أخبار وتقاريرعرب ودولي

الغارديان: لا يغر نتنياهو تصفيق الجمهوريين الحاد له فخطابه علامة على تراجع الدعم الحزبي الأمريكي له ولإسرائيل

نشرت صحيفة “الغارديان” مقال رأي كتبه الباحث في معهد كوينسي إيلي كليفتون قال فيه إن نتنياهو مسؤول عن التراجع الكبير في الإجماع الأمريكي المؤيد لإسرائيل، وإن خطابه أمام الكونغرس ربما بدا انتصارا، فهو من أكثر الزعماء الأجانب الذين خاطبوا الكونغرس وقوطع عدة مرات بتصفيق حاد من المشرعين، إلا أن الأحداث السياسية التي تقف وراء كلمته تكشف أن مسيرته السياسية والإجماع بين الحزبين في الكونغرس على تأييد إسرائيل في تراجع مستمر.

ففي إسرائيل لم يكن نتنياهو يستطيع التفكير حتى في أحلامه بالحصول على جمهور متحمس كهذا. ويريد 74% من الإسرائيليين استقالته بسبب فشله في منع هجمات 7 تشرين الأول/أكتوبر. كما ويدعم 72% صفقة للإفراج عن الأسرى ويرونها أهم من هدف تدمير حماس. ورغم زعم نتنياهو أنه يعمل ما بقدره لـ “جلب أسرانا إلى البيت” لكنه بدا رافضا لصفقة الأسرى في خطابه أمام الكونغرس، وأعلن أن على “إسرائيل الحفاظ على السيطرة الأمنية على غزة ومنع عودة الإرهاب والتأكد من أن غزة لن تمثل أبدا تهديدا على إسرائيل”، وهو هدف حربي يقول القادة العسكريون إنه غير قابل للتنفيذ وشرط لن تقبل به حماس أبدا.

وبالتأكيد بهّر نتنياهو خطابه بسلسلة من المزاعم الكاذبة، مثل زعمه أنه “بالتحديد في رفح لم يقتل مدنيون” مع أن التقارير اليومية تظهر قتلى من الأطفال والنساء في رفح بسبب الغارات الجوية عليها والمناطق المحيطة بها. كما حاول التقليل من دور إسرائيل في تجويع السكان.

وزعم أن إسرائيل تعمل على “منع نشر الجنود الأمريكيين وفي الوقت نفسه تحمي المصالح المشتركة في الشرق الأوسط”، وحذف حسب رغبته رقم 4,492 جنديا أمريكيا قتلوا في العراق، وهي الحرب التي ضغط نتنياهو على الكونغرس لشنها في عام 2002.

ويرى الكاتب أن نتنياهو يلقي خطابه الرابع أمام جلسة مشتركة للكونغرس، لكن المشهد السياسي الأمريكي قد تغير تحت قدميه، وخلق رأيا عاما أقل ترحيبا مما يقترحه تصفيق المشرعين في الكونغرس. فقد قاطع نصف أعضاء مجلس الشيوخ كلمة نتنياهو، فيما تظاهر الآلاف خارج الكابيتال هيل، مما كشف عن التراجع الحاد لدعم الحرب الإسرائيلية في غزة وعلى مدى التسعة أشهر الماضية. وقبل أن ينسحب بايدن من السباق الرئاسي، قال 38% من الناخبين إنهم قد لا يصوتون له بسبب طريقة إدارته للحرب على غزة. وبحسب تقرير لمؤسسة القرن “هناك الكثير من الناخبين، بمن فيهم المستقلون وفي الولايات المتأرجحة وناشطو الحزب الديمقراطي، غاضبين من دعم بايدن الذي لا يتزعزع لإسرائيل”.

ورغم استمرار الدعم القوي لإسرائيل وسط الحزب الجمهوري، وظهور الأعلام الإسرائيلية في قاعة المؤتمرات التي انعقد فيها مؤتمر الجمهوريين في الأسبوع الماضي إلى جانب التصفيق الحار الذي صفقه المشرعون الجمهوريون لخطاب نتنياهو، إلا أن ذلك الدعم تزامن مع مئات الملايين من الدولارات التي ضختها الإسرائيلية- الأمريكية مريام أديلسون، التي كانت وزوجها الراحل شيلدون إديلسون من كبار المتبرعين للحزب الجمهوري ومنذ بداية القرن الحالي. مما طرح أسئلة حول طبيعة دعم الجمهوريين لإسرائيل وإن كان مسألة تهمهم أم أنها مجرد تعاقد للحصول على المساهمات للحملة الانتخابية.

ويرى الكاتب أن فوز السناتور الجمهوري في كنتاكي راند بول، والنائب الجمهوري عن نفس الولاية توماس ماسي، وكلاهما ناقد لإسرائيل، يقترح رغبة داخل الجمهوريين ببناء علاقات متوازنة مع إسرائيل.

وتم التخطيط لرحلة نتنياهو إلى واشنطن قبل انسحاب بايدن من السباق الرئاسي، مما يطرح أسئلة حول الكيفية التي ستدير فيها كامالا هاريس العلاقة مع إسرائيل. فالإدارة التي تعتبر جزءا منها نزف كثيرا بسبب الدعم لإسرائيل، وهذا واضح في ولاية ميتشغان حيث تعيش كتلة عربية مسلمة من 100 ألف ناخب، وعبر أفرادها عن عدم رضا من دعم بايدن لإسرائيل وحربها على غزة، وقال هؤلاء إنهم لن يلتزموا بانتخاب بايدن في مؤتمر الحزب الديمقراطي.

وهناك ضغوط متزايدة على هاريس لكي تبعد نفسها عن استراتيجية “عناق الدب” التي مارسها بايدن مع نتنياهو، على أمل ممارسة النفوذ الأمريكي على إسرائيل والتهديد بوقف صنبور السلاح لو لم تستجب إسرائيل للمطالب الأمريكية.

وربما بدا خطاب نتنياهو انتصارا سياسيا، إلا أن الامتحان الحقيقي سيأتي عندما تضع هاريس أجندة السياسة الخارجية لحملتها الرئاسية. ولو كانت مقاطعة المشرعين الديمقراطيين لخطاب نتنياهو وآلاف المحتجين خارج الكابيتال هيل دليلا على المد السياسي في الحزب الديمقراطي، فلربما توصلت هاريس إلى أن الوقت قد حان لمزيد من الوضوح السياسي بين الولايات المتحدة ونتنياهو وإبعاد أمريكا عن مقتل 40 ألف فلسطيني على يد الجيش الإسرائيلي في غزة واشتراط الدعم العسكري بوقف إطلاق النار وصفقة مع حماس للإفراج عن الأسرى. ومن شأن مثل هذه الخطوة أن تجعل خطاب نتنياهو بمثابة نقطة تحول رمزية وواضحة للغاية في الدعم الحزبي الأمريكي الذي تمتع به طوال حياته السياسية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى