في ذكرى النكبة.. المسجد الأقصى تنتظره انتهاكات إسرائيلية بالأعلام (شاهد)
فور انتهاء جماعات الهيكل المتطرفة من برنامجها الحافل بالانتهاكات الذي نفذه المستوطنون داخل ساحات المسجد الأقصى في القدس المحتلة خلال عيد الفصح في أبريل/نيسان الماضي، أطلقت عريضة لجمع تواقيع مؤيدة ومطالبة برفع 500 علم إسرائيلي في المسجد المبارك بما يسمى “يوم الاستقلال” الإسرائيلي في 14 مايو/أيار من كل عام.
وبالإضافة لجهود جمع التواقيع، فإن صفحات جماعات الهيكل وقادة هذه الجماعات عجّت بتصاميم خاصة أُدخلت إلى بعضها تقنية الذكاء الاصطناعي لتشجيع أنصارها على القيام بهذه الخطوة في أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين.
وفي 24 أبريل/نيسان المنصرم، بدأت الجماعات المتطرفة بالتحضير لنصب لافتة ضخمة في طريق “أيالون” السريع الذي يربط عدة مدن ببعضها. ومطلع مايو/أيار الجاري، نُصبت اللافتة التي كُتب عليها بالعبرية “في يوم الاستقلال يُرفع العلم على جبل الهيكل”.
وسارع قادة جماعات الهيكل لنشر هذه اللافتة على صفحاتهم في منصات التواصل، ومن بينهم الصحفي أرنون سيغال الذي كتب “لم نحتل جبل الهيكل بعد، لكن إليكم الإشارة في ممرات أيالون”.
منافسة وتحريض
وبينما تحيي المؤسسة الإسرائيلية في 14 مايو/أيار “يوم الاستقلال” يحيي الفلسطينيون في 15 مايو/أيار الذكرى السنوية للنكبة وقيام إسرائيل على جماجمهم وأنقاض مدنهم وقراهم.
أما الرئيس التنفيذي لمنظمة “جبل الهيكل بين أيدينا” توم نيساني فكتب “الآن المهمة القادمة ملء جبل الهيكل بأعلام إسرائيل في وجه حماس وحزب الله وإيران”.
وعلى صفحة المنظمة التي يديرها، نُشرت إعلانات وتصاميم مختلفة مع رابط للتوقيع على العريضة، ولحشد المستوطنين للإقدام على هذا الانتهاك في المسجد الأقصى، وصاحب الإعلانات عبارات عدة أبرزها “حان الوقت لإظهار السيادة الحقيقية على جبل الهيكل، الأسبوع المقبل عيد الاستقلال الـ76 لدولة إسرائيل.. نرفع العلم على جبل الهيكل أقدس مكان لأمة إسرائيل”.
وتعتبر هذه المرة الثانية التي تسعى فيها الجماعات المتطرفة لرفع العلم الإسرائيلي بشكل جماعي في الأقصى، منذ اندلاع الحرب على غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، حيث سبقها دعوات مماثلة بداية العدوان، إضافة إلى عدة محاولات لرفعه خاصة خلال الاقتحام الجماعي الذي ينفذ بيوم “توحيد القدس” الذي تتخلله مسيرة الأعلام الضخمة.
تغطية صحفية: جماعات استيطانية تدعو لرفع أعلام دولة الاحتلال الإسرائيلي في المسجد الأقصى يوم الثلاثاء المقبل في ذكرى النكبة الفلسطينية pic.twitter.com/PWqU8SgjdX
— شبكة قدس الإخبارية (@qudsn) May 12, 2024
علم واحد بالقدس
وفي هذه المناسبة من عام 2022 اقتحم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو -زعيم المعارضة حينها- ساحة البراق، وقال أثناء تلويحه بالعلم الإسرائيلي “نحن نحتفل اليوم بيوم توحيد القدس، فقط علم واحد.. العلم الأزرق والأبيض سيرفع في القدس”.
يقول الأكاديمي والخبير بالشأن الإسرائيلي محمد هلسة -في حديث معه- إن نتنياهو وفي إطار محاولة مقايضة اليمين الذي يتكئ عليه بائتلافه الحكومي خاصة الشق الديني القومي، فإنه يرى في المسجد الأقصى والضفة الغربية مساحة يعوض بها اليمين عن انسداد الأفق في غزة، ويراهن على أنه في لحظة من اللحظات قد تجري ترتيبات سياسية داخل غزة تفضي إلى انتهاء هذه الحرب، وبالتالي سيدخل في صراع مع اليمين الذي يود ألا ينتهي العدوان.
و”إذا حدث انسداد في الأفق سياسيا وعسكريا في غزة فإن التعويض لهذا اليمين هو جبهة الضفة والأقصى، فهو يقول لهم بشكل واضح لا تقلقوا لدينا ساحات أخرى نعوضكم فيها لتنفيس رغباتكم ومآربكم” وفق هلسة.
ولا يمكن فصل أجندة وزير الأمن الإسرائيلي إيتمار بن غفير عن حملة الحشد غير المسبوقة لرفع العلم الإسرائيلي بالأقصى، وأشار هلسة إلى أن “هذا الوزير المتطرف جعل من هذا المقدس مادة دسمة لدعايته الانتخابية وكان إحدى الروافع التي ساهمت في وصوله للحكم”.
ما يسمى "مدرسة جبل المعبد الدينية" تنضم إلى الجماعات المتطرفة الداعية لرفع علم الاحتلال داخل #المسجد_الأقصى يوم الثلاثاء القادم 15-5-2024، بمناسبة ما يسمى "عيد الاستقلال" الذي يوافق ذكرى النكبة الفلسطينية.
وقالت الجماعة في الإعلان: (سنحج الى جبل المعبد في يوم الاستقلال، وسنصلي… pic.twitter.com/wL7kqyuUlh
— Dr. Abdallah Marouf د. عبدالله معروف (@AbdallahMarouf) May 12, 2024
كسر الخطوط الحُمر
وأضاف هلسة أنه منذ تولي بن غفير منصبه الذي يسيطر من خلاله على الشرطة، نجح في إحكام قبضته عليها واستطاع تطويع كثير من القيادات التي كانت تعارض سياسته واستبدلها بقيادات تناسبه، وهذا ما ساهم في تجاوز، بل وكسر الخطوط الحمر التي رسمتها الحكومات الإسرائيلية السابقة، فيما يخص القضايا الخلافية مع الفلسطينيين، ومن بينها المسجد الأقصى.
وحول توقعاته عن إمكانية نجاح خطوة المتطرفين في رفع مئات الأعلام الإسرائيلية داخل المسجد الأقصى، يوم الثلاثاء، قال هلسة “ستتغاضى الشرطة وستتساهل مع المقتحمين وستكون أكثر حدة تجاه المصلين، وهذا مرده للظروف التي خلفتها الحرب وشعور المستوطن والشرطي بأن الدولة بكل مستوياتها متماهية معه وتتقاطع مع أهدافه”.
وختم الأكاديمي المقدسي حديثه بالقول إن الظروف مواتية لتحقيق هذا الانتهاك بخلاف مرات سابقة، مرجحا أن “يسمح بن غفير بهذا السلوك، كما نجح في كسر الخطوط الحمر في قضايا كان الكثير يعتقدها صعبة التحقق من طرف المستوطنين وجماعات الهيكل”.
و”تخدم الظروف حدوث ذلك في الأقصى لأن الناس منهكة والعالم العربي الذي يشاهد قتل الفلسطينيين وتمزيق أشلائهم في غزة دون حراك، لن يحركه رفع العلم الإسرائيلي في المسجد الأقصى” يضيف هلسة.
اهتمام خاص
ورغم أن العلم يعتبر رمزا من رموز الدول، فإن إسرائيل تولي أهمية خاصة لعلمها، فمثلا يخصص متحف “بلاد الكتاب المقدس” -المقام على أراضي قرية لفتا المقدسية المهجرة عام 1948- قاعة للعًلم الذي تُروى قصته ويتم الحديث عن أهميته من عدة نواحٍ.
وفي القاعة تعرض إدارة المتحف علما إسرائيليا قديما ضخما على طاولة تعلوها إضاءة بيضاء وزرقاء، وتأخذ الإضاءة زوار القاعة في رحلة تجذبهم للتعاطف مع إسرائيل، وبجوار أحد الأعلام الصغيرة كُتب “هذا العلم يرمز إلى قدرة الأمم على العمل معا بنجاح في الفضاء كما على الكرة الأرضية أيضا”.
ويُعرض في القاعة أيضا علم إسرائيل الذي أطلق إلى الفضاء على متن أول رحلة دولية عام 1975، وقُدّم حينها هدية لرئيس الدولة بعد توقيعه من رواد الفضاء الأميركيين الثلاثة الذين شاركوا في الرحلة.
المصدر: الجزيرة