لبيد: رئيس الشاباك سلّمَ نتنياهو تحذيراً خطياً قبيل السابع من أكتوبر لكنه بدا لامبالياً وضجراً
كشفت مصادر في إسرائيل أن رئيس “الشاباك” رونين بار قد أنذر رئيس حكومتها نتنياهو، في مذكرة خطية، أنها تقف على عتبة حرب وشيكة، وهذا ما نفاه مكتب نتنياهو متهماً رئيس المعارضة بالكذب.
وقالت صحيفة “يديعوت أحرونوت”، اليوم، إن بار بادرَ للقاء نتنياهو على عجل من أمره، عقب تأجيج السجالات الداخلية بسبب تقليص صلاحية المحكمة العليا عبر إلغاء ما يعرف بـ “حجة المعقولية”، خلال العام المنصرم، وأبلغه بخطر نشوب حرب دون تحديد موعدها.
وفي الأمس، كان رئيس المعارضة يائير لبيد قد قال، في شهادته أمام لجنة تحقيق مدنية بأحداث السابع من أكتوبر وما تبعها، إن تحذيرات بار طرحت أيضاً في اجتماع للجنة الخارجية والأمن في الكنيست قبل عملية “طوفان الأقصى” بقليل، في يوليو/تموز 2023.
وطبقاً لـ “يديعوت أحرونوت”، فإن بار شدّدَ على مسامع نتنياهو بأنه يسلّمه إنذاراً باحتمال شن حرب على إسرائيل، وكذلك حاز بار على ضوء أخضر من نتنياهو لإطلاع رئيس المعارضة لبيد على الإنذار الخطير.
وتقول الصحيفة إن الشاباك لم ينفِ النبأ، لكنه أوضح أنه لا يتطرّق لمحادثات تجري بينه وبين المستوى السياسي، فيما نفى مكتب رئاسة الوزراء تلقي نتنياهو إنذاراً بحرب تندلع من غزة.
وجاء في بيان مكتب نتنياهو: “لم يتلق رئيس الوزراء إنذاراً بحرب وشيكة- لا في التاريخ المشار له في التقرير الصحفي، ولا في السابع من أكتوبر. بالعكس فإن كافة الجهات الأمنية قد أوضحت بشكل قاطع- كما يتجلى في بروتوكولات المداولات الرسمية عشية الحرب- أن “حماس” مرتدعة، وتتطلع لإحراز تسوية. كذلك، قبل أيام معدودة من السابع من أكتوبر فإن تقديرات الشاباك قد توقعت استمرار الاستقرار الطويل”.
في شهادته، قال لبيد، أمس، إن بار أخبره بأنه رفع الإنذار الخطير إلى المستوى السياسي في حينه، وتابع أمام لجنة التحقيق المدنية: “أريد هنا دحض المزاعم بأن المستوى السياسي لم يتلق تقريراً بأن “حماس” غير مرتدعة. المواد التي اطلعت عليها، اطلع عليها أيضاً أعضاء الكابنيت. عشية إلغاء حجة المعقولية (تقليص صلاحية قضاة المحكمة العليا) التقيت بار، وسمعت منه تحذيرات غير مسبوقة حول الانعكاسات الأمنية للانقلاب القضائي، وللتمزق الداخلي الناجم عنه. كما تلقّى رئيس الدولة هرتسوغ مثل هذه التحذيرات من تهديد أمني متصاعد، وهو من طرفه بادر للحديث مع نتنياهو بهذا الخصوص”.
كما روى لبيد، في شهادته، أن السكرتير العسكري لرئيس الحكومة آفي غيل قد أطلعه، قبل عام، بأن “منظمات إرهابية” قد شخّصت ضعفاً لدى إسرائيل بسبب الانقلاب على النظام السياسي، وأن غيل أطلع نتنياهو على ذلك، خلال إحاطة أمنية في 21 أغسطس/آب 2023. وأكد لبيد أن “نتنياهو كان خلال هذه الإحاطة قد بدا ضجراً ولا مبالياً”.
وأوضح لبيد، في شهادته، أن غيل قد أكد على مسامعه بأن “المنظمات الإرهابية” شخّصت ضعفاً وانقساماً داخلياً وتوترات وفقدان اللياقة العسكرية لدى الجيش، علاوة على أزمة مقابل الولايات المتحدة، ما دفعه للحرص على المشاركة في اجتماعات لجنة الخارجية والأمن في الكنيست.
وشدّد لبيد على أن المعلومات الاستخباراتية التي أحيط بها كانت بمستوى سرية عال جداً، وأن دلالتها كانت قاطعة: إسرائيل أمام تهديد بمستوى خطر عال جداً”، منوهاً أنه شارك في اجتماع تم في أيلول/سبتمبر 2023 في لجنة الخارجية والأمن البرلمانية، وفيه سمع من مسؤولي الاستخبارات عن ارتفاع التهديد على إسرائيل بدرجة”.
وتابع لبيد: “ما كتب كان قاطعاً؛ لقد تآكلت قوة ردع إسرائيل بشكل دراماتيكي، وأن أعداءها يعتقدون بأن هناك فرصة نادرة للمساس بها”.
وشدّد لبيد على أنه، “عقب الاجتماع المذكور في الكنيست، بادر لتصريحات إعلامية حذّر فيها من تصاعد هذه التهديدات، قال فيها إن كافة الذرع العسكرية؛ الجيش، والشاباك، والشرطة وأجهزة الاستخبارات، تحذّر الحكومة والكابنيت من اندلاع نار عنيفة”.
يندرج هذا الكشف المنسوب لرئيس الشاباك ضمن المعركة المتواصلة على الوعي وعلى الرواية بين المستويين السياسي والعسكري، اللذين يتبادلان الاتهامات بأشكال مختلفة، منذ اندلاع الحرب حول المسؤولية عن الفشل الذريع في السابع من أكتوبر.
من جهتها، تؤكد المؤسسة الأمنية أنها تتحمّل مسؤولية مشاركتها في الفشل في السابع من أكتوبر، قبله، خلاله، وما بعده، بيد أنها توضّح من خلال التسريبات، ومحلّلين مقربين منها، أن الفشل ليس استخباراتياً وعسكريا فحسب، بل هو فشل إستراتيجي يتحمل المستوى السياسي برئاسة نتنياهو مسؤوليته، لا سيما أنه هو شخصياً قد راهن على شراء الهدوء بـ “حقائب دولارات” وصلت “حماس” من الخارج، وأنها مرتدعة ولا حاجة لمحاربتها.
واندرج ذلك، وفق اتهامات المؤسسة الأمنية الإسرائيلية أيضاً، في نطاق إستراتيجية تكريس الانشقاق بين غزة ورام الله، ضمن مساعيه لقتل تسوية الدولتين والتدليل على أن الفلسطينيين منقسمون وغير ناضجين لدولة وغيره.
راهن نتنياهو على ذلك، بل قالها بصوته وصورته عدة مرات حتى جاءت عملية “طوفان الأقصى” لتقلب الطاولة عليه، وتصيبه بمطرقة في رأسه، وهذا يفسر تصميمه على التهجير والتدمير، في حرب لا تتوقف، رغم كلفتها لإسرائيل أيضاً، على أمل الثأر والتأثير على وعي الفلسطينيين والإسرائيليين وغيرهم، وربما البقاء في التاريخ، و في سدة الحكم. وهذا يفسّر الهجمات المتتالية لنتنياهو وأبواقه على المؤسسة الأمنية وعلى الجيش وعلى الطاقم المفاوض واتهامهم بالعجز والإدارة الفاشلة كجزء من استبعاد المسؤولية عن مجمل الإخفاقات اللاحقة بإسرائيل منذ السابع من أكتوبر.