افهموا جيدًا موقف الشيخ رائد من الأعراس وتصرفوا على أساسه إن كنتم تعقلون
الإعلامي احمد حازم
اقرأ الكثير من المقالات في المواقع الإلكترونية الإخبارية (عربية كانت أو ألمانية) وفي مجتمعنا العربي أتصفح مواقع تحترم القارئ وتحترم نفسها، وما أقلها في هذا المجتمع الذي أصبح من المجتمعات المشهورة بالعنف والقتل. لكني أقولها صراحة اني أقرأ كل المقالات التي تنشر في هذا الموقع. حتى وإن كنت في بعض الأحيان مقصرًا في قراءة البعض منها، إلا اني من المدمنين أسبوعيًا على قراءة مقالي الشيخين.
فضيلة الشيخ رائد صلاح ليس رجل دين فحسب، بل هو مفكر بامتياز. وعندما التقيه أتذكر لقائي في بيروت مع مفتي الديار الفلسطينية الراحل الحاج أمين الحسيني في عام 1972، فكلاهما لديهما ميزتان، الأولى: طلعة بهية وكأنها تشع بالنور، وثانيهما، تلاقي في الكثير من المواقف الفكرية والسياسية. واذا كان الراحل المفتي ابن القدس فارسًا للقضية الفلسطينية، فالشيخ رائد أطال الله بعمره، هو شيخ الأقصى. وانا سمحت لنفسي قول ذلك لأني عرفت الاثنين عن قرب.
قرأت المقال الأخير للشيخ بعنوان “حتى لا تكون الكارثة الإنسانية بغزة لا بواكي لها” يتحدث فيه فضيلته عن النواحي الإنسانية والأخلاقية المفروض بنا التعامل معها تجاه غزة موجها كلامه لهؤلاء الذين يحتفلون بالأعراس وكأن شيئا لم يحدث.
يقول الشيخ: “المطلوب منّا أن نُحسن التعبير عن بواعث فرحنا في هذه الأيام على اعتبار أنها أيام بلاء شديد، وما يسعنا في الأيام العادية لا يسعنا في هذه الأيام التي هي أيام بلاء شديد، وإلا ماذا نُسمي الكارثة الإنسانية بغزة!!، وماذا نُسمي الأرقام المهولة التي تتحدث عن ضحايا هذه الكارثة الإنسانية بغزة بعامة؟! وماذا نُسمي الأرقام المهولة التي تتحدث عن عدد المساجد والكنائس والجامعات والمدارس والمستشفيات والبيوت السكنية التي وقع عليها الدمار في هذه الكارثة الإنسانية بغزة”. ما يريد الشيخ افهامه للناس أنّ يكون لديهم الحس الإنساني والأخلاقي في الاحتفال بأعراس أولادهم وبناتهم تجاه ما يجري في غزة، وهو لا يطالب هؤلاء بإلغاء الاحتفالات، بل على الأقل اختصارها في هذا الظرف الكارثي لغزة.
يتحدث الشيخ رائد في مقاله عن ثلاث نقاط مهمة: الشرعية، المروة والإنسانية التي يجب ان تكون أسبابا لعدم المبالغة في الأعراس في هذا الوقت العصيب، لأنه ليس وقتا عاديا كما كان قبل نصف عام. ويوجه الشيخ كلامه لهؤلاء الذين يدّعون بالحزن على الكارثة الإنسانية بغزة “وفي الوقت نفسه نُزين سيارات أعراسهم بزينة لم يحظ بها فرعون وهامان وقارون والنمرود”. ويتساءل الشيخ وهو على حق: كيف يمكن لأصحاب الاعراس أن يكونوا صادقين عند قولهم: “تكسرت قلوبنا بسبب الكارثة الإنسانية بغزة، وفي الوقت نفسه نقيم الليالي الملاح قُبيل يوم العرس، ونستبيح في هذه الأيام دعوة أشهر المطربين، ولا نتردد أن نصفق له وهو يغني، ولا نتردد أن نتمايل راقصين خلال غنائه، بل لا يتردد البعض منا من إطلاق الرصاص إلى الأعلى من سلاحه المشبوه” فهل هذا أمر معقول؟ فضيلة الشيخ يرد على هؤلاء بالقول انهم ليسوا صادقين في الميزان الشرعي وفي ميزان المروءة وفي ميزان الإنسانية.
الشيخ قالها بصريح العبارة إنّه ضد المشاركة في الاعراس في هذا الوقت وانه “لن يشارك في أي عرس، وليكن صاحبه من يكون، فأرجو المعذرة وأرجو ألا يدعوني أحد إلى عرسه أو عرس ابنه، فإني لن ألبي الدعوة وهذا ما أنصح به الجميع، وهو أقل التماثل مع الكارثة الإنسانية بغزة”.
من المؤكد أنَّ إعلان الشيخ عن عدم مشاركته في الاعراس يأتي “انطلاقا من ان إقامة حفلات الأعراس في ظلّ نزول البلاء على الأمّة يتنافى مع الرّوابط والوشائج الإيمانيّة، بل ويتنافى مع المبادئ والقيم الوطنيّة”. حسب رأي الدكتور مشهور فواز رئيس المجلس الإسلامي للإفتاء، وانطلاقا من قول أحد العارفين بالله تعالى: “من ضحك، أو استمتع، أو لبس ثوبًا مبخّرًا، أو ذهب إلى مواضع المتنزّهات أيّام نزول البلاء على المسلمين فهو والبهائم سواء”. فمن منا يرضى أن يكون في مستوى البهائم؟