هل نتوقع عودة ترامب إلى الرئاسة؟ وماذا بعد؟
الإعلامي احمد حازم
عندما تسلَّم دونالد ترامب الرئاسة الامريكية في العام 2016، أحدث انقلابا في السياسة الأمريكية الخارجية ولا سيما في الشرق الأوسط وبالتحديد تجاه إسرائيل، فقد أعلنت إدارة ترامب رسميا في السادس من شهر ديسمبر عام 2017، عن اعترافها بالقدس عاصمة لإسرائيل. كما أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية عن البدء بعملية بناء سفارة أمريكية جديدة في القدس.
وفي عهد ترامب تمَّ اغلاق مكتب بعثة منظمة التحرير الفلسطينية وقطع تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا) التي تقدم الدعم لخمسة ملايين لاجئ فلسطيني في الشرق الأوسط.
وفي فترة رئاسة ترامب تمَّ التوصل إلى “اتفاقات ابراهام”، حيث وقعت اسرائيل والإمارات والبحرين، في البيت الأبيض على اتفاقيات لتطبيع العلاقات برعاية الولايات المتحدة في منتصف سبتمبر/ أيلول 2020 وتبعها بعد ذلك تطبيع السودان والمغرب مع إسرائيل. ولا ننسى أن ترامب أعلن عن انسحاب بلاده من الاتفاق النووي المبرم مع إيران عام 2015 واصفا إياه بالكارثي.
كل ذلك حدث في عهد ترامب الذي فشل في البقاء على كرسي الرئاسة الامريكية مرة ثانية خلال منافسته للرئيس الحالي بايدن، لكنه لم ييأس بعد أربع سنوات، وها هو يعود الآن مجددا لمنافسة خصمه السابق بايدن في الجلوس على الكرسي رقم واحد في البيت الأبيض. ولكن ماذا لو عاد ترامب إلى الرئاسة الامريكية؟
نتنياهو يراهن على الوقت، لأنَّ هناك فرصة لعودة الرئيس السابق دونالد ترامب إلي البيت الأبيض. ففي عهده حققت إسرائيل أغلب أهدافها الاستراتيجية حتى أن إدارة الرئيس السابق اعترفت بحق إسرائيل في الوصول إلى غور نهر الأردن واعترفت أيضا بالسيادة الإسرائيلية على هضبة الجولان.
كافة المؤشرات والمعطيات الحالية تشير إلى أنّ ترامب سيعود لحكم الولايات المتحدة رغم الاتهامات الموجهة إليه. خلال معركته الانتخابية الحالية ضد منافسه بايدن، بدا ترامب متناقضًا في تصريحاته؛ فخلال مقابلة أجراها مع شبكة “فوكس نيوز” مطلع مارس الجاري، عبّر ترامب عن دعمه للحرب التي تشنها اسرائيل على قطاع غزة، ليعود لاحقًا، أواخر الشهر ذاته، ليقول إن إسرائيل تفقد الدعم الدولي وعليها إنهاء الحرب على غزة. وقال ترامب في مقابلة مع صحيفة “يسرائيل هيوم” في الخامس والعشرين من شهر مارس /آذار الماضي -موجها كلامه لإسرائيل:
“عليكم أن تنجزوا الحرب. أن تنهوها. يجب أن تنتهوا منها”. لكن الجزء الثاني من تصريحه حول غزة، لا يعني أبدا انه ضد استمرار الحرب. صحيفة “نيويورك تايمز” وفي عددها الصادر في الأول من مارس/آذار العام الحالي، سلطت الضوء على مواقف ترامب، وقالت إنه انتقد في البداية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ثم تراجع بسرعة ويدلي بتصريحات تعبر عن دعمه لإسرائيل، بقوله “إن هجوم حماس لم يكن ليحدث أبدًا لو كان رئيسًا”.
المتوقع من ترامب في حال إعادة انتخابه، أن يطلق يد إسرائيل في غزة والأراضي الفلسطينية أكثر من الرئيس جو بايدن، رغم أن الأخير يعطى دعما واسعا لإسرائيل، وكل ما يجرى تسريبه في الإعلام الغربي والإسرائيلي عن خلافات بينه وبين نتنياهو لا يؤثر ابدا على العلاقة بين أمريكا وإسرائيل، هذا اذا كانت هناك خلافات موجودة بالفعل.
المتوقع في فترة ترامب الجديدة، توسع الاستيطان، بمعنى الاستمرار في سياسات الحرب والاستيطان أو على الأقل ضمان عدم وجود ازعاج أمريكي أو بالأحرى ربما سيكون هناك مشروع لضم أراض جديدة وتقويض للقضية الفلسطينية، واستهداف للفصائل والحركات الفلسطينية بصورة كاملة، مع حماية أمريكية لسياسات إسرائيل أكثر مما هي موجودة بالفعل.
وعلى الجانب الآخر، سوف تسعى إدارة ترامب إلى توسيع نطاق الاتفاقات الابراهيمية للتطبيع مع إسرائيل والتي بدأتها في نهاية ولايتها السابقة، بما تشمل السعودية، التي تجمع ترامب بالمسئولين فيها علاقات وثيقة، وكذلك الدول العربية الأخرى التي لم تمض بعد على هذا المضمار.
وماذا عن جبهة الشمال في القتال الدائر مع حزب الله؟ وهل وصول ترامب يرفع من احتمالات شنّ حرب إسرائيلية على لبنان؟ واضح ان كافة الرؤساء الأمريكيين يدعمون إسرائيل دعما بلا حدود منذ تأسيسها. النائب اللبناني علي فياض يرى أن لا مصلحة لأميركا بتوسّع الحرب وأنّ وقوعها سيهدّد المصالح الأميركية في المنطقة بأسرها. ويستدل من هذا القول أنّ السياسة الأميركية، حتى لو حصل تغيير وفاز دونالد ترامب، فإنّ هذا لن يؤدّي إلى وجود تغيّرات جذرية فيها رغم وجود تباينات في السياسة بين الحزبين المتنافسين (الحزب الديمقراطي والحزب الجمهوري)، لكن ليس لدرجة تغيير سياسة أميركا العامة مع إسرائيل وعلاقتها معها.