هم يقولون ونتنياهو “مطنش”.. اجتياح رفح لن يحقق أهداف الحرب
الإعلامي أحمد حازم
العالم ضد الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، بدليل أنَّ غالبية الدول الأعضاء في الأمم المتحدة (143 دولة) طالبت بوقفها، كما أنَّ غالبية الدول الأعضاء في مجلس الامن (12 من أصل 15) طالبت أيضا بوقف هذه الحرب، لكن إسرائيل مثل “الأطرش بالزفة” تجاهلت هذه المطالبة معتمدة على الفيتو الأمريكي الذي يبقي الضوء الأخضر أمامها لمواصلة عمليات القتل والتهجير. الجيش الإسرائيلي الذي يقول عنه أحفاد بن غوريون في دولة قانون القومية إنه “أكثر الجيوش أخلاقية في العالم” هل يتصرف بالفعل “بأخلاقية” في حربه على فلسطينيي قطاع غزة؟
اسمعوا ما تقوله مجلة “إيكونوميست” البريطانية الواسعة الانتشار في العالم: “إنَّ جيش الاحتلال متهم بالفشل إستراتيجيًا وعسكريًا وأخلاقيًا في حربه على قطاع غزة، وإنَّ إسرائيل خسرت معركة الرأي العام العالمي حتى من أقرب حلفائها”. ما قالته المجلة البريطانية يعني أنّ الجيش الإسرائيلي لم يفشل أخلاقيا فقط، بل عسكريا أيضا، في حربه على غزة التي أسماها “السيوف الحديدية”.
لنترك الاعلام الغربي جانبا، ونسمع ما يقوله محللون وقادة سياسيون وعسكريون إسرائيليون. محللون إسرائيليون يرون أن اجتياح رفح لن يغير صورة وضع الحرب على غزة، وأن مواقف قادة جهاز الأمن الإسرائيلي لا ترى أي فائدة لإسرائيل من اجتياح كهذا، وإنما ربما تزيد من ورطتها. المحلل العسكري في صحيفة “هآرتس”، عاموس هرئيل، يرى أن “الجيش الإسرائيلي قادر على احتلال رفح والسؤال هو ما الذي سيحققه الجيش من احتلالها”، وهذا يعني ان لا فائدة من هذا الاحتلال.
رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود باراك، قال في مقابلة مع موقع “واي نت” الإخباري في منتصف شهر أكتوبر الماضي، موجها كلامه لنتنياهو: “لا يمكن القضاء على حركة حماس”. وفي الخامس والعشرين من الشهر الحالي دعا رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق ايهود اولمرت إلى “وقف العملية العسكرية في رفح وإنهاء الحرب المتعثرة في غزة من أجل إعادة المختطفين”.
أولمرت الذي تولى منصب رئيس الوزراء بين عامي 2006 ـ 2009، ذهب إلى أبعد من ذلك في المقابلة التي أجرتها معه إذاعة “كان” الرسمية بقوله: “لا فرصة لتحقيق النصر الكامل أو التدمير النهائي لحماس”. ما تتعرض له إسرائيل الآن في المحاكم الدولية تنبأ به أولمرت في مقابلته، حيث حذَّر من أن ما تفعله إسرائيل بالفلسطينيين “سينفجر في وجه إسرائيل أمام محكمة دولية وأن الحرب في غزة، لا تخدم أي مصلحة لإسرائيل، ويجب وقف العملية العسكرية في رفح وإنهاء الحرب المتعثرة في غزة من أجل إعادة المختطفين”.
وزير الأمن يوآف غالانت، ورئيس أركان الجيش، هيرتسي هليفي، لهما أيضا راي آخر مع قناعتهما بأنَّ اجتياح رفح سيلحق ضررا بكتائب حماس والبنية التحتية للحركة إلا انهما قالا لنتنياهو إنَّ “الاجتياح لن يؤدي إلى انتصار حاسم على حماس، خلافا لوعوده للجمهور”.
الرئيس السابق لجهاز المخابرات العسكرية “أمان”، أهارون زئيفي فركش، قال للقناة 12 العبرية، إنّه “لم يُحدد هدف نهائي لهذه الحرب بعد ثمانية أشهر على اندلاعها وأنّ كل هذه الأمور تقود إسرائيل إلى هذا التدهور في منظومة العلاقات الشاملة، بما فيها السياسية والعسكرية”.
عضو “الكنيست” السابق، عوفر شيلح، يرى أنّ المشكلة في معركة رفح هي أنّها “لا تمنح التقدم لإسرائيل في أي شيء نحو أهداف الحرب، والقضاء على التهديد الأمني ضدها من قطاع غزة وإعادة الأسرى”. حتى أنَّ الحليف القوي لنتنياهو، رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، تساحي هنغبي، أفهم نتنياهو أنّ إسرائيل لم تحقّق أي هدفٍ من أهداف حربها على غزة.
الحرب لغاية الآن على غزة ورغم مرور ثمانية أشهر، فشلت في أهدافها الرئيسية الثلاثة: فشل تحقيق أي هدف من الأهداف الاستراتيجية للحرب، فشل إُسقاط حماس وفشل إعادة سكان الغلاف إلى منازلهم بأمان.
إذا كان الجيش الإسرائيلي لم يستطع لغاية الآن -أي بعد 238 يوما من القصف والتدمير اليومي باستخدام أقوى وأحدث الأسلحة- هزيمة حركة حماس في قطاع غزة، فمن المفترض بنتنياهو الاعتراف بالفشل والاستيعاب باستحالة تحقيق اهداف الحرب.
ولكن ماذا يعني استمرار الحرب؟ على هذا السؤال يجيب اللواء إسحاق بريك بقوله “إنّ ما يحدث في غزة في الوقت الحالي هو حرب استنزاف، وإنّ إطالتها ستؤدي إلى انهيار الجيش والاقتصاد في إسرائيل”.