استباحة كاملة دون مكاسب جوهرية.. هكذا مرّ عيد الفصح على المسجد الأقصى
استباح المستوطنون ساحات المسجد الأقصى خلال اقتحامات اليهود عيد الفصح الذي بدأ الاثنين الماضي وانتهى أمس الاثنين، ورغم أن عدد المقتحمين حطم رقما قياسيا بهذه المناسبة مقارنة مع العامين الماضيين اللذين حلّ بهما العيد، فإن الجماعات المتطرفة لم تُحقق مكاسب جوهرية خلاله.
ووفقا لدائرة الأوقاف الإسلامية في القدس، أُغلق باب المغاربة المخصص للاقتحامات، ظهر الاثنين، بعد اقتحام 4345 متطرفا ومتطرفة ساحات أولى القبلتين على مدار 5 أيام من الاقتحامات الخاصة بإحدى أكثر المناسبات أهمية لدى اليهود، لارتباط الفصح بما يسمونها قرابين “الشكر لله” على إنقاذ بني إسرائيل من الفرعون حسب معتقداتهم.
أبرز الانتهاكات
تخللت الاقتحامات طوال أيام العيد سلسلة انتهاكات للمسجد الأقصى ومحيطه وثقتها جهات رسمية وحقوقية، من أبرزها:
– تضييق شرطة الاحتلال على دخول المصلين إلى المسجد الشريف، واحتجاز الهويات الشخصية لبعضهم، ومنع الكثيرين من اجتياز حواجزها الثابتة أمام الأبواب.
– تعرض المبعدين عن المسجد الأقصى -الذين أصروا على الوجود قرب باب السلسلة- إلى مضايقات المستوطنين وشرطة الاحتلال، وتم طردهم من المكان كما طُرد المصلون الذين وجدوا أمام المصلى القبلي لتأمين مسار الاقتحامات.
– تعمد عدد من المتطرفين اقتحام المسجد الأقصى بالثياب التوراتية البيضاء، وهي أردية طبقة الكهنة التي تقود الصلوات في “الهيكل” حسب زعمهم.
– أدى المستوطنون صلواتهم التوراتية الجماعية والعلنية في المنطقة الشرقية بالأقصى، وغنوا وأدوا ترانيم دينية خلال سيرهم في الساحات، كما تلت إحدى المتطرفات نصوصا من التوراة مباشرة قرب مصلى باب الرحمة شرقي المسجد.
– في خامس أيام اقتحامات الفصح أدى المتطرفون صلاة علنية في الساحة الشرقية بقيادة حاخامات، من أجل شفاء وزير الأمن إيتمار بن غفير الذي أُصيب بحادث سير.
– في سابقة خطيرة أدى مستوطن طقس “بركات الكهنة” في الساحة الفاصلة بين باب السلسلة والبائكة الغربية المؤدية إلى صحن قبة الصخرة المشرفة، وهي المرة الأولى التي يجرؤ فيها المتطرفون على أداء هذا بالمنطقة بعدما اعتادوا على أداء كافة طقوسهم بالمنطقة الشرقية بعيدا عن الأنظار وبحراسة مشددة من الشرطة.
– من بين أبرز المقتحمين في عيد الفصح الحاخام المتطرف “يهودا غليك” وعضو الكنيست “عميت هاليفي” وقاد الجولات الإرشادية للمستوطنين كل من رئيس منظمة بيدينو “توم نيساني” والمستشرق الإسرائيلي “مردخاي كيدار” وغيرهم ممن قدموا الرواية التوراتية عن المكان.
– المتحدث باسم منظمات الهيكل المتطرفة “آساف فريد” -الذي انضم بداية الحرب لقوات الاحتياط- اقتحم المسجد الأقصى بالزي العسكري ونشر صورته أمام قبة الصخرة المشرفة وكتب “نرتدي زيّا رسميا لإكمال المهمة، وقبل الدخول في المعركة نصعد للصلاة أمام الله على الجبل المقدس.. لن نوقف الحرب حتى تتحقق جميع أهدافها”.
فشل الاحتلال
يقول عبد الله معروف أستاذ دراسات بيت المقدس بجامعة “إسطنبول 29 مايو” ومسؤول الإعلام والعلاقات العامة بالمسجد الأقصى سابقا “إن الجماعات المتطرفة كانت تنظر لهذا العام على أنه العام المفصلي فيما يتعلق بتنفيذ رؤيتها بتقديم القرابين الحيوانية داخل الأقصى استغلالا للحدث الكبير الدائر وهو الحرب على غزة، لكنها فشلت لعدم رغبة وسماح الأجهزة الأمنية الإسرائيلية وعلى رأسها الشاباك بذلك”.
وأضاف في تصريحات صحفية “خشيت الأجهزة الأمنية من ردة الفعل في حال سمحت بذبح القرابين داخل المسجد الأقصى، لأن إسرائيل لا تريد فتح جبهات جديدة عليها، وهذه إشارة إيجابية”.
لكن الأكاديمي الفلسطيني يرى أن المتطرفين تمكنوا هذا العام من تنفيذ كافة طقوسهم الدينية داخل الأقصى المبارك، إذ فتح لهم الباب للدخول بحرية مقابل منع المسلمين خلال أوقات الاقتحامات، وبذلك حاولت سلطات الاحتلال هذا العام تكريس واقع جديد عنوانه أن الأقصى أصبح مقدسا مشتركا للمسلمين واليهود.
الانفجار المؤجل
وإضافة لذلك أرادت سلطات الاحتلال القول إنه مقابل الهدوء النسبي الذي حظي به المسلمون في المسجد الأقصى خلال رمضان، فلا بد من تمتع اليهود به خلال عيد الفصح، حسب معروف.
وقد حصلت الجماعات المتطرفة على ذلك بالفعل، وهو ما وصفه معروف بأنه “خطير جدا” لأنه تكريس لواقع تريد سلطات الاحتلال تثبيته في المسجد وهو أنه مقدس يعامل الطرفان داخله بالمثل.
وأضاف معروف “الهدوء الكامل وتكريس أداء الطقوس الدينية داخل المسجد الأقصى باستثناء ذبح القرابين يمكن أن يعتبر نجاحا جزئيا لدولة الاحتلال، فهي وإن كانت قد فشلت في ذبح وتقديم القرابين فإنها نجحت بتمرير الاقتحامات دون أي ردة فعل، وبالتالي انتهى العيد بلا غالب ولا مغلوب”.
وختم الأكاديمي الفلسطيني حديثه باعتبار ما حدث تأجيلا لانفجار الصراع في المسجد الأقصى بسبب ظروف الحرب، ويشي بنية الاحتلال في المستقبل غير البعيد التقدم للخطوة الجذرية الأساسية بالأقصى الشريف، وهي إقامة طقوس القرابين وإكمال كافة الطقوس الدينية لإقامة المعبد معنويا في المسجد المبارك قبل إقامته مكانيا بشرط عدم وجود حرب تنشغل بها إسرائيل.
واختتم بالقول “وهنا مكمن الخطورة لأنه بات معروفا أن إسرائيل عملت على تحييد القدس والمسجد الأقصى خلال الحرب الحالية قدر المستطاع، وهذا يعني أنها تنتظر انتهاءها كي تهاجم هذا المقدس وتنفذ رؤيتها فيه بشكل كامل”.