الخليل.. المدينة المقسّمة تخرج عن صمتها
بعد ساعات من استهداف مستوطنتي عتصيون وكارمي تسور شمالي مدينة الخليل جنوبي الضفة الغربية مساء الجمعة، جاءت عملية حاجز ترقوميا صباح أمس الأحد، لتوجها الأنظار من جديد إلى المحافظة الفلسطينية الأكبر جنوبا، ولتكسرا شهورا من الهدوء.
فيما يلي نسلط الضوء بالسؤال والجواب على واقع منطقة الخليل، ودورها في الانتفاضات والهبات الفلسطينية، ونتعرف على أبرز الهجمات التي نفذها أبناؤها.
ما الواقع الذي فرضه “اتفاق الخليل” بين منظمة التحرير وإسرائيل على المدينة؟
الخليل آخر مدينة جنوبي الضفة الغربية، تُقدر مساحتها بنحو ألف كيلومتر مربع، ويسكنها قرابة 840 ألف نسمة، وحولتها حواجز الاحتلال ومستوطناته إلى جزر متناثرة.
بعد توقيع ما عرف باتفاق الخليل عام 1997، بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، قُسمت المدينة إلى شطرين:
“خ1” أو “إتش1” (H1) تحت سيطرة فلسطينية، ويمثل 80% من مساحتها.
والشطر الثاني “خ2” أو “إتش2” (H2)، ويخضع للسيطرة الإسرائيلية ويتشكل في القلب التاريخي للمدينة، الذي يعود إلى العصرين المملوكي والعثماني، وفيه المسجد الإبراهيمي وأحياء أخرى.
واليوم ينتشر في قلب المدينة خمس بؤر استيطانية، ويقسمها الاحتلال بـ 120 حاجزا عسكريا وعائقا ماديا.
كيف تأثرت الخليل بعد تصعيد الاحتلال إجراءاته بالتزامن مع الحرب على غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023؟
عاشت مئات العائلات، تعداد أفرادها أكثر من 700 نسمة، حالة حظر تام للتجوال عدة شهور، كانت تصلها احتياجاتها بمساعدة منظمات دولية، ثم خفت القيود تدريجيا، لكن الوضع يعود إلى حاله مع كل تصعيد ميداني.
أما باقي المحافظة فقطع الاحتلال أوصالها بالحواجز الترابية والحديدية والمكعبات الإسمنتية، ولم يتبقّ للمدينة ومئات آلاف السكان من البلدات المحيطة بها سوى حلقة وصل واحدة مع باقي المحافظات، وهو مدخل الخليل الشمالي الخاضع لسيطرة جنود الاحتلال.
بم تختلف عمليات الخليل عن باقي المحافظات؟ وهل هناك تنسيق بين عمليتي الجمعة والأحد؟
يجيب أستاذ الدراسات الفلسطينية في جامعة القدس المفتوحة أسعد العويوي بأن العمليات عموما هي “نتيجة للجرائم التي يقوم بها الاحتلال في كل فلسطين، وتعبير عن حالة احتقان يعيشها الشباب نتيجة تلك الممارسات”، مستبعدا أن يكون هناك تنسيق بين عمليتي الجمعة والأحد.
هل ينتظر الخليل المزيد من العمليات؟
وفق الأكاديمي الفلسطيني، ما دام هناك تصعيد إسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية ومخيماتها، بالتأكيد ننتظر ردود أفعال منظمة كما في عمليات الفصائل، أو عفوية كما في عملية حاجز ترقوميا التي جاءت من شاب متدرب جيدا كان يعمل في حرس الرئيس الفلسطيني. فلا أحد يستطيع أن يتوقع زمان وشكل ومكان ردود الخليل ومنفذيها.
ما المختلف في عمليات الخليل عن غيرها من المحافظات؟
يجيب العويوي: إذا تتبعنا العمليات النوعية نجد أن منفذيها أناس يعملون بصمت، ليسوا استعراضيين أو محبين للظهور، غير معروفين أو مدرجين على قوائم الملاحقة، بعضهم حديث السن، لكنهم في النهاية ينفذون عمليات نوعية متميزة، وهذا مرشح للاستمرار وتحديدا من فئة الشباب.
أين الخليل مما يجري في غزة؟
بمراجعة سريعة للشهور التالية لـ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، شنت قوات الاحتلال حملة اعتقالات واسعة بالمحافظة طالت المئات، وأغلبهم حوّلوا إلى الاعتقال الإداري، فعاشت المدينة ما يشبه الصدمة، لكن الفعل المقاوم للاحتلال لم يتوقف وإن تعددت أشكاله، وفيما يلي أبرز العمليات المنفذة منذ ذلك التاريخ:
* 13 نوفمبر/تشرين الثاني 2023: نفذ الشابان من الخليل محمد وصقر الشنتير عملية إطلاق نار على سيارة مستوطنين قرب مستوطنة كريات أربع في المدينة، أدت إلى مقتل جندي وجرح آخر.
* 16 نوفمبر/تشرين الثاني 2023: جاءت عملية النفق جنوبي القدس، والتي نفذها عبد القادر القواسمة وحسن قفيشة ونصر الله القواسمة، وقتلوا خلالها جنديا وأصابوا 7 بجراح قبل استشهادهم.
* 31 مارس/آذار 2024: نفذ مؤمن فايز المسالمة، من بلدة دورا جنوبي المدينة، عملية طعن أصابت 3 إسرائيليين في منطقة “غان يفني” شرق أسدود.
* 30 أغسطس/آب 2024: نفذ الشابان محمد إحسان ياقين مرقة وزهدي نضال أبو عفيفة عمليتي تفجير استهدفتا مستوطنتي عتصيون وكارمي تسور شمالي المدينة.
* 1 سبتمبر/أيلول 2024: مقتل 3 من عناصر الشرطة الإسرائيلية قرب حاجز ترقوميا غربي المدينة، نفذها ضابط الأمن الرئاسي المستقيل مهند محمد محمود العِسوِد من بلدة إذنا.
ماذا عن مشاركات الخليل في مقاومة الاحتلال تاريخيا؟
تفيد توثيقات مركز معلومات فلسطين (معطى) بأن مدينة الخليل قدمت 122 شهيدا منذ مطلع 2018، إضافة إلى 2677 جريحا.
كما تشير المعطيات إلى 253 إطلاق نار، و104 عمليات تفجير عبوات، و29 عملية دهس، و55 عملية طعن، أسفرت في مجموعها عن مقتل 9 إسرائيليين وإصابة 217.
ماذا عن أبرز العمليات في العقدين الأخيرين؟
منذ انتفاضة الحجارة عام 1987 برز دور الخليل، وأدخلت إلى سجلها كثيرا من العمليات الكبيرة غير القابلة للحصر، ومنها الأسرى المحكومون بالمؤبدات والمبعدون، ومقابل تلك العمليات ردت إسرائيل بالاغتيالات وقتل العشرات، ونذكر فيما يلي بعضا منها:
* 29 أكتوبر/تشرين الأول 2022: بعد عام ملتهب من المواجهات في الضفة، أوقعت عملية إطلاق النار بمستوطنة كريات أربع قتيلا و5 جرحى من المستوطنين.
* نوفمبر/تشرين الثاني 2015: مقتل 3 مستوطنين وإصابة آخرين في عملية إطلاق نار قرب مفترق “غوش عتصيون”.
* 12 يونيو/حزيران 2014: اختفت آثار 3 مستوطنين إسرائيليين من منطقة عتصيون، فتبين أنهم خُطفوا وقُتلوا، وكشف الاحتلال عن جثثهم في نهاية الثلاثين من الشهر نفسه.
* 27 مارس/آذار 2008: قضت محكمة عوفر العسكرية بسجن كل من شكيب العويوي وموسى وزوز بالسجن 8 مؤبدات، ومحمد الجولاني 5 مؤبدات، ولؤي شاهر العويوي بـ3 مؤبدات، بتهمة تشكيل خلية عسكرية في الخليل وقتل وإصابة عشرات الجنود والمستوطنين خلال عمليات نفذ أغلبها عام 2005.
* 31 أغسطس/آب 2004: عملية تفجير مزدوجة تستهدف حافلتي ركاب في مدينة بئر السبع، منفذاها من الخليل، أدت إلى مقتل 17 إسرائيليا وإصابة حوالي 100.
* 19 أغسطس/آب 2003: مقتل 20 إسرائيليا وإصابة 150 آخرين في عملية تفجير نفذها ابن الخليل رائد مسك بالقدس.
* 27 ديسمبر/كانون الأول 2002: مقتل 6 مستوطنين وإصابة 9 آخرين بجروح في اقتحام مستوطنة “عتنئيل” جنوبي المدينة.
* 15 نوفمبر/تشرين الثاني 2002: مقتل 12 إسرائيليا وإصابة 15 من الجنود والمستوطنين في كمين بحي وادي النصارى في المدينة.
* أبريل/نيسان 2002: مقتل 4 مستوطنين وإصابة 7 في اقتحام مستوطنة “أدورا” شمال غرب الخليل.