جبريل الملاك وجبريل الرجوب ورضوان الجزائري
الإعلامي أحمد حازم
جبريل -عليه السلام- اسم كبير الملائكة عند الله، وصاحب حمل الرسائل إلى الأنبياء جميعًا. ولو كنت صاحب قرار في من يستحق تسميته بأسماء الانبياء والملائكة لأمرت فورا بإلغاء اسم (محمود) عن رئيس السلطة الفلسطينية، وإلغاء اسم (جبريل) عن جبريل الرجوب القيادي (نظريا) في اللجنة المركزية لحركة فتح، لأنهما أساءا بشكل كبير لرمزية هذين الاسمين دينيا وسياسيا.
لنبقى في الحديث عن جبريل الرجوب لان فحوى المقال يدور حوله. يقول المثل الشعبي الفلسطيني والأمثال نجمت بطبيعة الحال عن تجارب: “عادة في البدن لا يغيرها الا الكفن” ويضرب هذا المثل في الأشخاص الذين يملكون عادات سيئة ولا يغيرونها.
ما دفعتي لكتابة هذا المقال تصريح لرئيس اللجنة الأولمبية الفلسطينية جبريل الرجوب لـوكالة الصحافة الفرنسية، من مقرّ البعثة الفلسطينية في باريس بعد يوم من حفل افتتاح أولمبياد باريس على نهر السين، قال فيه الرجوب إنه لن يطلب من رياضييه المشاركين في الألعاب الأولمبية في باريس الانسحاب بحال أوقعتهم القرعة مع لاعبين إسرائيليين، وذلك بموازاة الحرب الدائرة في غزّة: “لم أعطِ هكذا تعليمات ولن أعطيها بالانسحاب”.
لا شك أنَّ تصريحات جبريل الرجوب تحمل رسائل معينة يريد ايصالها عبر مشاركة فلسطينية في أولمبياد باريس خصوصا ان الرجوب الذي يرأس أيضا الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم قال: “لن أطلب أبدًا هذا الشيء وأطلب من الرياضيين الالتزام بالشرعة الأولمبية”.
ما شاء الله على جبريل “بعرف يلعبها”. لكن من حقنا التساؤل عن السبب وراء تصريحات الرجوب. باعتقادي أن الرجوب “ما في حدا أجبره” على هكذا تصريحات، وقد أدلى بها طوعا ونفاقا وتملقا للجانب الإسرائيلي. ويريد إبلاغ رسالة انه “يحترم” العلاقة مع الكيان الإسرائيلي وأن الحرب على غزة لا علاقة لها بالرياضة.
تصريحات الرجوب تأتي في وقت يقرر فيه لاعب الجودو الجزائري رضوان مسعود الانسحاب من منافسات اولمبياد باريس بوزن تحت 73 كيلوغراما، قبل يوم واحد من مواجهة الإسرائيلي توهار بوتبو. وهذا المشهد يتكرر طوال التاريخ الأولمبي. وفي العام 2021، انسحب لاعب الجودو الجزائري فتحي نورين من أولمبياد طوكيو لتجنب نزال محتمل أمام الرياضي الإسرائيلي.
سياسي فلسطيني كبير ومعروف (أعتذر عن ذكر اسمه بناء على طلبه) قال لي خلال مكالمة هاتفية عن الرجوب: “زلمي بدو يحافظ على الامتيازات الخدماتية الموفرة اليه إسرائيليا خصوصا جواز سفره (V.I.P)”. وهنا لا بد من الإشارة إلى أن البعثة الفلسطينية تشارك بثمانية رياضيين في أولمبياد باريس 2024، باحثة عن تحقيق أول ميدالية في تاريخها.
تصرف جبريل الرجوب لم يكن غريبا على المواطن الفلسطيني. فتاريخه يشهد عليه. والفلسطيني في رام الله وعلى سبيل المثال لا ينسى فضيحتي حصار المختبئين في كنيسة المهد، وأزمة مقر الأمن الوقائي في العام 2004.
فضيحة أخرى: في صيف عام 2002 التقيت بالفلسطينية سعاد سرور احدى ضحايا صبرا وشاتيلا في العاصمة البلجيكية بروكسل، وكانت هناك لتقديم دعوى قضائية ضد شارون. وأخبرتني سعاد بأن الرجوب اتصل بها وطلب منها سحب الدعوى، بقوله لها: “بلا سخافة اسحبي الدعوى”. لكنها رفضت كليا واستمرت فيها. واذا كان الرجوب ينسى فالتاريخ الفلسطيني لا ينسى. وما دام الشيء بالشي يذكر، بقي علينا القول وحسب اللجنة الفلسطينية الأولمبية، إن 400 رياضي فلسطيني قتلوا منذ بداية الحرب على غزة في الثامن من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.
السؤال الذي يطرح نفسه: إذا كان الميثاق الأولمبي ضد الحرب، وإسرائيل تشن حربا على غزة منذ حوالي عشرة شهور، فلماذا رفضت اللجنة الأولمبية الدولية طلب إقصاء اسرائيل عن المشاركة في أولمبياد باريس بسبب خرق الميثاق الأولمبي؟ وفي هذه الحالة هل اسرائيل مؤهلة أخلاقيا للمشاركة؟
وللتذكير فقط، فإن بيتر بالتشيك، لاعب الجودو الإسرائيلي الذي تم تعيينه كأحد حاملي العلم الإسرائيلي في حفل افتتاح أولمبياد باريس، كان قد نشره صورا على وسائل التواصل الاجتماعي لصواريخ إسرائيلية مع تعليق “هدية مني إليكم بكل سرور”. أليس هذا انتهاكًا واضحًا لرسالة الرياضة؟