الخطير بالوضع القائم في المسجد الأقصى، واستمرار جرائم الهدم وإشهار سلاح الاعتقال الإداري والإبعاد والحبس المنزلي.
وسُجل خلال الشهر الماضي استشهاد ثلاثة شبان أحدهم عند حاجز النفق جنوبي القدس، وينحدر الشاب من مخيم الدهيشة ويحمل هوية الضفة الغربية، واحتُجز جثمانه وجثمان الفتى شادي شيحة الذي أُعدم في بلدة عناتا.
في حين تمكن المواطنون من تشييع الشهيد الثالث الذي استشهد في منطقة وادي رحال في بيت لحم بعد إصابته برصاص جندي إسرائيلي أثناء هجوم المستوطنين على المنطقة.
استباحة الأقصى
التطورات الأبرز في شهر أغسطس/آب الماضي سُجلت في المسجد الأقصى المبارك الذي شهدت ساحاته انتهاكات خطيرة، وقعت معظمها في ذكرى “خراب الهيكل” وما بعدها، إذ باتت الجماعات المتطرفة تتغنى بأن ما يحدث هو “نقطة تحول تاريخية دراماتيكية لم يشهدها المكان المقدس منذ ألف عام على الأقل”.
ومن التطورات التي وُثّقت قبيل حلول هذه الذكرى، تنظيم جماعات الهيكل بالتعاون مع بلدية الاحتلال مؤتمرا “لتحفيز إعادة بناء الهيكل مكان المسجد الأقصى”، ونُظم المؤتمر في قاعة يطلق عليها اسم “هيكل سليمان” غربي البلدة القديمة.
كما اقتحم جنود من لواء “الإسكندروني” ساحات المسجد بزيّهم العسكري بعد عودتهم من المعارك في قطاع غزة، ونظمت الجماعات المتطرفة جولة لأطفال يهود في الأقصى، ووزعت عليهم في نهايتها هدايا طبعت عليها صورة الهيكل.
وفي إطار الاستفزازات، التقط مجموعة من الحاخامات صورة جماعية لهم أمام قبة الصخرة المشرفة في نهاية جولتهم الاقتحامية، وكان أحدهم يرتدي شال الصلاة التوراتي الذي يرتديه اليهود أثناء صلواتهم في الكُنس.
نشاط جماعات الهيكل
ونشط قادة وأنصار جماعات الهيكل المتطرفة قُبيل حلول ذكرى “خراب الهيكل” في تشجيع المستوطنين على اقتحام الأقصى، ومن بين هؤلاء أساف فريد الذي كتب “هل أنت خائف من أن يُحدث العرب فوضى؟ من المهم أن تعرف أن جبل الهيكل هو المكان الأكثر هدوءا هذا العام، وعلى أي حال تبالغ الشرطة في قواتها على جبل الهيكل في التاسع من (أغسطس) آب بشكل كبير.. هل أنت خائف من هجوم إيراني؟ جبل المعبد هو أكثر الأماكن أمانا وإذا ضرب صاروخ إيراني قبة الصخرة فربما لن تكون آسفا جدا”.
وفي الليلتين اللتين سبقتا حلول هذه الذكرى نُظمت مسيرات ليلية رفعت فيها الأعلام الإسرائيلية للمطالبة بفرض السيادة على المسجد الأقصى. ومع حلول الذكرى اقتحم المسجد الأقصى في الفترتين الصباحية والمسائية 2958 متطرفا ومتطرفة رفعوا خلال جولاتهم الأعلام الإسرائيلية، وأدوا طقس “السجود الملحمي” (الانبطاح أرضا) بشكل جماعي، وغنوا ورقصوا وصلوا، وكان من بينهم وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير.
وتغنت الجماعات المتطرفة بعد اقتحام “خراب الهيكل” بحرية العبادة اليهودية داخل أولى القبلتين، وقال أحد نشطاء جماعات الهيكل الصحفي أرنون سيغال “منذ التاسع من (أغسطس) آب يصلي اليهود في جبل الهيكل بحرية ودون اعتقالهم”.
وفي مقال نشر له يوم 30 أغسطس/آب الماضي، كتب “ينجح بن غفير في الوقت الراهن فيما فشل فيه الحاخام غورين (أول حاخام صلى ونفخ في البوق داخل الأقصى)، العبادة اليهودية التي تجتاح جبل الهيكل منذ التاسع من (أغسطس) آب (ذكرى خراب الهيكل) هي نقطة تحول تاريخية دراماتيكية لم يشهدها المكان المقدس منذ ألف عام على الأقل”.
وتُوجت الانتهاكات بقرار حكومي جاء من خلال وزارة التراث التي يتولى حقيبتها عميحاي إلياهو، بأن اقتحامات المستوطنين للأقصى والجولات الإرشادية للمستوطنين بداخله ستمولها الوزارة بميزانية تبلغ 550 ألف دولار أميركي.
ملاحقة المصلين
وفي الوقت الذي اقتحم فيه المسجد 7704 من المتطرفين على مدى شهر أغسطس/آب الماضي، ضيّقت شرطة الاحتلال المتمركزة على الأبواب على المصلين الوافدين إلى المسجد، وسُلم على مدى الشهر 33 أمر إبعاد عن المسجد الأقصى، وكان على رأس المبعدين خطيب المسجد الشيخ عكرمة صبري.
وعلى صعيد انتهاك الحريات، رُصدت 110 حالات اعتقال في محافظة القدس، ومن بين المعتقلين 10 نساء و6 قاصرين. وأصدرت محاكم الاحتلال 21 أمر اعتقال إداري خلال أغسطس/آب الماضي بين أوامر جديدة أو تمديد لهذه العقوبة بحق أسرى من محافظة القدس.
وفي إطار الهدم، نُفذت 49 هدما في محافظة القدس بينها 10 عمليات هدم ذاتي قسري، وتركزت أكبر عمليات الهدم في بلدة الطور التي هُدم فيها خلال ساعات 16 منشأة، في حين نُفذت 8 عمليات هدم خلال شهر أغسطس/آب الماضي في أحياء بلدة سلوان المجاورة للأقصى التي استولى المستوطنون فيها أيضا على بناية لعائلة شحادة تتكون من 5 شقق سكنية بحي “بطن الهوى” بادعاء ملكيتها لليهود قبل عام 1948.