سياسة الاغتيالات الصهيونية.. 2700 عملية اغتيال خلال 70 عاما
الإعلامي أحمد حازم
يعود تاريخ سياسة الاغتيالات الصهيونية إلى بدايات القرن الماضي، حيث خطط كبار المفكرين والمنظرين الصهاينة للاغتيالات المفتوحة وللإرهاب الدموي والتدميري ضد الشعب الفلسطيني، ما ترتب عليه لاحقًا سلسلة لا حصر لها من جرائم الحرب الصهيونية ضد أهل فلسطين.
في العشرين من شهر نوفمبر عام1935اغتيل الشيخ عز الدين القسام، وبعدها بأيام وبالتحديد في الثاني من شهر ديسمبر من العام نفسه عقد بن غوريون اجتماعا طارئا للقيادة الصهيونية في حزب “مباي” لبحث قضية واحدة: كيف ظهر بين الفلسطينيين والعرب قائد مجاهد محارب شعبي كبير كالقسام، الذي قاد المقاومة وشكل تهديدا حقيقيا لمشروعهم.
وقال بن غوريون: “إنه لأمر خطير جدًا، إنها المرة الأولى منذ أن تفجر الصراع بيننا وبين العرب أن يبرز زعيم عربي يحمل فكرة ومبدأ ويضحي بنفسه في سبيلهما، إن هذا التطور ستكون له أبعاد عميقة”.
لقد حظيت عمليات الاغتيال ضد القيادات والنخب والناشطين الفلسطينيين بمباركة صناع القرار الإسرائيلي على أعلى المستويات، كما حظيت بمباركة القضاء العسكري لدولة الاحتلال، إذ بارك كافة رؤساء الحكومات الإسرائيلية عمليات الاغتيال وحيوا منفذيها معتبرين إياها “تندرج في إطار سياسة الدولة في مكافحة الإرهاب”. وكذلك كان بلدوزرهم في الارهاب شارون قد اعتبر أن “سياسة الاغتيالات التي ينتهجها في مواجهة الانتفاضة الفلسطينية هي الأفضل التي تلبي احتياجات إسرائيل الأمنية”.
رونين برغمان، مؤلف كتاب “انهض وأقتل أولا” الذي صدر عام 2018، والذي استوحى عنوان الكتاب من عبارة وردت في كتاب التلمود تقول: “إذا جاء شخص ما ليقتلك، انهض واقتله أولًا”. هذا الكتاب يكشف تاريخا حافلا من الاغتيالات الإسرائيلية. فقد تحدث برغمان في مقابلة تزامنت مع نشر كتابه، عن نجاح وفاعلية أكثر من 2700 عملية اغتيال في تاريخ إسرائيل الحديث القائم منذ سبعين عامًا أي بما معدله اكثر من 38 عملية قتل كل سنة.
الاستخبارات الفلسطينية والعربية بشكل عام لم تقم بأي محاولة اغتيال لمسؤول إسرائيلي في اي مكان، ومن المحتمل ان تكون عاجزة وتعجز حتى اليوم عن اغتيال اي قائد أو مسؤول إسرائيلي، منذ ما قبل النكبة وحتى اليوم، باستثناء عملية الاغتيال التي نفذتها وحدة من الجبهة الشعبية ضد وزير السياحة الاسرائيلي رحبعام زئيفي في السابع عشر من شهر أكتوبر عام 2001 في فندق في القدس. وكان زئيفي يعتقد بأن العرب كالنمل وينادي بفكرة الترانسفير (الترحيل)، والمقصود ترحيل كل فلسطينيي الـ 48 إلى البلدان العربية الأخرى.
قبل 12 عامًا هدّد الرئيس السابق للجنة الخارجية والأمن في الكنيست، رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي الحالي تساحي هنغبي، إسماعيل هنيّة بالقول إنّه “ليس محصّنًا لأنّه منتخب من الجمهور وأحمد ياسين وعبد العزيز الرنتيسي ينتظرانه في حال استمرّ في قتل اليهود”. وفي العشرين من كانون أول/ ديسمبر الماضي قال وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين السابق للقناة 13 الإسرائيلية: “سنعمل على القضاء على القياديين في حركة حماس خالد مشعل وإسماعيل هنية، فهما لن يموتا موتا طبيعيا”.
قد يكون وراء اغتيال هنيّة في قلب طهران الكثير من القصص بشأن الاختراق الأمنيّ الفاضح الذي تحقّقه إسرائيل في قلب المربّعات الأمنيّة للعاصمة الإيرانية، وصولًا إلى الترويج لنظريّات مؤامرة. لا تبرّئ إيران نفسها من تهمة التقصير بحماية ضيفها. كما ان هذا الترويج لا يبرئ أيضا حزب الله الذي فقد خلال الأشهر العشرة الأخيرة قادة من كبار العسكريين، على نحو يفضح وجود اختراق تكنولوجيّ وبشريّ متقدّم للصفوف القيادية الأولى في الحزب.
الشيخ إسماعيل هنية لم يكن الأول ولن يكون الأخير في سياسة الاغتيالات الإسرائيلية، لكنه الاول الذي وعد جنود الجيش الإسرائيلي بأنّهم سيجدون أنفسهم “غرقى في رمال غزة”. وانه في الوقت نفسه كان المفاوض الفلسطيني الأبرز في محادثات وقف النار غير المباشرة الجارية بين حماس وإسرائيل بوساطة أميركية قطرية مصرية.
هنية وبإجماع العديد من المحللين السياسيين كان الواجهة السياسية والدبلوماسية لحماس ذلك أنّه يرتبط بعلاقات وثيقة مع قادة كبار وحكومات وشخصيات في قطر وتركيا وإيران ومصر وغيرها من دول المنطقة. كما كان حلقة الوصل الأساسية بين جناحَي حماس السياسي والعسكري.
نتنياهو قرّر أن يصوّب غاراته على محور إيران بأكمله. فقد فاجأ العالم بضربات ثلاث: ضربة بيروت حيث سقط فؤاد شكر اليد العسكرية لحسن نصر الله، وضربة طهران حيث سقط رئيس حركة حماس إسماعيل هنية، وقبل ذلك قصف ميناء الحديدة اليمني والحاق إصابات بالغة به.